ابراهيم: المولوي ملفه شائك وكبير

بدا المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم وكأنه في "عين العاصفة" اخيراً، تلك العاصفة التي هبت من طرابلس وعليها غداة قيام جهاز الامن العام باستدراج الشاب السلفي شادي المولوي الى احد المكاتب التابعة لوزير المال محمد الصفدي وتوقيفه، قبل «إفشاء» معلومات عن انه ينتمي الى تنظيم ارهابي.
في لقاء مراسلي الصحف العربية في بيروت مع "اللواء" الذي غالباً ما يقول عنه عارفوه انه «كتوم»، لم يخرج كثيراً عن هذه «السياسة» التي تمليها السرية الامنية، لكنه افصح عن ان المولوي ينتمي الى «القاعدة»، كاشفاً ان توقيفه تم بالتنسيق مع جهاز امني تابع لدولة غربية عظمى.
وفي ما يأتي نص الحديث معه:

من حسن حظنا اننا معكم اليوم لمعرفة الرواية الكاملة لتوقيف شادي المولوي…
ـ من سوء الحظ انه لم يحن الوقت لاعطاء الرواية كاملة، لأن الملف امني والأمر يتناقض بعض الشيء مع مهمتكم، رغم التكامل الاستراتيجي بين الامن والاعلام. عملنا يتسم بالسرية التي يتطلبها اي نجاح.
الملف (توقيف شادي المولوي) شائك وكبير جداً، عملنا على متابعته وبمنتهى السرية على مدى 13 يوماً، وله تداعيات كبيرة بسبب ابعاده الدولية والاقليمية والمحلية. وشاء القدَر ان يطل الامن العام على المستوى الامني ولأول مرة عبر هذا الملف.

وزير المال محمد الصفدي (استُدرج المولوي الى مكتبه لتوقيفه) رفع دعوى قضائية ضد «الامن العام»، اسلاميو طرابلس لن يرفعوا الاعتصام قبل تركه، ووزير الداخلية مروان شربل اجرى تحقيقاً مع الضابط الذي نفذ العملية… ما سر كل هذا؟
ـ وزير الداخلية كلف المؤسسة اجراء التحقيق، وانا على تنسيق تام وتفاهم تام معه، فنحن نخضع لسلطة وزير الداخلية، فما من مشكلة في الامر.
يوجد 4 ملايين لبناني، لماذا اوقف شادي المولوي دون سواه؟ واقول اكثر من ذلك، هناك شخص آخر اوقف في طرابلس قبل ثلاثة ايام من توقيف المولوي ومن ضمن الشبكة عينها، فلماذا لم نر ردود افعال؟
اود ان اقول ما هو أهم، مرجعي هو القضاء وليس زعماء الشوارع، آخذ استنابة وأذهب لتنفيذها، وعندما تكون تغطيتي من القانون والقضاء فلا خطوط حمر بالنسبة إليّ، أما إذا كان عليّ ان آخذ الاستنابة ممن اريد توقيفهم، فهذا يعني نهاية الدولة والقضاء. لا يهمني رد الفعل بقدر ما تهمني المهمة المقدسة التي انفذها، وهي في الاساس لمصلحة المعتصمين، خصوصاً عندما يعرفون الاسباب التي ادت الى توقيف المولوي.

هل لتوقيف شادي المولوي علاقة بباخرة الاسلحة التي ضبطت قبل مدة؟
ـ لا… لا، وأود ان اوضح ان عملية توقيف المولوي لا علاقة لها بسورية لا من قريب ولا من بعيد، ولا صحة لكل ما قيل عن اوامر سورية و«حزب الله». العملية تمت بالتنسيق مع جهاز امني غربي… تأخرنا في توضيح الامر تاركين للاخرين إفراغ ما في جعبتهم، وضعونا عند سورية و«حزب الله»، نحن لسنا عند أحد، نحن عند القانون اللبناني.

زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون قال ان ما جرى في طرابلس على صلة بما يحدث في سورية…
ـ… لا اريد الدخول في السياسة، غيره قال ان الامر على صلة بـ «حزب الله»، وهناك من رأى عكس ذلك، المسألة خضعت للكثير من التأويلات.
اود ان اقول شيئاً واضحاً، انا مسلم وأفهم ماذا تعني السلفية وجذوري تعود لبداية الاسلام، أحترم هذا الفكر لكن ثمة فارقاً كبيراً بين السلفية وبين «القاعدة»، وأعتبر ان هذا النشاط مسيء للاسلام في الدرجة الاولى اكثر مما يسيء الى اي شيء آخر، لذلك قلت انني ادافع عن المعتصمين وعن اهل طرابلس.

جرت تسريبات كثيرة حول ارتباط المولوي…
ـ إنه ينتمي الى «القاعدة».

يعني ان تنظيم «القاعدة» موجود في لبنان؟
ـ لقد ثبت ذلك.

وزير الداخلية قال لنا في الاسبوع الماضي ان لا تنظيم لـ «القاعدة» في لبنان…
ـ نحن لا نتحدث عن تنظيم، نتحدث عن افراد وعن انتماء، هؤلاء الافراد ينتمون الى تنظيم، وليس من الضروري، كما قال معالي وزير الداخلية، ان يكون لهم يافطة ومكتب.

هل الاجهزة الامنية قادرة على الامساك بالوضع؟
ـ ما دمنا قادرين على اتخاذ قرار وتنفيذه، يعني اننا على الطريق الصحيح في استعادة قدرتنا الامنية وهيبة الدولة والقانون.

مَن يؤمن لكم التغطية السياسية من الفريقين (8 و 14 آذار)؟
ـ لا يهمني من يؤمن لي التغطية في السياسة، لديّ مرجعياتي الرسمية.

الم يزعجكم ما يحدث في طرابلس، وهل تأمنت لكم التغطية الكافية من مجلس الدفاع الاعلى؟
ـ فخامة الرئيس (رئيس الجمهورية ميشال سليمان) اصر خلال اجتماع المجلس الاعلى للدفاع على تضمين البيان الصادر عبارة «الثناء على الاجهزة الامنية ودورها». نحن ندير الاذن الصماء للسياسة، فالامن العام في السياسة «اطرش» وجهدنا ينصبّ على الامن… آذاننا وعيوننا مفتوحة على الامن.

لوحظ ان الجهات السياسية ركزت على الشكل لا على المضمون في عملية توقيف شادي المولوي، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي بدا عاتباً عليكم…
ـ من حقه.

لماذا تمت العملية عبر استدراج المولوي الى مكتب تابع للوزير الصفدي؟
ـ نحن امام مهمة كبيرة، الضابط على الارض خلص الى تقرير بأن قدسية المهمة اهم من قدسية اي شيء آخر. تعليماتنا للضباط كانت استدراج هذا الشخص وإلقاء القبض عليه. وعملية توقيفه صعبة فهو رجل مسلح وبرفقة مواكبة مسلحة بدليل انه عندما اوقف كان برفقة اثنين من المسلحين اللذين هربا، وتعليماتنا كانت استدراجه بالطريقة المناسبة، والضابط استنسب توقيفه بالطريقة التي تمت.
في 13 سبتمبر 1993 سقط عشرة قتلى على جسر المطار نتيجة اطلاق نار من الجيش على المتظاهرين، وأتحدى ان يكون عُرف اسم الضابط الذي اعطى الامر باطلاق النار واذا حوكم ام لا؟ هذا لا يعني ان المؤسسة لم تتخذ تدبيراً، نحن مؤسسات تخضع للقانون ونحترم حصانات من لهم حصانات.

لكن مسألة توقيف المولوي اخذت بعداً مذهبياً…
ـ اخذت بعداً مذهبياً واقليميا ً… واعود واكرر اننا نسقنا في هذا الملف مع جهاز امني غربي لا علاقة له لا بالمذهبية ولا بسواها. وأعتقد ان دولة كبرى وعظمى لا يمكن ان تدخل في ملف امني بالزواريب الطائفية، ما من احد مضطر للدخول في لعبة الزواريب حتى انا، ومن يعرف المدير العام للامن العام في تاريخه وسيرته يدرك ذلك.

