ماذا بعد إطلاق المولوي؟

شاء القدر أن يُطلّ الأمن العام أول طلة أمنية من خلال ملف شادي المولوي، الذي أوقف مع شخصين آخرين، قطري وأردني، لارتباطهم بشبكة إرهابية، كما قال المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم في لقائه مع مراسلي الصحف العربية، لافتاً إلى أن هذا التوقيف تمّ بالتنسيق مع أحد أجهزة الأمن في دولة عظمى.
لقد قام اللواء ابراهيم والأمن العام بالواجب الذي ينصّ عليه القانون، لناحية توقيف أيّ مشتبه به بناء على معلومات استخباراتية محدّدة، أما ما بعد التوقيف فقد أصبح الأمر من مسؤولية القضاء الذي عليه أن يبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود، إلا أنّ ما شهده القضاء بالأمس شكل مفاجأة في الكثير من الأوساط المتابعة، لا سيما منها الأوساط الحقوقية والقانونية.

أخليَ سبيل شادي المولوي، وبإطلاقه سرت التساؤلات عن انتقال عدوى «النأي بالنفس» لدى العديد من الأوساط؟
شادي المولوي الذي يعتنق فكر «القاعدة» منذ سنوات، كما تقول مصادر أمنية مطلعة، والذي تلقى دورات تدريبية عسكرية في أفغانستان، وشارك في أعمال قتالية في العراق، خرج أمس إلى «الحرية» مقابل كفالة بقيمة 500 ألف ليرة لبنانية، في حين أنّ الضابط الذي تولى مهمة توقيفه لا يزال رهن التحقيق، رغم أنّ قدسية المهمّة وأمن البلد أهمّ من أيّ شيء آخر، ورغم أنّ الطريقة التي استدرجه من خلالها هي طريقة قانونية، بغض النظر عن تقدّم الوزير محمد الصفدي بدعوى قضائية ضدّ الأمن العام، وهي أيضاً طريقة حرفية وذكية كونها أدت إلى إنجاز مهمة التوقيف بشكل هادئ ومن دون «ضربة كفّ» كما يُقال.

من أمام مكتب الوزير الصفدي أوقف شادي المولوي، وبسيارة من سيارات الوزير الصفدي انتقل المولوي من المحكمة العسكرية الى مكتب مؤسسة وزير المال حيث انتظره المحتجّون في طرابلس للاحتفال بخروجه، وتوجّه من بعدها الى ساحة عبد الحميد كرامي المعروفة بساحة النور، ومن ثمّ إلى منزل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بناء على طلب الأخير.
ما جرى أمس يُبرز إلى الواجهة، كما تقول أوساط مطلعة، مراعاة السياسيين الشماليين للوضع الطرابلسي على خلفيّات انتخابيّة، ما يمنع حسم الأمور هناك خوفاً على ما يسمّونه «الشارع السني» الذي يريد كلّ من الطرفين استقطابه إلى جانبه، لا سيّما أنّ مصادر مطلعة تعتبر «أن الحوادث التي أصابت الشمال هي صفعة موجعة لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي من قوى 14 آذار، لا سيّما من تيار المستقبل الذي يطالبه بالاستقالة بعد ما جرى في طرابلس.
نجحَ السلفيون مرة جديدة في تحقيق مطلبهم، في الضغط والتهديد والوعيد، لأنّ جماعة شادي أو ما يُعرف بالسلفيين هدّدوا بالتصعيد مجدّداً في حال عدم إطلاق سراحه وصولاً إلى الاعتصام أمام المجلس النيابي والسراي الحكومي وأمام القصر الجمهوري، وهو ما يفتح الباب أيضاً أمام تصعيد التحرّكات المطالبة بإطلاق سراح الإسلاميين الموقوفين على خلفية أحداث مخيّم نهر البارد في العام 2007.

استجابت الدولة لمطلب إطلاق شادي المولوي، خوفاً من نقل أحداث طرابلس إلى كل المناطق اللبنانية، التي شهدت ما شهدته من قطع طرق وحرب قناصات على خلفية مقتل الشيخ أحمد عبد الواحد، وكأنّ هناك من يُريد أن يعود بلبنان إلى مرحلة الـ 1975.

لكن السؤال الذي تردّد بقوة أمس على لسان الأوساط المتابعة نفسها هو: بعد هذا القرار مَن سيضبط هذا الشارع المتطرّف الذي ظهر جلياً أنه يحوي ما يحويه من سلاح؟ وهل سيعتبر هذا الشارع أنّ إطلاق المولوي هو دليل انتصار وقبله إطلاق الموقوف القطري نتيجة ظروف أصبحت معروفة ومعلنة، وبالتالي يصبح بمقدور هذا الفريق أن يوغِل أكثر فأكثر في ممارساته الميليشياوية، سواء في الداخل اللبناني أو في ما يتعلق بالتآمر ضدّ سورية من خلال التعاون (عالمكشوف) مع ما يسمّى «الجيش السوري الحرّ»، وتكريس طرابلس والشمال كأرض خصبة لتهريب السلاح والمسلحين إلى الداخل السوري، بالتنسيق مع تيار المستقبل الذي لا يتورّع عن المجاهرة علناً بدعمه لما يسمّونه «الثورة السورية».

السابق
وزير أكثري
التالي
هل تعود الحرب الأهلية بلبنان؟