السيد عبد الله الامين في ذمة الله

رحل السيد عبد الله السيد عبد الحسين محمود الأمين الحسيني. وُلِد في قرية ديركيفا – قضاء صور جنوب لبنان – جبل عامل عام 1934 م. أتم دراسته الابتدائية في شقراء والمتوسطة والثانوية في جويا وصور (الكلية الجعفرية). ارتحل إلى النجف الأشرف لطلب العلم في أوائل عام 1961. عاد إلى وطنه في أوائل عام 1971. تخرّج من كلية الفقه في النجف الأشرف وحصل على إجازة منها في اللغة العربية والعلوم الإسلامية (بكالوريوس) عام 1388 هـ – 1968 م. درس على علماء الحوزة العلمية وأساتذتها أثناء وبعد تخرّجه من الكلية في النجف الأشرف. له عدة دراسات فقهية وإسلامية وأبحاث مخطوطة ومطبوعة. طبعت له رسالة في الأدب العربي – عرض وتلخيص لتاريخ الحركة الفكرية والأدبية في (شقراء) – صفحة من تاريخ الفكر العاملي. نشرت له مقالات علمية وأدبية ودينية في عدة مجلاّت عربية. له نشاطات اجتماعية وتربوية وعلمية وهو عضو إداري في جمعية علماء الدين العاملية. أسس في (شقراء) – مدرسة الزهراء – ازدهرت لمدة عشرين عاماً حتى مجيء الاحتلال الإسرائيلي قضى عليها سنة 1990 م. بنى في بلدته دير كيفا نادياً حسينياً ومستوصفاً ومكتبة عامة. له كتاب "منارة جبل عامل – بلدة شقراء" (ثلاثة أجزاء) توسعة وتوثيق – لرسالته الأدبية والعلمية التي قدمها لكلية الفقه – النجف الأشرف.

واستطاع السيد عبد الله  ان يحيلنا ، إلى إعادة اكتشاف الروح الحضارية الأصيلة لبلدة شقراء العاملية، وذلك في سِفْره الجديد القيِّم، الصادر حديثاً في ثلاثة أجزاء من القطع الكبير تحت عنوان: بلدة شقراء منارة جبل عامل (1138 – 1323 هـ/ 1725 – 1910م)، كمدخل لدراسة النهضة العلمية والأدبية العاملية (عن دار المحجة البيضاء – بيروت – طبعة ثانية 2009).