ثمة شعور بالاضطهاد لدى الاسلاميين نتيجة توقيف بعضهم منذ خمسة اعوام ومن دون محاكمة…
ـ اود ان اكون صريحاً ولن اكشف سراً بان المجلس الاعلى للدفاع اتخذ قبل ايام قراراً بمتابعة هذا الموضوع. يوم كنت رئيساً لفرع مخابرات الجيش في الجنوب أثرت هذا الملف عبر لقاءات مع المسؤولين وابلغت اليهم ان سجن رومية يحوّل البعض ارهابيين، فعلينا التعجيل في المحاكمات، والسلفيون ممن انا على علاقة بهم يعرفون هذا الامر وكنت شجعتهم على القيام بخطوات في اتجاه السياسيين لمعالجة هذا الملف.

من هو شادي المولوي، هل هو العقل المدبر لتنظيم «القاعدة» في لبنان؟
ـ هو طرف في شبكة إرهابية، وعندما تكون لدينا معلومات عن اي شخص يمارس نشاطاً امنياً او سياسياً خارج اطر القوانين اللبنانية المحلية نقوم بتوقيفه، وهذا ما حصل واوقفناه فحصل رد فعل من اطراف عدة لكل منها منطلقها، وتجمعت تلك المنطلقات فحدث ما شهدناه في طرابلس. البعض تعاطف معه لأنه يفكر مثله، ولا مشكلة لديّ مع مَن يفكر، فنحن بلد ديموقراطي، ومشكلتي مع مَن يمارس.

هل أثرت هذه الضوضاء على حياتك اليومية، كالتحوط اكثر ورفع اعداد المرافقين مثلاً؟
ـ على مدى 36 عاماً لم يدخل احد من الدولة اللبنانية الى مخيم عين الحلوة (القريب من صيدا). ارتديت الجينز ودخلتُ المخيم وناقشت مع جماعات يحظر على اي كان اللقاء بهم، لأنني وجدت في الامر مصلحة للبنان. كان من واجبي ان لا يتكرر نهر البارد في عين الحلوة. طبعاً اخذت في الاعتبار يومها الخطر الذي يمكن ان أتعرض له مع التهديدات التي كانت تصلني. ذهبت الى لب المشكلة لحلها، وأنا الآن على افضل العلاقات مع جميع الفلسطينيين في عين الحلوة بغض النظر عن انتماءاتهم.

في «معمعة» الملف المثار طُرحت قضية المعايير المزدوجة في الأمن… ثمة اربعة مطلوبين من المحكمة الدولية في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، وبالأمس خطف رجل دين مسيحي وأطلق من دون توقيف احد، كيف ترد على ذلك؟
ـ لا اريد التحدث في السياسة… توافرت لي معلومة عن وجود شخص او اشخاص يمارسون العمل الارهابي في لبنان، راجعتُ القضاء وتحركت. اذا لم تتوافر لديّ معلومة عن اي شيء آخر لا يمكنني مراجعة القضاء ولا يمكنني التحرك.

الامن العام لا يتقصى المعلومات؟
ـ الامن العام ضابطة عدلية قانوناً ومسؤول عن مكافحة الجرائم التي تطال الدولة في الداخل او في الخارج. نحن نجمع معلومات سياسية واقتصادية وأمنية لمصلحة السلطة السياسية، فهذا من صلب مهماتنا.

هذا يعني انكم معنيون بتوقيف المتهمين الاربعة باغتيال الحريري؟
ـ طبعاً، الاربعة صدرت بحقهم استنابات قضائية، ما من شيء غير طبيعي، وأعود وأكرر بأن سقفي هو القانون بغض النظر عن اي قضية قيد المتابعة.

