من ضروريات الحياة وواجبات الرجل… ضرب المرأة !!

…. "من الضروري أن تُضرب المرأة أو الزوجة لو مرتين في الأسبوع كحدٍ أدنى"، بهذه الكلمات عبَّر أحد الرجال ذي الجنسية المغربية عن رجوليته…
استوقفني فيديو منتشر على إحدى مواقع الانترنت، بعنوان: "مغربي يفتخر بأنه يضرب زوجته مرتين بالأسبوع"، ومن هنا أتت فكرة كتابة هذا المقال..
تفهمنا أن مثل تلك الممارسات كانت سائدة في العصر الجاهلي، أمّا أن نصل إلى هذا الزمن وما زال الكثير من الرجال يتباهون بضرب زوجاتهم ويُدافعون عن ذلك.. فهذا أمرٌ مُستغرب ومُدان…
لن يتفق معي الكثير من الرجال على ما أقول، ولكني سوف أعبِّر عن رأيي مفتخرةً به، لأنه آتٍ من رأي الشرع الإسلامي والشريعة الإنسانية العليا..
ما يثير الدهشة، ليس أنه ما زال يوجد في زمننا هذا نساء تُضرَب، ورجالٌ تضرِب، إنما مدافعة بعض الرجال عن هذا الفعل المُدان بكل الشرائع السماوية…
وللأسف هذه المدافعة تأتي من بعض أصحاب الشهادات والمثقفين فكرياً، كما يدَّعون، ويقولون: لن تُضرب المرأة إلا إذا لزم الأمر….
فما هو الأمر المُلزم للرجل أكان زوجاً أو أباً أو أخاً، أن يضرب المرأة؟؟؟؟
لستُ من دعاة المساواة بين الرجل والمرأة، لأن الله تعالى ميّز بينهما وجعل لكلٍّ منهما دورًا ووظيفةً، فكيف لي أن أُطالب عكس ما هو منصوص بالشريعة؟ ولستُ من المدافعات عن حقوقها وحريتها .(التي باتت غير مسؤولة)… كما أني لستُ من اللواتي يدَّعين ظلم المرأة وتدهور حقوقها…وخاصةً إذا تطبَّق الإسلام بحذافيره…
فقط ما نُطالب به هو، المساواة الإنسانية وألا يتعدى الواحد منهما حدود الآخر..
وبما أنَّ الله جعل الزواج مودةً ورحمة، فكيف للعنف والرحمة أن يتفّقا سوياً؟؟…ومتى كان العنف هو الحل المناسب؟ و يستخدم ضدَّ من؟


ضدَّ النساء اللاتي وصفهن الرسول الكريم(ص) بالقوارير وقال في حقهن: "استوصوا بالنساء خيراً "؟
ورداً على البعض الذين يربطون مسألة الضرب بالشرع، أقول لهم لنقف لحظة من فضلكم:.
إذا كانت الآيه الكريمة : }الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً{ (النساء : 34)
فهذه الآية تجيز ضرب النساء في حالات مستعصية التي يبلغ فيها الإثم درجة عالية: حيث يمكن أن يطلق عليه لفظ فاحشة، أو ناشز، فقط لا غير… وليس في حالات الخطأ المشترك بين المرأة والرجل، أي في حالات مشتركة يمكن للمرأة كما للرجل أن يُخطئ فيها …
فإنَّ الضرب ليس خياراً متروكاً للزوج، لأن الدين الإسلامي الحنيف قد حدد نوعه ومداه.. وهذا الضرب مقتصر على حالة النشوز، كما أسلفنا، ولا علاقة له بالأخطاء العادية.. فهو مشروع ضمن حدود ضيقة وضوابط شرعية، ولم يترك لمزاج الزوج أو حالته النفسية أو العصبية..
كلنا يغضب، ويقول: هذا يستحق أو هذه تستحق الضرب.. ولكن على أرض الواقع العملي والسلوكي لا يجوز للضرب أن يحتل ساحة التصرف…..
ظاهرة مرضية
ولكن للأسف لا تزال هذه الظاهرة الهمجية موجودة بيننا رغم التكتم عليها، إذ بدأت تظهر على السطح بسبب وعي المرأة ورفضها القهر والظلم والاستبداد من قبل الرجل. ووجود جمعيات تساعد على حماية المرأة قانوناً وعملاً، ساعدت الكثير من النساء المُعنفات على تغيير واقعهن المأساوي… في بيتٍ رفعه الله عن كل مذلة وإهانة، وأمر أن يكون مكاناً للرحمة والمودة، ولكن بمنتهى الأسف شاءت يد البشر أن تلوث ذلك كما فعلت مع كثير من نعم الله التي كرم عباده بها..
كما ويقول علم النفس: أن الضرب يحطم معنويات الزوجة ويؤثر على سلوك الأبناء ولا يبنى أسرة سعيدة..
فلماذا نبقي على موروثات تقليدية لا تمت إلى الإنسانية بصلة، لماذا نصر على هذه الممارسات التي تنم عن كل جهلٍ وتخلف، ولماذا لا نأخذ بعين الاعتبار هذا الجيل الذي يربى على هذه العادات اللانسانية؟
يبقى للوازع الديني والثقافة الأخلاقية ووعي الأهل على تربية أبنائهم على عكس ما تربوا عليه، وعودة الإنسان إلى فطرته الحقيقية التي خلقه الله عليها، أن تخلِّص المجتمع من هذه المأساة التي تطال جوانب عدة فيه…
}فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ{ [الروم : 30[…
وأخيراً مهما تحدثنا وقمنا بتوعية المجتمع من خطر هذه الأعمال المشينة وغيرها، لن نستطيع أن نوقفها نهائياً لأنها مرضٌ يتغلغل في النفوس لا في الأبدان وهذه أشد وطأة ولا يُمكن الشفاء منها بسهولة..

السابق
حريق في خراج بلدتي بنت جبيل والجميجمة
التالي
سقوط الأسد ضربة لحزب الله