عون: من يتآمر على لبنان دول خارجية بالتعاون مع بعض الداخل

أقامت هيئة الأطباء في "التيار الوطني الحر" حفل عشاء في حضور رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون الذي ألقى كلمة تطرق فيها الى الوضع الراهن في لبنان والمنطقة والى الانتخابات والقانون الانتخابي.
وقال: "في كلمة الترحيب تحدثتم عن طب الوطن، وكما أن هناك طبا للناس، فهناك أيضا طب للوطن. ولكن، طب الوطن بات صعبا جدا اليوم، لأن هذا الوطن يعاني من إشتراكات عدة، وقد تضخمت كثيرا، وأعني هنا إشتراكات الأمراض. هناك أمراض مزمنة، وهناك أمراض مستجدة وكل ذلك بفضل التراكم الحاصل منذ العام 1993 ولغاية اليوم. قد يدعون ان هذا الموضوع هو موضوع ثأري أو كيدي، ولكن ذلك ليس صحيحا لأن كل الحسابات المالية وكل المدونات في دفاتر الدولة تشير إلى أن هذا المرض بات مزمنا. منذ العام 1993 ولغاية اليوم لا يوجد قطع حساب في الدولة، وهناك أموال تقدر بعشرات المليارات ضائعة، وهذا الكلام هو كلام مسؤول وسترون ذلك تباعا. إذا، أين تلك الأموال؟ هل هي مسروقة؟ هل هي مهدورة أم هل هي ضائعة؟ كل ما نعرفه هو أن تلك الأموال غير موجودة".

وذكر بالإستحقاق الإنتخابي للعام 2013، معتبرا إياه مفصلا تاريخيا للبنان، وقال: "إما أن نأتي بتحالفنا بخمسة وستين نائبا وما فوق، ونصبح بالتالي مسؤولين عن خلاص الوطن، وإما نخسر الإنتخابات، وبذلك يكون الشعب اللبناني بطبقاته كافة واختصاصاته ونقاباته قد خسر المناسبة. لا يجوز أن يتم التجديد لمن أوصلوا البلد إلى الحالة التي يعيشها الآن. أسمع أحيانا من يقول، عن خبث أو عن بساطة: "جنرال، لديكم عشرة وزراء ولا تستطيعون أن تفعلوا أي شيء للوطن، وستتم محاسبتكم بصفتكم مسؤولين عن هذه الحالة"، فأجيب: وعندها يقوم الشعب بانتخاب المعرقلين ومن أوصلوا البلد إلى هذه الحالة، يتكلمون وكأن المشكلة الحاصلة هي بسببنا، مع العلم أننا قمنا بواجباتنا حتى في أحلك الظروف. نحن خططنا وأخذنا الموافقات من الحكومات السابقة والحكومة الحالية على مشاريعنا الإنمائية المتعلقة بالكهرباء والمياه والنفط، كل شيء بات جاهزا. كنا قد خططنا لأن يبدأ التنقيب عن النفط في شهر آذار، ولكن تم إيقاف المشروع ولا نعرف الأسباب".

وأشار عون الى ان "هناك قوة تعطيلية داخل مجلس الوزراء. أنجزنا مشروع الكهرباء ولكن تم إيقافه، وكذلك الأمر بالنسبة للمياه. وهنا كان القرار المالي هو المعطل. إن لم تقدم الوسائل لتنفيذ المخططات والمشاريع، تبقى مجرد دراسة موجودة على ورق نحلم بتنفيذها، أو قد يحلم أحد آخر يأتي من بعدنا بتنفيذها. قرار الحكومة مشلول اليوم من قبل ثلاث شخصيات، هم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووليد جنبلاط. سبق وقلت ذلك في لقاء تلفزيوني، إنهم يتصرفون وكأنهم يحضرون لحرب تخريبية في لبنان، "guerre subversible"، والسبب يعود إلى أنهم يعطلون أولا القرار السياسي، وهذا أول هدف تسعى اليه المعارضة التخريبية والتي تريد حمل السلاح. ثانيا، أوقفوا الإنفاق المالي، وهذا أمر لم يسبق أن حصل، إذ لم تستطع أي معارضة مهما كانت ثورية من التوصل لشل الإنفاق المالي في أي دولة، لأن المعارضة تكون إجمالا ضد الدولة، أما التخريب الحاصل اليوم فيأتي من داخل الدولة. ثالثا، شل الجيش".

