النهار: فلتان أمني متجوّل وعجز رسمي فاضح

من حادث مقتل ثلاثة زوار لبنانيين في بغداد غداة خطف 13 لبنانيا في حلب، الى حادث اشتباك في الجديدة أودى بمواطن وتسبب بقطع طريق سن الفيل ليلا، الى حادث اطلاق نار في الروشة مساء، الى اعادة قطع طريق المطار بعض الوقت، الى توتر بين فريقين حزبيين في الجامعة اليسوعية، الى اعتصام تضامنا مع المخطوفين في سوريا، يطرح السؤال: الى أين يتجه لبنان بعد مسلسل الاضطرابات والاحتقانات المتصاعدة؟ وما جدوى الكلام والتعهدات والاتصالات والمشاورات فيما الدولة تبدو في ذروة عجزها عن احتواء الانزلاق نحو الأسوأ؟
فمع أن مجلس الوزراء في جلسته الماراتونية الاولى بعد تطورات الشمال التي عقدها أمس أجمع على دعم الجيش وكذلك التحقيق الجاري في حادث عكار، فان المقررات خلت من أي خطة واضحة او قرار سياسي لمواجهة مسلسل التفلت الامني ووضع حد للمخاوف الكبيرة المتصاعدة لدى المواطنين من شبح الفوضى الذي تتواصل فصوله بوتيرة يومية مقلقة.

وقد أكدت مصادر وزارية لـنا ان مجلس الوزراء حصر كل مناقشاته ومشاوراته بالهمّ الامني المتنقل من الشمال الى بيروت وسواهما وقالت إن الاتجاه العام أبرز خطورة الوضع وضرورة اتخاذ خطوات انقاذية. واختصرت الحصيلة التي انتهى اليها المجلس بضرورة دعم الجيش ودعم التحقيقات الجارية في مقتل الشيخ أحمد عبد الواحد ومرافقه في عكار حتى النهاية. وعلم ان المجلس شكل لجنة سداسية من وزراء الدفاع والداخلية والاعلام والصحة والشؤون الاجتماعية والعمل من أجل صياغة الموقف الجامع من التطورات الاخيرة. وجاء هذا الموقف في التعبير عن دعم الجيش والمضي في التحقيقات. لكن أحدا لم يتطرق الى الدعوة الى احالة حادث عكار على المجلس العدلي، فيما تقرر ان يبقى مجلس الوزراء في حال انعقاد دائمة لمواكبة أي تطور ولو احتاج الامر الى عقد جلستين او ثلاث خلال الاسبوع. وطلب المجلس من وزير الدفاع وضع لائحة بحاجات الجيش ومتطلباته لتوفير الدعم الكامل له في بسط سلطته على كل المناطق.

وعلمنا ان وزراء "التيار الوطني الحر" أدلوا بمداخلات في الجلسة طالبوا فيها بتطبيق المادة الرابعة من قانون الدفاع التي تقضي بتكليف الجيش ضبط الامن وان تكون القوى الامنية بأمرته كما حصل في منطقة البقاع، وأثاروا ما جرى في منطقة الطريق الجديدة بعد حادث عكار، مشددين على ان هذا الاجراء يكفل انقاذ هيبة الجيش والضرب بيد من حديد. لكن وزيري "جبهة النضال الوطني" وائل أبو فاعور وغازي العريضي اعترضا على هذا الطرح. وقال أبو فاعور انه ليس هكذا تجري حماية الجيش وتوفير الغطاء له. وتلاه العريضي محذرا من عدم سلوك طريق الحل السياسي، وذكر رئيس الوزراء نجيب ميقاتي باجتماع أمني انعقد في السرايا سائلا عما قاله قائد الجيش العماد جان قهوجي في الاجتماع وقال: "ألم يقل إن مذكرة المندوب السوري بشار الجعفري تتضمن مغالطات وان ما جرى في الاكوامارينا هو مناورات مشتركة بين الجيش والقوات الفرنسية؟".

وحين أثار وزراء موضوع انسحاب الجيش من عكار وخوف المواطنين من ذلك، رد رئيس الجمهورية ميشال سليمان مؤكدا عدم صحة هذه المعلومات ومشددا على ان الجيش لا يزال في المنطقة يقوم بدوره على أكمل وجه.
وفي ما يتعلق بالمخطوفين اللبنانيين في حلب، اطلع مجلس الوزراء على الاتصالات التي اجريت والمستمرة من أجل الافراج عنهم. وأبلغ وزير الخارجية عدنان منصور المجلس ان المخطوفين موجودون لدى "الجيش السوري الحر" وأن المساعي جارية مع الدول المعنية ولا سيما منها تركيا لاطلاقهم.

وليلا افاد الامين العام لـ"حزب الاحرار السوري" في اتصال مع قناة "الجديد" ان لا مطالب مقابل الافراج عن اللبنانيين الذين أوقفوا في حلب وهم في صحة جيدة، وسيطلقون خلال الساعات المقبلة. وقال ان عملية الاختطاف تمت بناء على معلومات خاطئة بأنهم عسكريون ينقلون السلاح من ايران لمساعدة النظام.
ولم يذكر التلفزيون هوية الحزب المذكور او أي معلومات عنه.

سليمان

وكان برز في هذا السياق موقف لرئيس الجمهورية قبل الجلسة من رسالة المندوب السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري التي اتهمت جهات ومناطق لبنانية بايواء ارهابيين وتصدير السلاح الى سوريا. وأعلن الرئيس سليمان "ان هذه الرسالة لا تستند الى وقائع مثبتة بل ان التقارير الواردة من قيادة الجيش والاجهزة الامنية تشير الى عكس ذلك تماما".
وأفادت معلومات ان الرئيس سليمان الذي أجرى في اليومين الاخيرين اتصالات مع عدد من الزعماء العرب في مقدمهم العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بدأ الاعداد لجولة عربية تشمل السعودية وقطر والامارات العربية والكويت، علما ان الدول الثلاث الاخيرة نصحت رعاياها بعدم التوجه الى لبنان، فيما اضطلع العاهل السعودي بدور لافت عبر الرسالة التي وجهها الى سليمان متمنيا رعايته لحوار لبناني يحول دون انزلاقه الى "فتنة".

حادث الروشة

الى ذلك، أبلغتنا مصادر أمنية ان مسؤولا في احد الاحزاب هو ع. س. أطلق ليل امس في منطقة الروشة النار من سلاحه الحربي على خلفية سكر شديد. وأجريت اتصالات بين مخابرات الجيش وقيادة الحزب لتسليمه. وبعد فترة من اطلاق النار ونفاد الذخيرة طوق المبنى وأوقف مطلق النار.
وفيما أعلن توقيف مطلق النار، استمر سماع عيارات نارية، وجاء في معلومات أولية ان الجيش قبض على اثنين من مطلقي النار، فيما لا يزال آخرون مختبئين عند مدخل بناية عيتاني في رأس بيروت. وقد أطلقوا النار على عناصر الجيش وقوى الأمن في الشارع، وسمع دوي قنبلة يدوية قال شهود انها رميت في اتجاه الجيش الذي أصيب أحد أفراده. واستقدم الجيش تعزيزات الى المكان. وأفاد مراسل "الجديد" ان عنصرين في قوى الامن الداخلي اصيبا ايضا في الحادث.

السابق
كونيلي: الولايات المتحدة لا تزال قلقلة من ان تؤدي التطورات السورية الى المساهمة في عدم الاستقرار في لبنان
التالي
السفير: لعنة الأمن المفقود تطارد اللبنانيين .. بانتظار صدمة سياسية