الاستثمار في الخراب..

لا يؤدّي الاستثمار في الخراب إلاّ إلى تراكم الخراب في حساب صاحبه.. لا يمكن أن يُطحن منطق الأمور، ولا أن تنكسر معادلات الحساب الناشف.
.. منذ انعطافته الكبيرة على حساب حاله وتاريخه وناسه، والنائب ميشال عون يضع كل رهانه على بساط ريح الأهواء والأماني الخائبات، مفترضاً على عادته وجموحه، أنّ تغيير خط سيره قد يوصله إلى مبتغاه ورجاه وحلم حياته وجلّ ضناه، فلا يحصد المرّة تلو الأخرى، إلاّ المرارة الصافية التي ذاق طعمها في خط سيره الأول!

استثماره الراهن منصبّ في حوادث طرابلس وعكار وبيروت الأخيرة. وشمّاعته في ذلك الجيش اللبناني. بحيث يبدو وكأنّه استفاق أخيراً إلى الضرورة الحاسمة لهذه المؤسّسة الأمّ، وإلى قدسيّة دورها ومركزيّة ذلك الدور في الدولة اللبنانية والاجتماع الوطني تحت سقفها وبنيتها ومؤسّساتها.
وعلى عادته يفترض أنّ الذاكرة مفخوتة والناس طرشان: ينسى أو يتناسى (أو شيء آخر) أنّ أساس اصطفافه الراهن قام ويقوم على حساب الدولة اللبنانية بكل مؤسّساتها، وفي طليعتها المؤسّسة العسكرية، حيث أنّ ازدواجية السلاح لا تبرّرها قضية الصراع مع إسرائيل (باعتبار أنه هو مسيو عون مهموم منذ طفولته بمصارعة الصهاينة ومشروعهم الاعتدائي واللصوصي!) وانفلات السلاح غير الشرعي في طول لبنان وعرضه، لا يبرّره شيء، إلاّ توظيفه من قِبَل اصحابه الأصليين في خدمة مشروعهم ونزاعهم مع لبنانيين آخرين.

.. استثمر قبل الآن في 7 أيار و11 أيار، وظلّ ينفخ في كير الفتنة حتى كاد ينفلق، وعندما خابت أمانيه في الدوحة واتفاقها، ملأ الدنيا زعيقاً قبل أن يُؤمَرْ بالصمت فصمَت.. يستثمر الآن في بيان التخريب السوري ويطعن حتى بأهل بيته قبل غيرهم، وبالجيش نفسه قبل أي جهة أخرى.. يأخذ ببيان جعفري السلطة الأسدية ولا ينتبه لشدّة هيجانه وجموحه أنّ بعض الدولة اللبنانية لم يقبض شيئاً من ذلك البيان، وأنّ مؤسّسات السلطة الشرعيّة اعتبرته علكاً سامّاً.. وأنّ حتى أقرب حلفائه في الممانعة إيّاها، لم يجد في ذلك الضخ السوري ما يُعتدّ به!

لا يضير في شيء كلامه بالنسبة إلى مناوئيه وأخصامه. ولا يضرّ في واقع الحال، إلاّ حاله وجمهوره وحلفاءه، وجلّ المرتجى، أن يبقى كما هو: جنرالاً في الحسابات الخاسرة وماريشالاً في الرهانات البائسة: في مطالع التسعينات وضع كل رهانه في حضن صدام حسين فأوصله ذلك الرهان إلى الخسران والنفي. ويضع راهناً ومنذ سنوات كل رهانه في حضن بشار الأسد، فإلى أين سيصل معه هذه المرّة؟!

السابق
خطة انتشار الجيش في الشمال
التالي
لطف الله ـ 2