قيل ان توقيف المولوي على صلة بمساعدته للنازحين السوريين…
ـ بالنسبة الى الموضوع السوري، نحن في الامن العام على علم بوجود معارضين سوريين في لبنان، نعرفهم بالأسماء. وأتحدى او يكون الامن العام مارس التضييق على احد او تعرض لأحد من هؤلاء المعارضين. نحن بلد حرية وديموقراطية وانا اقدس ذلك. اما من يريد الاخلال بالأمن فستكون لديّ مشكلة معه.

ذُكر انك زرت العاصمة السورية في الايام القليلة الماضية…
ـ نعم زرت سورية والتقيت بعدد من المسؤولين، وهناك قضية اتابعها يفيد منها لبنان وعندما ننتهي منها اعلن عنها… أنسق أمنياً مع سورية والقوانين اللبنانية واضحة في هذا المجال، هناك اتفاقات ومعاهدات، والأهم انه لو لم يكن هناك اتفاقات فعلينا التنسيق مع سورية ما دامت على حدودنا لمصلحة الأمن في البلدين وللأمن فقط.

جرى الحديث عن لائحة إسمية من دمشق لتسليم السلطات السورية بعض المعارضين الذين لجأوا الى لبنان. ما صحة ذلك؟
ـ ابداً… اؤكد ان هذا غير صحيح. المشكلة السورية في سورية والمشكلة اللبنانية في لبنان. طالبنا على مدى عقود بعدم التدخل السوري في لبنان، لماذا نتدخل في شؤون سورية؟!

بدا موقف رئيس الحكومة السابق سعد الحريري من الاحداث في طرابلس داعماً للدولة ومحذراً من الفوضى…
ـ الرئيس الحريري يعلم ما لا يعلمه الآخرون.

قيل ان الشبكة تضم أشخاصاً من جنسيات عدة…
ـ نعم من جنسيات عدة ونقطة على السطر.

هل الأوضاع تحت السيطرة؟
ـ عندما نتخذ قراراً ونسير به حتى النهاية ويكون مغطى قانوناً نقطع الطريق على التطاول على الدولة.

لكنهم في طرابلس يعتصمون في الساحة ويقطعون الطريق…
ـ اقفلوا الطريق لأنهم تعودوا قطع الطريق لتحقيق ما يريدون. هذه هي المشكلة. عندما يتعودون وجود قضاء يقلعون عن هذا الأسلوب. لو اطلق القاضي صقر صقر امس المولوي لكنتُ انا في قفص الإتهام. رد الفعل الذي حصل لم يُفد طرابلس بل اضرها، والقضاء سيأخذ مجراه، فإما ان يكون هناك قضاء وإما ستحلّ بنا شريعة الغاب. فالقضاء برأني امس وأثبت ان عمليتي كانت نظيفة.

لبنان على عتبة موسم سياحة واصطياف، فماذا تقول للمصطافين العرب والخليجيين تحديداً؟
ـ اقول لهم اهلاً وسهلاً فلبنان بلدهم، وأمنهم من مسؤوليتنا ونحن على استعداد لتحمل هذه المسؤولية. وان شاء الله يكون الصيف مرتعاً للمصطافين العرب، هم اخوتنا، وكل من تطأ قدمه الأرض اللبنانية نحن مسؤولون عن أمنه كما اننا مسؤولون عن امن مواطنينا.

هل من تسهيلات يقدمها الامن العام للمصطافين؟
ـ الاخوة العرب يأخذون تأشيراتهم من المطار، خصوصاً الخليجيين، واولئك الذين يصطحبون معهم الخدم، فالتسهيلات قائمة والتنسيق مع الأجهزة الامنية في الدول العربية قائم وفعال ويتم تفعيله اكثر. لبنان بلدهم وهو ربما يكون الاكثر أمناً وأماناً في هذه المرحلة من اي دولة اخرى.

السابق
إلى متحاورين لا إلى متحاربين
التالي
اطلاق المبادرة الوطنية للوحة الإلكترونية