من يؤجج نار الفتنة.. ويفتح البلاد على المجهول؟

بعد اعتقال جهاز الامن العام شادي المولوي من مكتب الوزير محمد الصفدي وما اثاره من ردود فعل وجاء مقتل الشيخ أحمد عبد الواحد ومرافقه بإطلاق النار على سيارتهما في حلبا ـ عكار أمس لعدم توقفهما عند حاجز للجيش اللبناني بكثير من التساؤلات، خصوصاً من جانب بعض نواب المستقبل وتحديداً النائب خالد الضاهر الذي طالب بإخراج الجيش من عكار بعد أن شن، مع نواب آخرين وتيارات سلفية، هجوماً عنيفاً على الجيش وقيادته وأطلق الاتهامات المعروفة ضد الدور الذي تقوم به المؤسسة العسكرية، على الرغم من أن قيادة الجيش بادرت فور حصول الحادث إلى تشكيل لجنة تحقيق من كبار ضباط الشرطة العسكرية، بإشراف القضاء المختص للوقوف على حقيقة ما حصل.

وبغض النظر عن الملابسات التي رافقت عملية إطلاق النار على الشيخ عبد الواحد ومرافقه، فإن مصلحة عكار والشمال ومعهما كل لبنان لا تتحمل دعوات متطرفة تستهدف عمل المؤسسة العسكرية ودورها الوطني في حفظ الاستقرار والسلم الأهلي، وهو ما بدا واضحاً في هجوم نائب المستقبل خالد الضاهر على الجيش وقيادته والمطالبة بإخراجه من عكار.
ماذا حصل على الحاجز؟
أدلى مرافق الشيخ عبد الواحد أدلى بتصريحات اعلامية اتهم فيها الضابط المسؤول عن الحاجز بتوجيه اهانات الى الشيخ بعد تجاوز سيارته الحاجز وقال ان الشيخ همَّ عند ذاك بالعودة وعدم إكمال طريقه ونزل من مقعده الخلفي وجلس الى مقعد القيادة مكان مرافقه بقصد العودة، وعندها انهمر الرصاص عليه لدى محاولته العودة.
أفادت معلومات "النهار" في هذا السياق انه لدى مرور موكب الشيخ على الحاجز طلب عنصر من السيارة الأولى التوقف فظن سائقها أن الأمر يعني السيارة الثانية في الموكب، عندها صرخ الضابط في السائق فتوقف وطلب من الركاب الترجل فنزل السائق من دون الشيخ ورفيقه مرعب، فأصر الضابط على ترجل الجميع. عندها رد الشيخ انه يفضل العودة وحصل تلاسن بين الضابط والشيخ. ولدى تغيير اتجاه السيارة نحو الحاجز مجدداً حصل إطلاق النار عليها وكان الشيخ يقودها وهي من طراز "رانج روفر".
في المقابل، تحدثت مصادر واسعة الاطلاع لـ"الجمهورية" عن أن موكب الشيخ عبد الواحد إستفز عناصر حاجز الجيش بعدما طلبوا من مرافقيه ابراز رخص نقل السلاح التي في حوزتهم ،الا أن هؤلاء رفضوا ليتبين أنهم لا يملكونها أصلاً. عندها أصرّ عناصر الجيش عليهم لتسليم السلاح لأنه ممنوع ادخاله الى المهرجانات، فرفض مرافقو الشيخ الامتثال للطلب وسارعوا الى اكمال سيرهم متجاهلين سرية الجيش المنتشرة على الطريق، وأطلق أحدهم الرصاص بطريقة معاكسة في اتجاه الجيش ما أدى الى اصابة جندي وتضرر آلية عسكرية". ودعت المصادر الى عدم استباق التحقيق منعاً للتضليل وليأخذ القانون مجراه.
أبلغت مصادر عسكرية "السفير" انه من غير المعقول ان يُطلق عناصر الجيش النار على أحد من دون سبب، لافتة الانتباه الى ان أحد الجنود أصيب وتضررت بعض الآليات نتيجة الحادثة، ما يعني ان تبادلا لإطلاق النار قد جرى وأن الموكب كان يضم عناصر مسلحة. ولفتت المصادر الانتباه الى ان حواجز الجيش تنتشر في مختلف الأراضي اللبنانية، ولم يشهد أي منها إشكالا مشابها، الامر الذي يعني ان شيئا ما قد بدر عن الموكب وأدى الى حدوث إطلاق النار، مشيرة الى انه يجب عدم فصل حادثة الامس عن التحريض المنظم الذي يُمارس ضد المؤسسة العسكرية منذ مدة، في مسعى لتكبيل دورها الميداني.
إلى ذلك، برز تحفظ شديد لدى الجيش وقيادته عن الإدلاء بأي معلومات أو تعليق مسبق على الحادث. وعزت مصادر مطلعة ذلك لـ"النهار" الى انتظار انتهاء لجنة التحقيق العسكرية والقضائية من التحقيق "نظراً الى الحساسية البالغة لهذا الموضوع ولأن الاحاطة الكاملة بظروف الحادث لم تكتمل بعد".
وعلمت "السفير" ان قائد الجيش العماد جان قهوجي ابلغ مراجع عليا ان قيادة الجيش حاولت إقناع تيار المستقبل والحزب السوري القومي الاجتماهي بإلغاء المهرجانين اللذين كانا مقررين في حلبا، منعاً لأي إشكال، ولكن الطرفين اصرا على موقفيهما بإقامة الاحتفالين.
إذ رفضت كتلة نواب عكار حصر التحقيق بالتحقيق العسكري مطالبة بتحقيق قضائي محايد، قال مصدر في هذه الكتلة لـ"النهار" إن "التشنج كبير في عكار وهو مبرر فليس أمرا عابرا ان يقتل رجل دين عند حاجز أمني والناس في حال غضب شديد ولم يوفروا أحدا في التعبير عن مشاعرهم، لكن الامور يجب ان تنضبط في نهاية الامر بعد أيام، وقيادة الجيش اتخذت اجراءات لاستيعاب التشنج ونبذل كل جهدنا للتهدئة". لكن المصدر لم يستبعد "وجود خلفيات غير معلنة للحادث" مضيفا "أن الشيخ القتيل والضابط المسؤول عن الحاجز يعرف كل منهما الآخر جيداً".

