اللواء: سليمان: أدعو الجميع لتسهيل مهمة الجيش لحفظ الأمن والإستقرار

حتى ساعة متأخرة فجراً، ولليوم الثالث على التوالي، بقي الزناد على السلاح سيد الموقف بين باب التبانة وجبل محسن، حاصداً خمسة قتلى وعشرات الجرحى، فيما كانت الساعي تتواصل على نحو بالغ الجدية وعلى كل المستويات، آخرها كان الاجتماع الذي عقد في التبانة وشارك فيه مختلف الاطراف والتيارات الاسلامية التي التقت في ساحة النور للاعتصام، ولبحث بند وحيد هو وقف النار.
وعليه، تمكنت المساعي من رسم خارطة طريق لمحاصرة نار الاشتباكات والفتنة تقضي بـ:
1- وقف متزامن وفي وقت واحد لاطلاق النار في التبانة وجبل محسن.
2- مناشدة الجيش اللبناني الدخول الى مناطق الاشتباكات والتمركز فيها، سواء في حي الاميركان ذي الغالبية العلوية، او منطقة "مشايع الريف" ذات الغالبية السنية والمتخامة للقبة.
3- انسحاب المسلحين من الشوارع وفتح الطرقات في ساحة النور.
وكشف مصدر مطلع ان القيادات الامنية والعسكرية اشترطت مرافقة مسؤولين عن الجماعات المسلحة للجيش في مناطق الانتشار لضمان عدم اطلاق النار على عناصرها.
وتقرر ان تعقد الشخصيات الفاعلة من ابناء التبانة والذين اجتمعوا في جامع حربا مؤتمراً صحفياً اليوم لتوضيح ما جرى خلال الايام الثلاثة، ومن ضمن المواقف التي ستعلن التأكيد على ان التبانة كانت دائماً مع التهدئة، ومع دخول الجيش لضمان الامن والاستقرار في المنطقة، وانهم تأكيداً على هذا الموقف اتخذوا قراراً بوقف اطلاق النار عند منتصف الليل، والموافقة على ان يقوم بعض المشايخ ومن بينهم مازن المحمد ووليد طبوش وخالد السيد، وعربي عكاوي وعزيز علوش وسعد المصري بمواكبة دخول الجيش الى التبانة، على ان يتم الدخول بطريقة متزامنة ومتوازية وعادلة في المنطقتين، وكي لا يشعر احد بالغبن.

وأكد نائب طرابلس وعضو كتلة "المستقبل" النائب محمد عبد اللطيف كبارة لـنا ليلاً ان الجيش سيبدأ انتشاره في المنطقتين عند الساعة السادسة صباحاً، بمؤازرة قوى الامن الداخلي التي تم تعزيزها بـ250 عنصراً، مبدياً اعتقاده بان القرار هذه المرة هو جدي، وان الامور تغيرت بالنسبة لنظرة السلطة السياسية للامور، مشيراً الى ان اهالي التبانة موافقون على هذا الدخول وهم كانوا مع تسهيل كل مهمات الجيش، وهم كانوا ينتظرون دخول الجيش قبل اليوم.
وكشف النائب كبارة لـ"اللواء" بأن الخطة كانت تقضي منذ ليل امس الاول بأن يرافق هو شخصياً دخول الجيش وبناء لذلك دعا الى اجتماع في منزله لمواكبة الخطة في حضور جميع فعاليات المدينة، لكنه فوجئ بعد نقاش وجدال وعرض لكل ما جرى، وفي حضور مسؤول مخابرات الجيش في الشمال العميد عامر الحسن، بتلكؤ من جانب الجيش بحجة عدم وجود قرار سياسي بالانتشار، وانه لا يكفي بالنسبة اليه رفع الغطاء السياسي عن المسلحين، بل سحب هؤلاء المسلحين، الامر الذي دفع كبارة، وبحسب قوله، الى ان يخرج الى الاعلام ومهاجمة السلطة السياسية واتهامها بالتآمر على طرابلس، وكذلك انتقاد مقررات مجلس الدفاع الأعلى، ودعوة الرئيس نجيب ميقاتي إلى الاستقالة، إذا لم يستطع حماية طرابلس، وهو من أبنائها، مشيراً إلى انه بعد هذا التصعيد السياسي والكلام من جانبه، وبالتزامن مع حركة اتصالات أجراها رئيس كتلة "المستقبل" الرئيس فؤاد السنيورة مع الرؤساء الثلاثة ميشال سليمان ونبيه برّي وميقاتي، في إطار التشديد على ضرورة نزول الجيش الى مناطق الاشتباكات، وان تتحمل السلطة السياسية مسؤولياتها كاملة، اتخذ قرار على مستويات رفيعة بانتشار الجيش صباح اليوم.

