من يسعى لإخراج الجيش من الشمال؟

تقول مصادر أمنية لبنانية انه كان من المُتوقع ان ينفجر الوضع الامني في طرابلس، منذ أشهر عدة، خاصة بعد ان فتح احد نواب عكار النار على الجيش، بسبب خلاف شخصي مع احد الضباط في الشمال، ثم تصاعدت الحملة تباعا لاغراض سياسية داخلية واقليمية، الى ان كانت الشرارة غير المبررة توقيف شادي المولوي من قبل الامن العام، علما بأن مصادر الامن العام تقول ان توقيفه جاء على خلفية وضع اليد على شبكة يشتبه بوجود صلة لها بتنظيم «القاعدة».
وبغض النظر عن الجانب الشكلي في توقيف المولوي، والخطأ في الطريقة، فإن مصادر امنية رفيعة المستوى تؤكد ان التوقيف تم بأمر من القضاء وبإشراف منه، والتحقيق معه تم باشراف القضاء، وقد انتهى التحقيق، امس، واحيل مع الملف على القضاء العسكري.

وقد ادعى مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية الدائمة القاضي صقر صقر على المولوي وخمسة أشخاص آخرين بينهم قطري الجنسية بتهمة «الانتماء إلى تنظيم إرهابي مسلّح وارتكاب الجنايات على الناس، والنيل من سلطة الدولة وهيبتها، وذلك سنداً إلى المواد 335 و314 عقوبات و5 و6 من قانون الإرهاب الصادر في 11/1/1958. وقد أحيل المدعى عليهم وبينهم ثلاثة كانوا موقوفين في السابق، على قاضي التحقيق العسكري نبيل وهبة الذي باشر التحقيقات الاستنطاقية».
واستجوب قاضي التحقيق العسكري نبيل وهبي المولوي بعد ظهر أمس، وأصدر مذكرة توقيف وجاهية بحقه، كما استجوب حمزة محمود طربيه وتركه بسند إقامة، وعبد العزيز عطية (قطري الجنسية) وتركه بسند إقامة ومنعه من السفر.
وتضيف المصادر ان اندلاع اشتباكات طرابلس بذريعة توقيف المولوي أو الاعتصام المفتوح حتى اطلاق سراح الاسلاميين، حمل الكثير من الاسئلة حول الاسباب الحقيقية للانتشار المسلح الذي حصل في المدينة وخاصة على متن دراجات نارية صغيرة وصولا الى اقامة حواجز متنقلة، بحيث لم يتمكن أي مسؤول سياسي او مرجعية سياسية او دينية من السيطرة على حركة المسلحين، الذين قام بعضهم باطلاق النار عشوائيا على عناصر الجيش وقوى الأمن والمدنيين، وطبعا على منطقة جبل محسن.
وتعتقد جهات امنية رسمية مسؤولة ان مخاطر ما جرى، تكمن في ان المطلوب على ما يبدو إخراج الجيش كليا من منطقة الشمال، تحت حجج وذرائع شتى، لأنه بات يشكل «ازعاجا» واضحا لحركة نقل السلاح والمسلحين الى المناطق السورية، عدا عن ان الجيش يقف حاجزا قويا امام محاولات اقامة منطقة آمنة او عازلة سواء في عكار او سواها، ليس دفاعا عن النظام السوري كما يدعي البعض، انما دفاعا عن استقرار لبنان، لأن استباحة مناطق عكار وطرابلس ستخلق واقعا امنيا وساسيا تستحـــيل السيطرة عليه مستقبلاً، وتفتح مستقبل الوضع اللبناني على المجهول.

وترى أوساط رسمية متابعة انه ليس من مصلحة لبنان ان يتحول بفعل قرار احادي، الى ساحة تتلقى شظايا الصراع الدولي والاقليمي الكبير، «ومن هنا كانت سياسة النأي بالنفس الحكومية، التي كان يجب ان تستتبع بسياسة امنية متشددة مع حركة السلاح والمسلحين الى أي جهة انتموا، لمنع العبث والانفلات كما هو حاصل اليوم في طرابلس».
لذلك رأت الاوساط أن مواقف الرئيس سعد الحريري، امس الاول، الداعية الى عدم مواجهة الخطا بالخطأ والى لمّ المسلحين من الشارع، حملت استشعارا منه بخطورة الانفلات الامني المسلح، وتحوله الى حالة تطال اول ما تطال «تيار المستقبل» ذاته اذا تعذرت السيطرة عليها.

وثمة من يخشى ان ينتقل التوتر الى مناطق بقاعية متاخمة للحدود السورية، لا سيما اذا صدقت المعلومات التي تفيد ان منطقة القصير السورية تحولت الى قاعدة تجمع للمسلحين المناوئين للنظام، الفارين من حمص وسواها، وانها قد تتحول الى منطقة معارك عنيفة في حال قررت السلطات السورية السياسية والعسكرية «تنظيف» هذه المنطقة، ما يعني ان منطقة الحدود في البقاع ستشهد ايضا حركة هروب واسعة للمسلحين باتجاه لبنان، ما يزيد الوضع الامني اللبناني تعقيدا.
وتفيد المعلومات ان نقاشا واسعا يدور في الاوساط الرسمية اللبنانية حول كيفية التصدي لحالة فلتان السلاح، وتطرح خيارات عدة وتدرس الجهات المعنية الكلفة التي ستترتب على كل خيار، «الا اذا قررت القوى السياسية المعنية اعتماد خيار العقل والنأي بلبنان وشبابه عن الصراع الكبير في المنطقة».

السابق
السفير: طرابلس ـ الضحية: الأمن يعود مع الجيش اليوم
التالي
حي الفنار في حلة جديدة في صور