وعلى اثر شيوع خبر مقتل الشيخ عبد الواحد حصلت عمليات قطع للطرق وإحراق للدواليب في عدد من قرى عكار. كما أفيد عن ظهور مسلح في البيرة بلدة عبد الواحد وفي بعض مناطق حلبا خاصة عند مفرق ببنين ومستديرة العبدة وساحة حلبا ومنطقة القبة وظهر المغر في طرابلس.

كذلك جرى مساء أمس قطع أوتوستراد طرابلس ـ بيروت الدولي بالاتجاهين، وكذلك قطع طريق سير الضنية قرب مركز مخابرات الجيش وأوتوستراد الناعمة ـ بيروت بالإطارات المشتعلة. كما جرى قطع الطريق أمام دار الفتوى في عائشة بكار. وكذلك جرى قطع طريق المرج وقب الياس وجب جنين في البقاع بالإطارات المشتعلة.

كذلك عمد مساء أمس بعض الأشخاص من تيارات سلفية إلى قطع طريق بشارة الخوري وكورنيش المزرعة وقصقص والمدينة الرياضية. وقد تدخلت قوى الجيش لاحقاً لفتح الطرقات في عدد من المناطق الامر الذي وتر المنطقة ووضع الامن قاب قوسين بين حرب اهلية وحرب شوارعية.

السابق
تحذير من إرتفاع منسوب الموج الموسمي خلال هذا الأسبوع
التالي
فرنجية: هل للجيش مصلحة في مقتل الشيخ؟