النأي بالنفس.. وإحراق لبنان!

في استطاعة الحرائق اللبنانية الصغيرة المستجدة ان تحجب على الاقل، جزءاً من الحريق السوري الكبير، فكيف اذا كانت هذه الحرائق تنذر باستعادة فصول الماضي القريب الذي كان بمثابة محرقة لبنانية استمرت اكثر من 17 عاماً؟
هكذا لم يكن مستغرباً ان تغيب امس ردات الفعل على التطورات الدامية في سوريا لتركز على ما جرى في شمال لبنان وفي الطريق الجديدة، من زاوية الخوف من ان يتجدد جنون اللبنانيين الدموي. بدا هذا واضحاً في التعليقات الاميركية والفرنسية وفي كلام الامين العام للامم المتحدة في وقت كانت الدولة اللبنانية بمثابة الحاضر الغائب لأن القرار اللبناني هو في يد حكومة افتراضية مأمورة.

ومن الواضح ان هذه الحكومة فقدت وتفقد دورها في معميات سياسة النأي بالنفس التي تطبق في شكل متناقض يؤكد انها مجرد دمية تدار وفقاً لما يريده النظام السوري. في هذا السياق صارت سياسة النأي بالنفس نأياً يصل الى حد الغاء النفس، امنياً امام الاعتداءات العسكرية السورية التي قتلت وتقتل لبنانيين وسوريين لاجئين داخل الاراضي اللبنانية، وسياسياً امام مضبطة من الاتهامات المفبركة التي ساقها مندوب سوريا بشار الجعفري امام مجلس الامن وسجلت كوثيقة في المحاضر ولم يرد لبنان الا عبر تصريح مضحك ادلى به ميقاتي، الذي كان عليه، لو يجرؤ، ان يكلف مندوب لبنان الرد بمذكرة تدحض كل ما جاء في الافتراءات السورية.

من جهة أخرى، صارت سياسة النأي بالنفس زجاً للنفس الى حد التهور والمقامرة بالوضع الداخلي الهش، امنياً من خلال التماهي مع الموقف السوري مما يجري على الحدود الشمالية الى درجة ان وزير الدفاع دأب على تكرار القول ان هناك عناصر لتنظيم "القاعدة" في لبنان، وهو ما دفع وزير الداخلية الى ان يتحداه ليثبت الامر، وهذا ما يؤكد اننا فعلاً امام حكومة مساخر.. وسياسياً من خلال التزام وزير خارجية لبنان دور وليد المعلم في دعم موقف النظام السوري في الاجتماعات العربية. ثم لم تلبث ضغينة النظام السوري على الدول الخليجية التي تقطع علاقاتها مع دمشق وتدعم الثورة، ان وجدت ترجمة لبنانية لها من خلال تعامل لبنان بشكل احمق مع رعايا هذه الدول التي دعت هؤلاء الى مغادرة لبنان وعدم السفر اليه بعدما طفح كيلها من الاعتداءات والاستفزازات التي تعرض لها مواطنوها ليضيع موسم الصيف مثل كل سنة!

امس قال احد وزراء هذه الحكومة السعيدة ان الرؤساء ميشال سليمان ونبيه بري ونجيب ميقاتي سهروا حتى ساعات الفجر وهم يسعون الى وقف صدامات الطريق الجديدة، وانا اقول لهم: صح السهر او النوم، بكير، فالنار لم تصل بعد الى عتبات قصوركم… وقصوركم!

السابق
النهار: السعودية تحذّر من الحرب وتعطي دفعاً للحوار
التالي
الاخبار: الدولة تحتفل بإطلاق شادي المولوي