واعتبر أن "من يتآمر على البلد هي دول خارجية بالتعاون مع بعض الداخل، مضيفا: "لا تحتاجون للشرح لمعرفة من تكون الدول الخارجية، ومن يكونون الذين حاولوا ضربنا في العام 2006. حاولوا ضربنا في العام 2006 ولكنهم لم ينجحوا، وحاولوا ضربنا بموضوع نهر البارد لشق الدولة، ولكنهم لم ينجحوا أيضا بذلك، فحاولوا بعد ذلك ضربنا بين الخامس والسابع من أيار وأيضا لم ينجحوا. انتقلوا إلى جيراننا، وهم يعودون اليوم من داخل الحكومة ليشلوا الدولة من جديد. لماذا يهاجمون الجيش؟ يهاجمونه لكي يضعفوه ولكي ينالوا من معنوياته. حتى أن هناك بعض المتطرفين يطالبون السنة من عناصر الجيش بترك الجيش والإلتحاق بهم، وهذه نغمة جديدة. كل هذه الأمور تحصل ولا تتم معالجتها كما يجب. هذه الأمور لا تعالج بالتراضي. وزير الداخلية قال البارحة إنهم يعملون بالتفاهم ولا يعملون على التراضي. التفاهم هو أدنى درجة من التراضي لأنه من غير المعقول ألا تتمكن الدولة من منع الشغب من دون أن تضطر لمجالسته، أي الجلوس مع الشيطان على نفس الطاولة. هناك مثل فرنسي يقول "لا تجلس مع الشيطان على مائدة الطعام حتى ولو كانت شوكتك طويلة".
ووصف عون المرحلة التي نعيشها بالخطرة، وقال: "لا أقول ذلك بسبب الخوف، فنحن أيضا نرى طبيعة الأمور ونستعد. أقول ذلك لئلا تتفاجأوا، لأن المسار الذي نعيشه ليس طبيعيا وتشوبه الكثير من المداخلات، تماما كالمداخلات التي تقوم بها الدول في سوريا. وإذا عدنا بالذاكرة الى العام 2006، وقمنا بمراجعة ال"panorama" الدولية، نجد أن كل الذين دعموا إسرائيل في حربها على لبنان، يدعمون الحرب الثورية على سوريا. يبكون ويقولون إنهم يريدون محاربة الإرهاب؛ فيتهمون من يجلس في منزله بالإرهاب، في حين أنهم لا يرون الذي يقتل الناس على الطرقات، هذا ما يحصل أمامنا اليوم، وهذا يدل على سقوط العالم الغربي وعلى نفاقه، لأنه عالم لا ينظر إلا إلى مصالحه المباشرة، فلا تهمه الديموقراطية، ولا تهمه دماء الناس، ولا يهمه أيضا الإرهاب. ما يهمه هو السيطرة على النفط وحماية إسرائيل التي تشكل ذراعا مسلحا يضرب الدول المجاورة".
وأردف: "ماذا يقولون عن لبنان في أوروبا؟ يقولون إن لبنان كمية لا تساوي شيئا، أي "quantite negligeable". وهذا الكلام قيل لي شخصيا. آخرون قالوا: "أهلا وسهلا بكم، نحن نستقبلكم في أميركا وأوروبا، وخصوصا المسيحيين، ساترفيلد الذي عرفتموه سفيرا لأميركا قال عن لبنان "Lebanon is a frensh mistake"، أي أن لبنان هو غلطة فرنسية، فكيف يمكن لنا أن نصدق بعد ذلك سفيرا أميركيا عندما يقول نحن مهتمون لسلامة واستقرار لبنان، ولا نتساءل ماذا يحضرون لنا؟
عندما جاء فيلتمان مؤخرا أعلن أنه مع إجراء الإنتخابات، فيما كل الدعاية ضد الإنتخابات قائمة من الفريق الذي يدعمه فيلتمان، ولا بد أيضا من أن نسأل لماذا ذهب فيلتمان وليبرمان إلى وادي خالد وإلى عكار؟ ذهبا ليتفقدا الوضع، والمنطقة التي حاولا أن يجعلاها منطقة آمنة وممرا إنسانيا إلى سوريا. ويبدو أن أحداث الشمال تحصل في هذا السياق، لعزل المنطقة. لقد سمعنا في الفترة الأخيرة الكثير من الأصوات التي تطالب بجعل تلك المنطقة وكأنها جمهورية مستقلة، متخذين حجة الضاحية الجنوبية ليضربوا بها مثلا، وكأن الضاحية الجنوبية هي مستقلة عن الدولة اللبنانية،
إذا كل هذه الذرائع هي لتحضير شيء ما، ونتمنى أن لا ينجح".