سليمان
وكان الرئيس سليمان قد ركز في أحاديثه مع زواره في القصر الجمهوري في بعبدا، على "اهمية أن يعي الجميع من مسؤولين وقيادات أمنية وسياسية خطورة الانزلاق إلى التوتير الأمني وانعكاس ذلك سلباً على الوضع العام في البلاد، وعلى الأفرقاء أنفسهم في هذه الظروف البالغة الدقة التي تشهدها المنطقة وتمر بها. وهو كان بحث الموضوع الأمني مع وزير الداخلية مروان شربل الذي اطلعه على آخر المعلومات المتوفرة عن الوضع في طرابلس والاتصالات والمعالجات الجارية لضبط الوضع واعادته إلى طبيعته هناك.
وأشارت هذه المعلومات إلى اجتماعات عقدت في سجن رومية بين الموقوفين الإسلاميين ومسؤولين امنيين بالتزامن مع احداث طرابلس، حيث تمّ اعلام الموقوفين أن المحاكمات ستحصل في وقت قريب جداً، وستكون عادلة، بعد إنجاز بناء القاعة الفسيحة التي ستتسع لعدد هؤلاء الموقوفين (160 موقوفاً وبعضهم أمضى خمس سنوات من دون محاكمة)، مقابل تلقي المسؤولين وعوداً من الموقوفين بعدم التصعيد.
وأوضح شربل في بيان، انه تمّ استدعاء ضابط الأمن العام الذي دخل إلى مكتب الوزير محمّد الصفدي لاحتجاز الموقوف شادي المولوي، لاجراء التحقيق المسلكي حول كيفية دخوله إلى مكتب الصفدي والذي أكّد من جهته الإصرار على معرفة الملابسات وعلى محاسبة من اتخذ القرار باستعمال اسمه في استدراج المولوي، علماً ان قاضي التحقيق العسكري نبيل وهبي استجوب بعد الظهر ثلاثة موقوفين بجرم الانتماء إلى تنظيم ارهابي مسلح، وهم المولوي واصدر مذكرة توقيف وجاهية بحقه، وحمزة محمود طربيه وتركه بسند إقامة، والثالث يحمل الجنسية القطرية ويدعى عبدالعزيز عطية وتركه بسند إقامة ومنعه من السفر، على أن يتابع القاضي وهبي اليوم استجواب ثلاثة موقوفين آخرين، وبينهم الأردني محمّد يوسف عثمان عبدالسلام الذي كان اوقف منذ ايام بعدما كان ابعد من ايران الى سوريا ومنها إلى لبنان، وهو مرتبط بالمولوي بشكل وثيق، الا ان مصادر التحقيق رفضت الافصاح عن المزيد من المعلومات، احتراماً لسرية التحقيق في ملف بالغ الحساسية، اطلع على تفاصيله الرؤساء المعنيون مباشرة.
غير أن تلفزيون "الجديد" كشف عن معلومات بأن المولوي كان قد اوقف لمدة سنتين، من دون الإشارة إلى مكان توقيفه.
ونفى الرئيس سليمان، في الحوار الذي أجرته معه "اللواء" أن يكون للموضوع الداخلي السوري علاقة بما حصل، مشيراً إلى أن توقيف المولوي جاء بناء على معلومات للأجهزة الأمنية، وبالتالي القضاء هو الذي يقرر في هذا الشأن، ما يعني أن أي تحرك في الشارع وربطه مسبقاً بالإفراج عن المولوي قبل أن يقول القضاء كلمته يصب في خانة زعزعة الاستقرار، مكرراً دعوته إلى الجميع لتسهيل مهمة الجيش والقوى الأمنية في اتخاذ التدابير الآيلة إلى حفظ الأمن والاستقرار .

