هل سيصحو اوباما؟

الرئيس باراك اوباما هو زعيم بارد الاعصاب. والدليل هو أنه منذ أربعين شهرا وهو يعرف بان التاريخ سيحاكمه حسب أفعاله وقصوراته في موضوع ايران. اذا ما أوقف النووي الايراني سيكون بطلا قوميا مثل جون كنيدي بعد أزمة الصواريخ في كوبا. واذا لم يوقف النووي الايراني، فانه سيكون خردة بائسة. ومع ذلك، فان الرجل الذي يجلس في الغرفة البيضاوية يتجاهل امكانية أنه بسبب عدم فعله سيتحول الشرق الاوسط الى نووي والنظام العالمي سيتضعضع. وهو غير مبال لامكانية ان يتحمل هو نفسه المسؤولية عن ان تفقد الولايات المتحدة مكانة القوة العظمى والقرن الـ 21 سيصبح قرن الفوضى النووية.
الرجل عديم الاحساس من شيكاغو يثبت كل يوم من أي مادة نادرة هو مخلوق. فالرئيس يرى كيف أن الايرانيين يخدعونه ولا يفعل شيئا. الرئيس يرى كيف أن الاسلام المتطرف يقترب من حافة النووي، ولا يحرك ساكنا. بشجاعة مذهلة ينظر اوباما الى التسونامي المقترب من شواطىء أمريكا ويبتسم. رئيس بارد الاعصاب كهذا لم يسبق أن كان للولايات المتحدة أبدا.
الرئيس اوباما هو زعيم مصنوع من مادة لا مساومة فيها. والدليل هو أن الرجل الذي يسعى الى ولاية ثانية في البيت الابيض يعرف ان ما من شأنه أن يحسم الحملة الانتخابية في العام 2012 هو اشتعال في الشرق الاوسط. وهو على علم بان صدفة مدهشة هي التي أدخلت في كل ما يتعلق بايران الجداول الزمنية التكنولوجية، العملياتية والسياسية الى خط الهدف لنهاية السنة هذه. الرئيس يسمع جيدا بان اسرائيل تقول له: اذا لم تفكك الولايات المتحدة القنبلة المتكتكة حتى الصيف فان سلاح الجو الاسرائيلي سيضطر الى تفكيكها. الرئيس يسمع جيدا أفضل الخبراء يقولون له: الوضع جدي جدا واسرائيل جدية جدا والصيف هو صيف حقيقي. ومع ذلك فان الرئيس المصبوب من الفولاذ لا يرف له رمش.
فهو يحاول خلق عرض عابث لصفقة مع الايرانيين عمليا ستطمس التهديد الكامن في نتناز. وهو يحاول خداع القدس مثلما تخدعه طهران. يدفع الرئيس اسرائيل الى الزاوية ولكنه يتمنى ان تقبل اسرائيل مرير مصيرها بخنوع وتسليم. وهو يعول على الا يتجرأ بنيامين نتنياهو على مفاجأته والا يهدم له موسم الانتخابات. رئيس مغامر كهذا لم يسبق ان كان للولايات المتحدة في أي مرة من المرات.
الرئيس اوباما هو زعيم موفر. والدليل هو أن امريكا ليست كأمس أول أمس، ولكنها لا تزال ذات مقدرات سياسية، اقتصادية وعسكرية هائلة. الولايات المتحدة قادرة على أن توقف البرنامج النووي الايراني من خلال استخدام جزئي للغاية لهذه المقدرات. ولكن النهج التوفيري المبالغ فيه للقائد الاعلى للقوات المسلحة يؤدي به الا يكون مستعدا لان يدفع أي ثمن مقابل وقف أجهزة الطرد المركزية الشيعية الثمانية الاف.
وعليه فان اوباما لم يقف الى جانب الربيع الايراني في العام 2009 مثلما وقف الى جانب الربيع العربي في العام 2011. وعليه فان اوباما لم يعمل بحزم ضد المنشأة التحت أرضية قرب قُم، والتي اكتشفت قبل ثلاث سنوات. وعليه فان اوباما لم يمس حتى اليوم بالبنك المركزي للجمهورية الاسلامية ولم يوقف ضخ الوقود المكرر الى موانئها.
ما وقف امام ناظر الرئيس الحذر ليس الثمن الكارثي الذي سيدفعه الغرب على تحول ايران نوويا، بل الثمن السياسي الذي سيدفعه هو نفسه اذا ما ارتفع سعر النفط. لم يسبق أن كان للولايات المتحدة رئيس موفر كالرئيس الرابع والاربعين.
تعنى الاسرة الدولية والرأي العام الدولي هذه الايام بالملك نتنياهو: هل سيهاجم أم لم يهاجم؟ ولكن بدلا من الانشغال بسياسي لا يفترض به أن ينقذ العالم من النووي الايراني يجمل الانشغال اولا بالزعيم الذي مهمته التاريخية هي ان ينقذ العالم من النووي الايراني. في الاربعين شهرا الاخيرة خان باراك اوباما مهام منصبه. فهل في الاربعين شهرا التالية سيستيقظ، يصحو ويغير طريقه؟  

السابق
سيدة مع رؤيا وسيد مع جهاز
التالي
العثور على قذيفة داخل مطمر سوكلين في الناعمة