وتطرق الى قانون الإنتخاب، مشيرا الى أن "القانون الذي حصلت الإنتخابات الأخيرة على أساسه لا يؤمن التمثيل الصحيح لجميع اللبنانيين" متابعا "تسمعون كثيرا في الأوساط المسيحية كلاما ضد القانون الذي يقوم على النسبية ضمن الدائرة الكبرى (لبنان دائرة واحدة)، ويشيعون أن مثل هذا القانون هو ضد مصلحة المسيحيين، ولست أفهم كيف ذلك، فيما هو أفضل قانون لكل الطوائف، مسيحيين وغير مسيحيين، فبدل أن يؤلف فريق سياسي لوائح على كل الأراضي اللبنانية، يؤلف لائحة واحدة تسمح بتمثيل كل الطوائف مئة بالمئة، لأن في هذه اللائحة التي تحتوي على 128 نائبا، سينتخب النواب المسيحيين الناخبون المسيحيون، قسم من الفائزين سيكون في اللائحة الأولى، وقسم آخر في اللائحة الأخرى، مرشحون يمثلون وجهة نظر سياسية معينة، والمرشحون المنافسون يمثلون وجهة نظر سياسية أخرى، ولكن مرشحي اللائحتين الفائزين يمثلون كل المسيحيين، وهكذا تكون الحال بالنسبة لبقية الطوائف، يمثل المرشحون كل طائفتهم. كما أنه يصبح للأحزاب الصغيرة تمثيل أيضا وهكذا تستقر الحياة السياسية، فلا يضيع أي صوت، بل كل الأصوات تصبح في الداخل، ويصبح لكل الأصوات قدرة أن تظهر، فلا يعود هناك أي صوت خافت أو ممنوع من التعبير.

بالإضافة إلى ذلك، تنظم الحياة السياسية أكثر ولا يعود هناك مشكلة عند تأليف الحكومة، لأن الإنتخابات تنتج أكثرية تحكم وأقلية تعارض، والبرنامج الإنتخابي للائحة الفائزة يكون هو البيان الوزاري.الحكومة أيضا تؤلف مسبقا، وإذا خسرت، يظل بيانها الوزاري الخاص بها وتحاسب الحكومة على تقصيرها، وتصير حكومة اللوائح الخاسرة حكومة ظل، فسهل الحياة السياسية وتقسم المسؤوليات كلها. هذا هو قانون النسبية ضمن الدائرة الواحدة، وهو القانون الذي يقولون عنه إنه لمصلحة المسلمين لا المسيحيين في ما هو اللغة الوحيدة التي تخلص لبنان من الطائفية، لأن هذه المجموعات الكبيرة من النواب هي من كل الطوائف وستحكم. ولا يعود لأحد مصلحة ولا الحق أن يتكلم طائفيا، لأنه سيكون ممثلا مئة بالمئة بهذا النظام الإنتخابي.
أما إذا لم يعتمد قانون النسبية ولبنان منطقة انتخابية واحدة، فسنعود إلى قوانين مبتورة. ولكن إذا فرضت علينا ولم نقدر أن نحقق القانون سنخوض الإنتخابات حسب القانون الحالي، بصرف النظر عن عدم أحقية القانون الحالي وعدم إعطاء الفرصة لجميع اللبنانيين ليتمثلوا بشكل صحيح وعادل، فهناك فرصة كبيرة أن نربح من خلاله".

