طرابلس للدولة.. لا للفوضى

تماماً مثلما قال الرئيس سعد الحريري: لا يُعالج الخطأ "الرسمي" بخطأ عشوائي ومسلح يُحاكي في محصّلته الأخيرة الخطايا المرتكبة تحت عنوان السلاح المقاوم.
والمعادلة واضحة وإن كانت تحتاج الى تظهير مجدداً: الفوضى لا تضرّ إلاّ بأصحابها قبل غيرهم، وبأهلها قبل الآخرين. ولا تفعل إلاّ تقديم حجّة مجانية لأصحاب السلاح وأجندتهم المطّاطة الممتدة من "مقاومة إسرائيل" شعاراً، الى تشريع سيطرتهم على لبنان وقراره ومقوماته بكل مراتبها مضموناً!
إزدواجية السلاح كانت ولا تزال المسمار الأول الذي دقّ في نعش الجمهورية التي كانت في يوم ما درّة الشرق ومرتجاه والمثال، رغم علاّتها ونواقصها وشوائبها.

تحصل تلك الإزدواجية اليوم مجدداً مع السلاح المقاوم، وحصلت سابقاً مع الوجود الفلسطيني المسلّح في مطالع سبعينيات القرن الماضي، حيث تناسل ذلك السلاح مع "وهجه"، ورغماً عن أصحابه في حالات كثيرة، الى كل تفصيل في حياة اللبنانيين حتى قضى عليها. وتطاول على بعض مظاهر السلطة الرسمية حتى شلّعها ودمّرها.
إزدواجية السلاح لا تركب في دولة واحدة. ولا تحتمل السلطة الشرعية، الاجتهاد ولا الدلالات الناقصة، ولا العدّة الملتبسة، كما لا تحتمل أي مزاحمة مهما صغرت، فكيف إذا كانت تلك المزاحمة رازحة تحت عناوين خطيرة وكبيرة بكبر قضية "مواجهة إسرائيل" أو "تحرير فلسطين" أو "المقاومة"!؟.

قصّة طرابلس فيها من الأفخاخ ما يكفي لاستحضار كل التاريخ الأسود للحروب اللبنانية منذ بدايتها الرسمية في العام 1975. ولا يطلب ذلك الاستحضار إلاّ من يضمر شراً وشياطين، بالمدينة وأهلها، وبالدولة وسلطتها وأحاديتها ومسؤولياتها. ومن يضمر ويعلن نيّته "تأديب" داعمي الثورة السورية (حتى لو كان دعمهم سياسياً وإعلامياً وإغاثياً وإنسانياً) وترجمة تهديداته لهم ميدانياً، وإرهاق المناوئين المحليين له في معمعة دموية تجري في أرضهم وليس في أرضه، وإرباكهم في السياسة والانتخابات، بل في كل شأن يتصل بمواجهة محاولات إكمال سيطرة مدّعي الممانعة على الكيان والجمهورية والسلطة ومؤسساتها وأدوارها.

أفضل خدمة تُقدّم لبشّار الأسد اليوم، هي الانجرار الى تلك اللعبة السلاحية الدموية المدمّرة الجارية الآن.. لا يطلب شيئاً "أعزّ" منها. فهي، الى كل ما سبق، تخفف الضغوط عنه، وتسمح له بتصدير جزء من المتابعة الإقليمية والدولية المصبوبة باتجاهه، الى أماكن وحالات أخرى، وتتيح له فوق ذلك ترجمة مقولته الأولى عن إشعال المنطقة مذهبياً وطائفياً من البحر المتوسط حتى أفغانستان!
محقّ الرئيس سعد الحريري "الحل لا يمكن أن يكون بالخروج على الدولة أو القبول بمظاهر الخروج عليها. الدولة كانت ولا تزال مشروعنا السياسي الوحيد (…) ودماء اللبنانين غالية، والعدالة لا تحصّل باليد بل بالقانون.. هكذا علّمنا الرئيس الشهيد رفيق الحريري وهكذا سنبقى".. وطرابلس وأهلها، أكثر من لبّى وحَفَظ!

السابق
سورية: أطول مما نعتقد !
التالي
رد إسرائيلي