استراتيجية اللاوعي

الجهل حليف الانتحار حين تريد ان تنقذ الغريق وانت لا تجيد السباحة فتغرق معه .
ما يشهده لبنان في هذه الايام من احداث أليمة عصفت بشماله وصبت في عاصمته تشير الى مدى خطورة المرحلة داخليا" واقليميا" حيث تلعب الاوراق لتسجيل أكبر عدد نقاط في عملية المفاوضات بين ايران ومجموعة الخمسة زائد واحد .
ونتيجة لعب الاوراق الايرانية ومنها الورقة اللبنانية كانت هذه الاحداث والتي أتت هذه المرة عبر اجهزة ومؤسسات رسمية لارسال رسالتين الاولى ان ايران تسيطر بشكل تام على الساحة اللبنانية وعلى القرار الرسمي اللبناني والرسالة الثانية انه لن يسمح ان يكون شمال لبنان ممرا" آمنا" وملجأ" حصينا" للثورة السورية .
فبعد ان ضبطت الحدود الاردنية السورية والعراقية السورية والتركية السورية اما بقرار ايراني وتنفيذ حكومة المالكي في العراق وإما بقرار أميركي غربي في الجبهتين الاردنية والتركية فبقي شمال لبنان والذي اريد له ان يضبط وبالقوة وبتنفيذ اجهزة رسمية لبنانية .
فسقوط النظام السوري يشكل ضربة قاصمة للنفوذ الايراني ومشروعه المتمثل بانشاء امبراطورية ممتدة من طهران مرورا" ببغداد ودمشق وصولا الى بيروت والتي يستعمل بها بعض الافرقاء في لبنان من اجل تنفيذ هذا المشروع وليس صحيحا ان الاحداث في لبنان سوف تحجب الانظارعما يجري في سورية فما يجري في سوريا هو الاساس وهو المعركة الاساسية والحاسمة في بسط النفوذ على صعيد الخارطة العربية والاقليمية فالحسم في سورية يحسم في لبنان ويحسم في العراق ويعيد النفوذ الايراني الى حدود ايران ويعطيها حجمها الطبيعي .
فالتسويق على فكرة " المصالحة التاريخية " بين طهران وواشنطن والتي يسوق لها بعض من يدور في فلك السياسية الايرانية والتي بحسب قولهم ان هذه المصالحة سوف تتم بناء على فكرة اعتراف ايران بالولايات المتحدة كقوة اولى في العالم واعتراف الولايات المتحدة بايران كقوة اولى اقليميا" والتي من خلالها سينعكس هذا الاتفاق على لبنان وسورية اي بأن الولايات المتحدة سوف تبقي على النظام السوري والنفوذ الايراني في لبنان .
هذه الفكرة أي فكرة " المصالحة التاريخية " ان حصلت لن تغير شيئا" في واقع الامور لأن الولايات المتحدة والغرب هم أول من يدعم النظام السوري ومن سهّل تمدد النفوذ الايراني في المنطقة من خلال التعاون والمصالح المشتركة في افغانستان والعراق وحتى في سورية وتأمين الحدود السورية الفلسطينية المحتلة فليس من حرك الشعب التونسي الولايات المتحدة والغرب وليس من حرك الشعب المصري واليمني الولايات المتحدة والغرب وليس من حرك الشعب السوري وجعله يستمر في ثورته أربعة عشر شهرا" صامدا" يجابه القتل والدمار ويسطر بالدماء احرف النصر والحرية هم الولايات المتحدة والغرب .
فان الشعوب العربية التي استفاقت من ألم الذل والتبعية والاستسلام لسياسات القضم الفارسية والغربية وقدمت آلاف الشهداء على طريق الحرية وبناء الركائز الاساسية لمفهوم عودة الريادة والنفوذ العربي لن تسمح لايران بتحقيق مشروعها الذي بدأ ينهار في لحظة اعادة اعتبار الكرامة العربية .
فاستراتيجية اللاوعي التي تتبعها الحكومة اللبنانية ومن تمثل ، اللاوعي لسياسات تقوم بها هذه الحكومة ولا تدرك مدى خطورتها على لبنان وامنه واستقراره ، سياسات تريد ارضاخ الشعب لسياسات خارجية معينة مرفوضة من معظم اللبنانيين ،وتقديم مصلحة الخارج على مصلحة الوطن ,فهل الوعي ايها الحكومة ان نجعل من بلدنا منطقة نفوذ لدولة اخرى واعتباره بلدنا الثاني ؟

  

السابق
“هآرتـس”: المعارضـــة السورية أعدت خطة للسيطرة على السلاح الكيماوي
التالي
حسين الموسوي: لوضع برنامج متكامل يعالج قضايا المواطنين