فلقد "انطلقت من شقراء حركة علميّة وأدبية ناهضة تجاوزت في انتشارها حدود جبل عامل، وترافقت مع عصر النهضة العلمية والأدبية في المنطقة العربية"، ما يؤكِدُهُ المؤلف في سفره هذا الذي يُظهر ماهية هذه الحركة وأصحابها، منطلقاً من النصف الأول من القرن الحادي عشر الهجري، توجَّه إلى جبل عامل من "الحلّة الفيحاء في العراق" أحد السادة الحسينيين بطلب من أهل تلك البلاد، ليُرْجَعَ إليه في الأحكام الشرعية وحلّ الخصومات بين الناس. وتوطَّن السيد إبراهيم إبن السيد أحمد بن القاسم المنتهي نَسَبُه إلى زيد ابن الإمام زين العابدين(ع) إبن سيّد الشهداء الإمام الحسين(ع)، بلدة شقراء، "وبقيت ذريّته فيها إلى اليوم، ومن ذلك العهد إلى يومنا هذا". وهذه الذريّة يجسّدها آل الأمين في جنوب لبنان الذي نبغ منهم تلك الصفوة المثقفة المُختارة من العلماء الأعلام (موضوع الدراسة) الذين جعلوا من معقلهم التاريخي (منارة جبل عامل) بفضل أدوارهم التنويرية والنهضوية الرائدة والتاريخية من خلال مواقعهم العلمية والثقافية المرموقة.  
الحوزة الأولى
هذا، ويعود آل الأمين بنسبهم الأقرب عهداً إلى جدِّهم لأبيهم، حفيد السيد إبراهيم، العلاّمة المرجع السيد أبو الحسن موسى الحسيني، الذي كان عصره العصر التأسييّ المكين للنهضة العلمية والأدبية العاملية، ذلك أنه هو الرائد الأول لهذه النهضة التي بدأت ببنائه أول حوزة علمية في شقراء في القرن الثاني عشر للهجرة. ومن بعده كان حفيده رائد النهضة العلمية والأدبية الثانية، العلاّمة المرجع السيد علي محمود الأمين الحسيني، الذي جدّد حوزة جدّه العلمية أوائل القرن الرابع عشر الهجري هي التي اشتُهرت بإسم المدرسة العلَويّة في شقراء. وعلى ذلك فإن هذا السِّفر، ومن هذا المنحى الواضح يُعتبر، وبحقّ سجلاًّ تاريخياً حافلاً بما يُعَدّ سيرةً جماعية لأكثر من أربعين شخصية نخبوية من آل الأمين، معدودةٍ ومشهودة في مجالاتها، بما فيها المؤلِّف نفسه السيد عبد الله حفيد السيد علي محمود الأمين، فهم يشكلون طائفة مميزة من كبار العلماء العاملين المتنورين جُلّهم مجتهدون مراجع في العلوم الدينية خرّيجوا النجف الأشرف وبينهم من انتهت إليه الرئاسة الدينية والدنيوية معاً فكان قُطْبَ عصره وزمانه دون منازع، فمن خلال شرحٍ عميق وافٍ ومُسهب أحياناً نتعرف إلى ما امتازوا به، كلٌ بمفرده، من مكانة علمية وأدبية واجتماعية وسياسية رفيعة ومرموقة، وما اتّصفتْ به نُهُوجِهم الدينية الإصلاحية التجديدية ومواقفهم التاريخية التي كان لها مجتمعةً ذلك التأثير الفاعل في الحياة العاملية العامة على الصعد كافة.  
شقراء 3 أجزاء
يقع هذا الكتاب في ثلاثة أجزاء اشتملت على مادته الموزَّعة على ستة فصول، مصدَّرة بمعلومات تمهيدية ضرورية. وهي يغطي فترة ممتدة من بداية إنشاء الحوزة العلمية الأولى إلى أوائل العام 1391هـ/ 1970م، ناقلاً إلينا سمات الحياة الثقافية للعصرين المذكورين قيْد البحث، مستعرضاً الأحوال والأطوار المتعاقبة للحوزة العلمية بأدوارها التاريخية الثلاث، مع التعريف بأشهر طلابها في كل دور وما جرى لها من وقائع وتقلَّب عليها من أحوال. ذلك فإن طابع هذا السِّفر، هو طابعٌ تسجيلي توثيقي أُفردت فيه لكل شخصية تمّ الحديث عنها مساحة مقتضاة، جمعت إلى سيرتها الذاتية ثبْتاً بمؤلفاتها العلمية والأدبية وإنجازاتها البارزة، مع نماذج متعددة الأغراض من أشعارها وكتاباتها، إضافة إلى إشعارٍ قيلتْ فيها (مدحاً أو رثاءً)، مثّلت عصرها أصدق تمثيل في الشكل والمضمون، فأعطى كل ذلك فكرة إجمالية واضحة عنها. لذلك فقد احتلّت المادة الأدبية (القصائد الشعرية) في هذا الكتاب، الجزء الأكبر منه، ومع ذلك فقد جاءت بمثابة تكملة هامة أساسية للمادة التاريخية بتوثيقها للأحداث وشهودها عليها. وبقي أن نقول إن هذا السِّفر الذي زادت صفحاته على المائة بعد الألف، وقاربت مصادره ومراجعه الأربعين بعد المائة، والذي ضمَّ العشرات من الوثائق والصور والمخطوطات التي أُرفقت بكل جزء على حدة، يخوّله مضمونه لأن يكون مرجعاً من مظانٍّ موثوقة لا غنى عنها لكل باحث ومهتمّ بالحياة العلمية والأدبية للجنوب اللبناني، وذلك برصده للملامح الجوهرية التي طبعتْ عصرين مشرقين من التاريخ المعنوي والعريق لجبل عامل (العصر التأسيسي والعصر التجديدي الذي ما زال مستمراً إلى أيامنا الحالية).

السابق
متى تصبح النكبة مجرد ذكرى ؟
التالي
مسؤول اسرائيلي: “ايران قد تأمر حزب الله بضرب اسرائيل”

السيد عبد الله الامين في ذمة الله

انتقل الى رحمة الله السيد عبدالله الامين  خال العلامة السيد محمد حسن الامين مستشار المحكمة الجعفرية والوزير السابق عبد الله الامين ووالد الزميل وسام الامين

رحمه الله واسكنه فسيح جنانه

السابق
حرب شوارع تستبيح طرابلس.. وتُنذر بالأسوأ
التالي
من هو مفجِّر احداث طرابلس.. شادي المولوي؟