إنجاز التحرير

الاحتفال بتحرير الجنوب اليوم يتزامن بما يتعارض مع مفهومه الوطني والقومي إذ كان نصراً ليس فقط ممن واجهوا وقاوموا واستشهدوا بل انطوى على معنى شمولي إذ للمرة الاولى يعترف العدو الإسرائيلي بهزيمة ما يوصف بالجيش الذي لا يقهر، وهذا يعني ان العرب يملكون القدرة والامكانات لاستعادة ما هو محتل من أرضهم وفي المقدمة وطن الشعب الفلسطيني.

وغير المفهوم ان تأتي هذه المناسبة الوطنية المميزة واللبنانيون يعانون من التجاذب والخلاف غير المبرر بالطبع في ظرف يفرض وحدة الموقف وعدم الوقوع في أحداث هددت البنية الاجتماعية ووصلت إلى حدّ إثارة النعرات الفئوية دون التورع عن ترداد نغمة المذهبية. وهذا ما ضاعف من القلق وكاد يحجب معنى ابتلاج الفجر الذي انتشر على الوطن الصغير في العام ألفين مبشراً باندفاع أقوى نحو استكمال الانتصار بتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وإضافة رسم الخط الأزرق برسم خط المياه الاقليمية بدعم من الأمم المتحدة التي لم يصل جوابها بعد لبسط سلطة لبنان على أكثر من ثمانمائة كيلومتر تحاول اسرائيل سلبها لمزيد من حرمان هذا البلد من ثروته النفطية الكاملة.

ثم ان ما جرى ويجري من توتر أمتد من الشمال إلى العاصمة وعدد من المناطق لا يخرج من اطار ما ترغب به اسرائيل وتعمل له ضد بلد أثبت قدرته على فرض انسحابها مما كانت تتشبث به من أرض الغير بالقوة وقد فشلت في تنفيذ ما تمارسه في فلسطين والضفة وغزة من اقامة بؤر استيطانية وتهويد وتغيير العالم الجغرافية والتاريخية وعرقلة مساعي الحل العادل والشامل.

واللافت أيضاً ان العالم الذي ارتضى بواقع التحرير يعرب عن قلقه وتخوفه من انعكاسات اقليمية على لبنان أمناً واستقراراً وليت ذلك التخوف والقلق يترجمان بعدم التدخل السلبي في الشأنين الاقليمي والاجتماعي، إذ ان اصابع اشعال الحرائق وتغذية الخلافات ما زالت عاملة ضد خروج هذا البلد من أزمته بدل اثبات صدقيتها في الحفاظ على أمنه واستقلاله وسيادته على أرضه.
ومهما تكن المستجدات معاكسة لإرادة التوحد والانصهار في بوتقة التوجه المشترك فإن معنى التحرير والاحتفال به يبقى الصورة الأوضح اشراقاً ما دامت العزيمة باقية للاحتفاظ بأبعاده الوطنية والقومية مع الدعوة إلى حوار مسؤول وبناء وعدم التلهي او التذرع بسلاح لن يستخدم إلا من اجل البقاء في نطاق الحرية والسيادة على الأرضي وفق ما عبّر عنه قائد الجيش العماد جان قهوجي في أمر اليوم إلتزاماً بقسم الدفاع عن الأهل والأرض ومواجهة العدو الاسرائيلي والحفاظ على إنجاز التحرير.  

السابق
الحياة: تعدد الروايات والمداخلات في قضية خطف اللبنانيين في سورية
التالي
سليمان:المواطن لا يشعر إلا بالقرف