دولة التراضي.. والبلد المسخرة!

خلاصة ساعتين من المناقشات في مجلس الوزراء حول طرابلس التي تقف على حافة بركان قد يحرقها ويمتد الى مناطق كثيرة في هذا البلد السعيد، ما قاله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من ان "النار ما زالت تحت الرماد".

لكن على العكس، فالرماد هو تحت النار في طرابلس وأمكنة أخرى، وسيبقى على هذه الحال الى أن يعي الزعماء والمسؤولون في هذا البلد البائس أن أي حريق يندلع يمكن أن يجدد تدمير البلد، الذي لم يخرج كلياً من تحت أنقاض حروبه العبثية الدامية التي استمرت 17 عاماً.

خلاصة ساعتين من النقاش في حكومة يتحدر خمسة من وزرائها من طرابلس، أثارت الذهول في المواطنين لأنها لم تكن أكثر من عرض فاجع وممجوج وسطحي لما جرى في الأيام الماضية، رافقته طبعاً، ويا لمرارة السخرية، محاولات افتئات رخيصة من بعض الوزراء، كان هدفها الواضح توظيف ما جرى في الحسابات السياسية الضيقة وزواريب الصراع بين 8 و14 آذار ومحاولة تلبيس بيت الحريري و"تيار المستقبل" كل مظهر من مظاهر التطرف السنّي، وهو ما رد عليه الوزير غازي العريضي، في حين تؤكد الأخبار أن أبرز رموز الارهاب يتم تصديرها إلينا من سوريا لأهداف لا تخفى على أحد وسط "الزنقة المتصاعدة" التي وصل إليها النظام.

ساعتان من النقاش لعرض ما جرى وهو ما عرفه اللبنانيون الملتصقون بالشاشات، وللحديث عن الأسباب الميدانية للأزمة الطرابلسية ولسرد الفبركات المسمومة بهدف التوظيف السياسي الرخيص، ولتبادل الآراء في فنون كشف الغطاء عن المسلحين وتوفير القرار السياسي للجيش لكي يتدخل لمنع الانهيار، وفي النهاية لتقديم فصل جديد قديم ومعيب طبعاً عما يسمى "الأمن بالتراضي"، الذي يشكل مدخلاً لجعل الدولة ممسحة ومسخرة، الى درجة أنه صار في وسع أي مواطن يصاب بالصداع أو بالمغص أن ينزل ويقطع الشارع احتجاجاً فيأتيه أحد الوزراء لتطييب خاطره مع حبتي أسبيرين وكوب من الشاي، وهو ما كاد وزير الداخلية مروان شربل يقوله وبكثير من المرارة!

ساعتان ولم يجرؤ أحد على التذكير مثلاً بكلام الرئيس بشار الأسد الذي سبق له أن كرر "إن سقوط النظام السوري سيحرق المنطقة". ومنذ سنة ونيّف لم يتذكر أحد أن عسيس النار في طرابلس والجمر الذي يراه ميقاتي تحت الرماد هما الفتيل والشرارة لمثل هذه الحرائق، وان ما جرى في الأيام الماضية كاد يفجر المدينة لينتقل الى مناطق أخرى، لأن الغليان منتشر في أكثر من مكان ومنطقة بحمد الله وسهر هذه الحكومة الدمية!
كفى الدولة والحكومة مهانة التراضي وغير التراضي، فليس قليلاً أن يقول رفعت عيد إن ليس في وسع أحد أن يهدّئ الأمور إلا بتدخل عربي وإنه يقبل علناً بعودة الجيش السوري الى طرابلس!

السابق
العثور على عبوة ناسفة على سيارة خضار عند مدخل مخيم عين الحلوة
التالي
الاخبار: وزارة المال تنجز الموازنة وبرّي يطلق مبادرة للحوار