الإمتحانات تحت صوت الرصاص

كان من المفترض ان يكون الإثنين الماضي يوم دراسة عادياً في جامعة بيروت العربية يترقبه الكثير من الطلاب، ولاسيما مع بدء الإمتحانات الفصلية الأخيرة التي كانت مقررة يومذاك، الإ إن كل شيء تبدل في لحظات.

ليل الأحد وجدت نفسي، أنا الطالبة القاطنة في برج أبو حيدر، أنتقل في دقائق الى منزل آخر في رأس النبع. استبدلت أوراق الدراسة بنشرات الأخبار، وبدأت "أغرّد" كما الجميع على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي. ومع حلول المساء، إزدادت الأخبار الواردة عن الاشتباكات الحاصلة بالقرب من "جامعاتنا". احترت بمن أتصل من رفاقي القاطنين قرب الجامعة، فكلهم يقيمون في ذاك الشارع الذي جمعنا طوال أربع سنوات…
أضحى "تويتر" الوسيلة التي ربطت بين الطلاب الموجودين في محيط الجامعة مع الآخرين. بات الموقع "الناطق الرسمي" الذي يخبرنا بكل ما يحصل في محيط الجامعة، ولاسيما بعد رواج شائعات تفيد ان الحريق امتد الى مبنى كلية الهندسة، لكن سرعان ما نفي الخبر لتبقى الجامعة صامدة رغم كل الحوادث التي عصفت بالقرب منها.

عاش الطلاب القاطنون بالقرب من الجامعة رعب الحوادث والقلق على امتحاناتهم النهائية والجامعة، والخوف من عودة الإشكالات إلى محيطها. سارة حاطوم طالبة في قسم الإعلام تقطن مع زميلاتها في شقة مقابلة للجامعة، وأول ما ترويه عن ليل الأحد هو قيامها وصديقاتها "بوضع كنبة أمام الباب، وأمضينا ليلتنا في ممر البيت"، فلا صوت يعلو على صوت الرصاص وصراخ النساء والأولاد الآتي من الخارج، ومشهد المسلحين الملثمين لا يغيب عن بال سارة، التي أضافت: "على المنظر اللي شفناه، حتى لو الوضع هادي بطّلنا نسترجي نضهر!".

أما الشاب طارق الذي فضل عدم ذكر إسم عائلته، فهو طالب في إدارة الأعمال ومن سكان المنطقة، ومنزله محاذٍ للمبنى الذي يضم مقر "حزب التيار العربي" الذي كان محور الاشتباكات، فوصف ما جرى بأنه "حرب بكل ما للكلمة من معنى". أضاف: "رغم عودة الوضع الى هدوئه، ما زلت أسمع من شبان المنطقة عبارة: الحكاية ما خلصت!"، مشيراً الى انه "أمضى الليلة في الشارع لأنه كان أكثر أمناً من البيت".
حال الطالبة منى الشامي ليست أفضل، فهي فضّلت البقاء في الشقة حيث تسكن مع زميلاتها بالقرب من الجامعة، وعدم التوجه إلى طرابلس لتمضية عطلة نهاية الأسبوع مع أهلها خوفاً من التوتر الذي كان يسود الشمال، وتحسباً لأن يحول تطور الأوضاع فيه من عودتها الى بيروت لإجراء الامتحانات النهائية. من دون سابق انذار، وجدت منى نفسها وسط المعارك، والعبارة التي تجيب بها سائلها عن الليلة التي أمضتها؟ "اليوم عرفت شو يعني حرب!". خبرت منى قلقاً متزايد وخوفاً على نفسها وصديقاتها وأهلها في طرابلس، ولم تجرؤ على الاقتراب من النافذة لترى ما يحدث "فالصوت كان كافياً ليعبّر عن المشهد في أذهاننا".

أما الطالب غانم الذي فضل أيضاً عدم ذكر اسم عائلته فيدرس الصيدلة في الجامعة، وأمضى ليلته يعاين مصدر الرصاص، فهو يقيم في مبنى خلف كلية الهندسة، وكان صعباً عليه رؤية الحوادث مباشرة من الشرفة. أمضى ليلته على مواقع التواصل الاجتماعي، مبدياً استياءه من زج اسم جامعة بيروت العربية في الاشتباكات "هل نسي الجميع ان المنطقة هي الطريق الجديدة قبل ان تكون الجامعة موجودة فيها، فهذا اشتباك حربي وليس اشكالاً جامعياً. فلمَ يعلو إسم الجامعة أينما كان؟".
قلق غانم على الجامعة يرتسم على وجوه الطلاب جميعاً، فالطالبة داليا المقداد كان أكثر ما يشغل بالها نسخ مشاريع التخرج الموجودة في الجامعة: "لو كان صار شي للجامعة، كان رح كل تعبنا وضاع مستقبلنا"، إلا ان ذلك كله لم يمنع الجامعة من أن تستأنف الدوام نهار الثلثاء وتجري الإمتحانات في شكل عادي، وإن لم يخفِ الترقب والتوتر الباديين على الوجوه تحسباً لأي طارىء.  

السابق
اليوم العالمي لمرض التصلب اللويحي
التالي
شعرة صغيرة كي نميّز ؟!