السفير: طرابلس ـ الضحية: الأمن الوطني يهتز.. ولا يسقط الاستقرار

لم يجد أبناء طرابلس حتى الآن، من يطمئنهم إلى يومهم قبل غدهم. ظلوا قلقين ومتوجسين، وجاء رمي القنابل الليلية ورفع المتاريس الرملية وإجهاض الدعوة لاستئناف الحوار، ليزيد منسوب القلق عندهم، لا بل تبدت معطيات سياسية وديبلوماسية وأمنية، من شأنها جعل القلق «وطنياً» بامتياز، وليس «شمالياً» وحسب.
وبعد سلسلة الحوادث الحدودية الأخيرة، في منطقتي عكار والبقاع الشمالي، على خلفية ما يجري في سوريا، شكل «الخروج الكبير» لعدد من كبار المطلوبين في مخيم عين الحلوة، باتجاه الشمال، ثم الأراضي السورية، واستعداد «مجموعات جديدة» للخروج من المخيم في الساعات والأيام المقبلة، استناداً إلى معلومات موثوقة، وإلقاء القبض على «السيارة ـ المستودع» عند مدخل المخيم، مؤشراً الى وجود قرار بهز الأمن والاستقرار في لبنان.
ولولا الموقفان السعودي والسوري اللذان تبلغتهما مراجع لبنانية كبيرة في الساعات الأخيرة، حول حرص البلدين على استقرار لبنان ومنع أي استهداف لسلمه الأهلي، لأمكن القول إن سياسة «النأي بالنفس» لم تعد مطلوبة من «السين سين»، وبالتالي لا يمكن فصل ما جرى ويجري في طرابلس عن هذا المعطى المستجد.
يطرح ذلك سؤالاً بديهياً حول الجهة المستفيدة من اهتزاز الأمن شمالاً، وهو الأمر الذي جعل جهات ديبلوماسية غربية في بيروت تحذر من «بداية ثورة سلفية» تمتد من طرابلس إلى عكار، وتتماهى لاحقاً مع بعض المجموعات السورية المعارضة المسلحة في منطقة حمص تحديداً.
وزاد الطين الأمني بلة، مؤشران إضافيان أولهما قرار كل من «الحزب القومي» و«تيار المستقبل» إحياء ذكرى السابع من أيار يوم غد الأحد في مدينة حلبا، ما طرح أسئلة ومخاوف عكارية كبيرة، وثانيهما، قرار إمام «مسجد بلال بن رباح» الشيخ أحمد الأسير، بإقامة احتفال ديني ـ سياسي في صيدا القديمة، التي تحمل في طيات نسيجها الاجتماعي والسياسي كل عناصر الاشتباك المماثل لما يجري في التبانة شمالاً!
وسط هذه الأجواء، لم تلق الدعوة التي اطلقها الرئيس نبيه بري لعقد طاولة الحوار برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان لبحث الوضع في طرابلس، الصدى المطلوب، اذ تعرضت لانتكاسة بعد أقل من أربع وعشرين ساعة على إطلاقها، برفضها من قبل رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري على قاعدة أن «طرابلس لا تحتاج إلى حوار، بل تحتاج إلى قرار بتحويلها، كما بيروت إلى مدينة منزوعة السلاح، وقرار بوقف تسليح وتمويل بعض الشلل المرتزقة، ووقف تسخير بعض أجهزة الدولة لخدمة أغراض النظام السوري في لبنان».
ويأتي رفض الحريري لدعوة بري بعد الترحيب السريع الذي أبداه النائب وليد جنبلاط، فيما أكدت اوساط رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لـ«السفير» ترحيبه المطلق بالدعوة التي اطلقها بري «لأن الحوار، هو السبيل الوحيد لإخراج المدينة مما تتخبط فيه، فلا بديل للحوار ولا بديل من المصالحة الضرورية وحل الخلافات مهما كانت، ومن هنا جاءت دعوة الرئيس بري في الوقت المناسب ومن الضروري تهيئة كل المناخات لإنجاحها».
وقالت أوساط مقربة من الرئيس الحريري لـ«السفير» إنه هو من أعطى التوجيهات لكتلة «المستقبل» بالانعقاد في طرابلس، وهو أبلغ رئيس الجمهورية وكل فريق 14 آذار أن ما يجري في طرابلس «ضدنا وضد الاستقرار والسلم الأهلي»، وأشارت الى أن الحريري يرفض مبادرة بري، ولكنه مع أن تتخذ الحكومة قراراً سياسياً حاسماً «بالضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه محاولة المس بأمن طرابلس والشمال وكل البلد».
وقد تجاوزت طرابلس امس، «قطوع المولوي» الذي مرّ بهدوء لافت للانتباه من دون تشنجات او انفعالات اعتراضية على رد مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر طلب إخلاء سبيل الموقوف شادي المولوي، في انتظار ما سيقرره القضاء في شأنه الثلاثاء المقبل، حيث سيتم إخضاعه لجولة ثالثة من التحقيق بمواجهته مع آخرين، وفي ضوء النتائج يقرر قاضي التحقيق استمرار توقيفه أو إخلاء سبيله.
وفي هذا السياق، توقع الشيخ سالم الرافعي، أحد قادة المعتصمين في ساحة عبد الحميد كرامي في طرابلس الإفراج عن شادي المولوي الثلاثاء المقبل، قائلا «إذا كان متورطاً فنحن لا نحمي متورطين، أما إذا كان بريئاً فلن نرضى أن يبقى ساعة واحدة في السجن».
واذا كان «قطوع المولوي» قد مرّ من دون اية تفاعلات، فإن التيارات السلفية المتواجدة في المدينة قرنت تجاوز القطوع بما يشبه استعراض القوة» وذلك من خلال صلاة الجمعة الحاشدة في ساحة عبد الحميد كرامي، فيما كان التوتر ما يزال قائماً في المدينة وخاصة في ساعات المساء.
وانفجرت مساء أمس، ثلاث قنابل يدوية ما بين الحارة البرانية وطلعة العمري في التبانة ولا إصابات.
من جهة ثانية، يعقد مجلس الوزراء جلسة عادية في السرايا الحكومية الاربعاء المقبل، تتزامن مع تقديم وزير المال محمد الصفدي مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2012 الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، تمهيداً لبدء مناقشتها في مجلس الوزراء في جلسة تعقد في القصر الجمهوري في الاسبوع التالي.

السابق
الوطن: سوريا وحزب الله خلف المؤامرة على طرابلس
التالي
الشرق الاوسط: الهدوء الحذر يخيم على طرابلس والجيش ينتشر بكثافة في مناطق الاشتباكات