الشرق الأوسط: توتر أمني في شمال لبنان بعد مقتل رجل دين على حاجز للجيش

توتر الوضع الأمني في شمال لبنان أمس، إثر مقتل الشيخ أحمد عبد الواحد برصاص عناصر من الجيش اللبناني، أثناء توجهه إلى الاعتصام الذي كان مقررا في بلدة حلبا إحياء لذكرى شبان سقطوا في مواجهات مع حلفاء سوريا في السابع من مايو (أيار) عام 2008، بدعوة من عضو كتلة المستقبل النيابية النائب خالد الضاهر.. فاحتج الأهالي، وقطعوا طرقات في المنطقة، بينما عمل نواب المنطقة على تهدئة الناس، بانتظار إجراء تحقيق في الحادث.
وفي حين قال شهود عيان لـ"الشرق الأوسط" إنه "لدى وصول الشيخ عبد الواحد ومرافقيه إلى حاجز الجيش في منطقة الكويخات، طلب العسكريون منهم الترجل من السيارة بغية تفتيشها، بعد ورود معلومات عن أسلحة فردية في داخلها، لكن الشيخ ومرافقيه رفضوا الترجل من السيارة، وانطلق سائقها غير آبه بأوامر العسكريين الذي أطلقوا النار على السيارة بشكل مباشر، مما أدى إلى إصابة الشيخ ومرافقه ووفاتهما متأثرين بجرحهما"، لفت عضو كتلة المستقبل النيابية النائب محمد كبارة إلى أن "إطلاق الرصاص وقتل الشيخ أحمد عبد الواحد ومرافقه تم بدم بارد".

وأعلنت قيادة الجيش في بيان مقتل الشيخ أحمد عبد الواحد ومرافقه بطلقات نارية. وعبرت القيادة عن "أسفها الشديد لسقوط الضحيتين"، وتوجهت بـ"أحر مشاعر التضامن والتعازي إلى ذويهما"، مشيرة إلى أنها "بادرت على الفور إلى تشكيل لجنة تحقيق من كبار ضباط الشرطة العسكرية، وبإشراف القضاء المختص". وأضاف البيان أن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر توجه إلى منطقة الشمال، حيث عاين مكان الحادث، واطلع على الأدلة المتوافرة، كما باشر التحقيق مع عناصر حاجز الجيش للوقوف على ظروف الحادث وملابساته وإجراء المقتضى القانوني.
وفي حين رفض أقرباء الشيخ تسلم جثمانه قبل انتهاء التحقيق وتوقيف المتورطين، خرج الأهالي في عدد من مناطق الشمال إلى الشوارع، حيث قطعوا طرقات بالإطارات المشتعلة والعوائق الحديدية، احتجاجا على مقتل الشيخ عبد الواحد. وعمدت القوى الأمنية اللبنانية والجيش اللبناني إلى فتح بعض الطرقات التي أقفلها المتظاهرون.

وحمّل النائب الضاهر مسؤولية مقتل الشيخ عبد الواحد إلى قيادة الجيش والحكومة ورئيسها نجيب ميقاتي "لأنهم لا يقومون بدورهم بحماية لبنان، بل يمارسون انتقائية ويعاملون اللبنانيين كأنهم مع فريق ضد فريق آخر".
وقال الضاهر، خلال الاعتصام في حلبا: "كنا نتوقع النار من الحزب القومي وليس من الجيش اللبناني"، مطالبا بـ"فتح تحقيق عاجل بالحادثة وإنزال أشد العقوبات بالفاعلين"، مضيفا: "لم يطلقوا النار تحذيرا في الهواء أو على الأرجل"، مشيرا إلى أن "الرصاص جاء في رقبة الشيخ أحمد". ووصف الضاهر الحكومة "بحكومة سوريا"، متهما إياها بأنها "لا تحمي أمن المواطنين".
وكان الضاهر قد دعا للاعتصام في حلبا بالتزامن مع احتفال أقامه الحزب السوري القومي الاجتماعي المؤيد للنظام السوري، إحياء لذكرى محاربيه الذين قضوا في المدينة خلال أحداث السابع من مايو عام 2008.
وأبدى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، أسفه للحادث، معربا عن تعازيه وحزنه العميق لخسارتهما. وإذ نوه بالدور الوطني الذي يقوم به الجيش على مساحة الوطن، اعتبر أن "الخسارة تقع على الجيش كما على أهلنا في عكار الذين يشكلون الدعامة الأساسية والخزان الرئيسي للمؤسسة العسكرية وقدموا الشهداء والتضحيات في سبيل الوطن". كما أبدى سليمان ارتياحه لتأليف قيادة الجيش لجنة تحقيق لكشف كل ملابسات وتفاصيل الحادث الذي حصل، واتخاذ الإجراءات المناسبة بأسرع وقت ممكن.

وتابع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع وزيري الدفاع الوطني فايز غصن والداخلية والبلديات مروان شربل ومع القيادات الأمنية تفاصيل الحادث، كما أجرى اتصالا بالنائب خالد ضاهر، معزيا ومبديا أسفه للحادث، متمنيا على الجميع المساهمة في تهدئة الأوضاع ومعالجة الأمور بحكمة وروية.
من جهته، استنكر الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري جريمة القتل التي تعرض لها الشيخ عبد الواحد ومرافقه، داعيا أهل عكار إلى "التزام الهدوء وعدم الانجرار إلى فخ الفتنة"، مؤكدا أن "تيار المستقبل وكتلة المستقبل النيابية لن يتوقفا عن المطالبة بمحاسبة العناصر التي أطلقت النار على الشيخين الشهيدين ومن أمر بإطلاق النار عليهما". ونبه الحريري أهالي عكار من "الانجرار إلى أي ردود فعل تستهدف نقل الفوضى إلى منطقتهم"، مشيرا إلى "مخطط للنيل من مناطق لبنانية بعينها واستجرار الأحداث والمشاكل إليها خدمة للنظام السوري وأدواته".

وقال الحريري "إننا لا نضع عملية القتل في خانة الجيش اللبناني بالجملة، وهو المؤسسة الوطنية العسكرية التي لطالما وقف أهل عكار إلى جانبها، وكانوا خزانا لها ومن الذين بنوها وعملوا في سبيل أن تكون في خدمة كل لبنان"، لافتا إلى "وجود مندسين ومتورطين في هذه العملية يريدون تسخير المؤسسة ورمزيتها لاستيراد أزمة النظام السوري مع شعبه والعالم العربي والعالم إلى لبنان، في محاولة يائسة لإنقاذه من نهايته المحتمة".
وفي السياق نفسه، اعتبر رئيس كتلة "المستقبل" الرئيس فؤاد السنيورة، أن "دماء الشيخ أحمد لن تذهب هدرا؛ بل يجب أن نعرف من وقف خلف الجريمة وخلفياتها، ومن خطط لها ومن أصدر الأوامر، لأن ما حدث يجعلنا نشك أن هناك من يضمر الشر والوقيعة للبنان ولأهل الشمال ولأهل عكار".
بدوره، ناشد النائب وليد جنبلاط أهالي عكار "التحلي باليقظة والمسؤولية العالية إزاء هذا الحادث المستنكر للحيلولة دون السقوط في الفخاخ التي ينصبها النظام السوري"، داعيا إلى "التحقيق الفوري في هذا الحادث لمحاسبة المسؤولين عنه".

السابق
طريق البيرة- القبيات لا تزال مقفلة منذ الامس بالسواتر الترابية
التالي
الاخبار: توتر الشمال ينفجر عسكرياً في بيروت