ميقاتي
أما مصادر رئيس الحكومة، فقد نفت ما تردد عن إلغائه اجتماعاً كان مقرراً عصر أمس لبحث ملف الإنفاق المالي، وأكدت أن جلسة مجلس الوزراء المقررة غداً الأربعاء قائمة في موعدها، وعلى جدول أعمالها ملف الإنفاق رغم أنه لم يتوفر له حل حتى الساعة، إلى جانب الموضوع الأمني الذي سيكون بنداً أساسياً في ضوء ما جرى في طرابلس.
وأوضحت المصادر أن القرار بانتشار الجيش في المدينة موجود ولكن بعد تهيئة الأجواء السياسية، لكي يتم دخوله بطريقة هادئة، وبدون مصادمات مع أحد.
وردّت المصادر على الأصوات التي طالبت ميقاتي بالاستقالة، مشيرة إلى أن على هؤلاء أن يوقفوا الشحن ضد الجيش، وتصوير الدخول بأنه ضد طرابلس وضد السنّة، مؤكدة أن التمهل مردّه ضرورة توفير الأجواء السياسية المناسبة، وعلى قاعدة الحفاظ على هيبة الدولة.
ولفتت هذه المصادر إلى أن رئيس الحكومة هو إبن طرابلس ولكنه في النهاية رئيس حكومة لبنان، وهو من هذه الزاوية وقف عند الخطأ الذي ارتكبه الأمن العام في طريقة توقيف المولوي الذي على القضاء أن يثبت أنه بريء إذا كان بريئاً بالفعل، وبالنهاية فإن على القضاء أن يقول كلمته في هذا المجال، وإذا ثبت جرمه فيجب محاكمته.
وكشفت انه سبق للرئيس ميقاتي ان فتح منذ شهرين ملف الموقوفين الاسلاميين مع مدعي عام التمييز سعيد ميرزا رغم أن هذا الملف موجود منذ ما قبل تسلم ميقاتي رئاسة الحكومة. وقد اكد له ميرزا في ذلك الاجتماع ان لا سبب سياسياً لتأخير محاكمة هؤلاء الموقوفين، لكنه مرتبط بحجم الملف وضخامة عدد الموقوفين (160 موقوفاً) والذي أدى الى مشكلة لوجسيتية نتيجة عدم وجود قاعة تستوعب كل هذا العدد في مكان واحد، نظرا لان التهم مترابطة كلها ببعضها البعض.

الحريري
ومن جهته، اجرى الرئيس سعد الحريري الليلة سلسلة اتصالات شملت الرئيس سليمان والرئيس السنيورة ومفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار وقائد الجيش العماد جان قهوجي والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي وعرض معهم الخطوات المطلوبة لمتابعة معالجة الوضع الميداني المتفجر بين منطقتي بعل محسن وباب التبانة في طرابلس والعمل لانهاء الاشتباكات الحاصلة هناك.

تفاؤل أمني
إلى ذلك، أبلغ مرجع أمني رفيع لـ "اللواء" تفاؤله بنجاح خطة دخول الجيش إلى المنطقتين اليوم، لافتا إلى ان الغطاء السياسي لهذه الخطة بات متوافرا من جانب جميع الفرقاء. وأمل في ضوء هذا الانتشار ان تتوقف الاشتباكات ويعود الهدوء إلى المدينة، بعد ثلاثة ايام من التوتر حصدت سقوط تسعة قتلى واكثر من 56 جريحاً، بعد سقوط خمسة قتلى يوم امس، حيث سجل دخول مدفعية الهاون لاول مرة في هذه الاشتباكات، بينها قذيفتا هاون سقطتا في بابا التبانة، كما سقطت قذيفة هاون على شارع المئتين وأخرى في محلة الزاهرية.

واشارت معلومات إلى سقوط عدد من القتلى في طلعة الشمال بين جبل محسن والتبانة، في ظل دعوات وجهت لسكان التبانة لاخلاء منازلهم "لان الليلة ستكون عنيفة".
وترافق ذلك مع وصول امام مسجد بلال بن رباح في صيدا الشيخ احمد الاسير بشكل مفاجئ إلى ساحة النور، والقى محلة في الاعتصام الذي ينفذ للمطالبة بالافراج عن المولوي، فيما اقدم عدد من الاشخاص على قطع طريق حلبا – عكار – ببنين بالاطارات المشتعلة لبعض الوقت، تضامناً مع المعتصمين.

السابق
الشرق الأوسط: طرابلس بين نار المعارك المسلحة وتهديدات بتصعيد ردود فعل المعتصمين مقتل 5 أشخاص في الاشتباكات المستمرة بين مقاتلين في جبل محسن وباب التبانة
التالي
الأنوار: الوضع في طرابلس يتدهور نحو الأسوأ… والعجز الحكومي مستمر