وتابع: "المشكلة الكبرى في الانتخابات هي المال أي الرشوة، فهناك عاصفة من المال السياسي تأتي من الصحراء الشرقية، هناك مال كثير. وتعرفون أن المال يشتري الكثير.
ولكن، هناك أمور لا تباع ولا تشرى، لا يمكن لأحد أن يبتاعها. مثلا الأقلام الحرة والصحافة الحرة، هل يمكن لأحدهم أن يبتاع 2 كيلو حرية، أو 10 أقلام حرة؟ هل يمكن للانسان أن يشتري ثقة؟ أن يشتري حبا؟ كل هذه الأمور تمنح ولا تباع، وإذا بيعت تصبح نوعا من الدعارة.
نعم، هناك دعارة القلم في لبنان، وكل يوم نصطدم بها في الصحافة وفي وسائل الإعلام، فنحن لا يمكننا يوميا أن نصدر بيانات التوضيح والتكذيب لكثرة الأكاذيب والافتراءات التي تكتب عنا.
والثقة أيضا تمنح وتعطى، لا تشرى ولا تباع، وعمل الإقتراع هو عمل منح الثقة لإنسان سيدافع عنك لمدة أربعة أعوام، فوظيفة النائب هي أن يكون محاميا عن المواطن الذي أوكله لمدة أربعة أعوام. فهل يدفع الوكيل مال الموكل، من هو مثل الذي يبتاع بضاعة، والبضاعة التي يشتريها سيعرضها بدوره للبيع، وما سيبيعه قد يكون أرضكم، استقلالكم، سيادتكم".

وأضاف: "الأسعار ارتفعت، وانخفضت القوة الشرائية عند الدولار، ومن جهة أخرى لم ينفع المليار وال200 مليون، لذلك يريدون أن يضاعفوا المبلغ حتى يعودوا ويربحوا الإنتخابات. هل سألتم نفسكم لماذا قد يأتيكم أحدهم ليدفع لكم المال؟ النائب يقبض خلال الأربعة أعوام ما يقارب 380 ألف دولار، فكيف يدفع مليونين أو 3 و 4 و5 مليون دولار كي يصبح نائبا؟ إسألوا نفسكم لماذا، ليس أنتم فقط على الصعيد الشخصي، بل إسألوا عائلتكم وجيرانكم وأبناء مهنتكم. وتذكروا أن كل شخص منا يكون فاعلا على الأقل في ثلاث مجتمعات: عائلته، بلدته ومهنته. يجب أن نكون نحن كلنا جنودا لمحاربة المال، المال في الإنتخابات الذي يزور النتائج، والمال في الاعلام الذي يضعضع الشعب اللبناني ولا يسمح له بأي خيار سياسي صحيح ويمنعه من تكوين أي رأي حول أي قضية".

وختم عون قائلا: "إذا موعدنا معكم في العام 2013، فإما أن نكون كلنا على قدر مسؤوليتنا ونضع هذا الصوت لخلاص الوطن، وإما أن نودع، منا من سيكون قد ودع الحياة، ومن يبقى سيودع الوطن".  

السابق
قبيسي: لبنان بأمس الحاجة إلى الهدوء والتروي
التالي
ايران تجدد طلبها رفع العقوبات الغربية