لأنه يملك وحده السلاح والقرار له “حزب الله” مع الانتخابات في موعدها بلا شروط

"حزب الله" قد يكون الحزب الوحيد الذي يوافق على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها سنة 2013 بدون شروط مسبقة لا بالنسبة الى القانون ولا تقسيم الدوائر، لانه هو الوحيد الذي يملك السلاح، فإذا فاز مع حلفائه في هذه الانتخابات بالاكثرية، فإنه يحكم بحماية هذا السلاح ويفرض على الاقلية ممارسة المعارضة المدروسة، وتصبح الديموقراطية هي النظام الافضل للبنان ولا تعود الطائفية حائلا دون تطبيقه. اما اذا فازت قوى 14 آذار بالاكثرية فإن الحكم لا يكون لها بل لها ولقوى 8 آذار، ولا يعود تطبيق النظام الديموقراطي مقبولا من دون الغاء الطائفية انما النظام التوافقي، "تحقيقا للمشاركة الوطنية"، للحؤول دون استئثار فئة لبنانية في اتخاذ القرارات المهمة، فإذا رفضت قوى 14 آذار هذه المشاركة وخصوصا بعدما اثبتت انها مشاكسة وتشل عمل الحكومات، فإن "حزب الله" يعتبر عندئذ اكثرية 14 آذار اكثرية نيابية وليست شعبية، ويهدد باستخدام سلاحه اذا لم تذعن هذه الاكثرية لارادته، وهذا ما حصل غير مرة، فكان للحزب ما اراد ولم ينفع اي تعهد بعدم استخدام هذا السلاح في الداخل، بعدما استخدمه غير مرة، حتى بعد اتفاق الدوحة، فاستطاع تحويل اكثرية 14 آذار اقلية، ليجعل 8 آذار التي انتقلت اليها هذه الاكثرية تشكل حكومة منها، ورغم ذلك فإنها لم تحكم لأنها تحولت حكومات، وكل وزير فيها "فتح على حسابه".
والسؤال المطروح: ما العمل اذا جرت الانتخابات سنة 2013 والسلاح لا يزال في يد "حزب الله" وبموجب قانون غير عادل وباشراف الحكومة الحالية، هل تقرر قوى 14 آذار مقاطعتها؟ وهذا قرار لا اتفاق عليه حتى الآن.
هل تنتظر ان يؤدي تطور الاحداث في سوريا الى تعطيل مفعول هذا السلاح في الانتخابات بحيث لا يعود في الامكان حتى التهديد به لأن ارادة الشعب تصبح هي الاقوى، بدليل انها تواجه السلاح في عدد من الدول العربية بصدور عارية، لان من يختار الموت والاستشهاد يظل اقوى من كل سلاح؟ واذا صار التسليم جدلا بهذا المنطق، فمن يضمن ان تنتهي الاحداث في سوريا قبل موعد الانتخابات في لبنان؟
لذلك على قوى 14 آذار ان تدرس كل الاحتمالات وتضع في حسابها اجراء الانتخابات سنة 2013 بشروط قوى 8 آذار وما الذي ستفعله في هذه الحالة؟
والواقع ان السلاح كان مشكلة في كل انتخاب، فعندما كان موجودا في ايدي اللبنانيين في المناطق الجردية في لبنان كان الجيش يكثف وجوده فيها لمنع استخدامه ولتطمين المسالمين، وكانت الحكومات تلغي او تعلق رخص السلاح قبل ايام من مواعيد الانتخابات للحؤول دون استخدامه عشوائيا.
وعندما كان السلاح في ايدي المنظمات الفلسطينية كان له تأثيره في امكنة وجوده قبل الانتخابات وخلالها وبعدها، وعندما انتشر بين ايدي اللبنانيين كانت الحروب الداخلية التي حالت دون اجراء الانتخابات في مواعيدها وصار التمديد لمجلس النواب. وعندما كان الوجود العسكري السوري في لبنان كان لهذا الوجود تأثيره، ليس على نتائج الانتخابات النيابية فحسب، بل على نتائج الانتخابات الرئاسية وتشكيل الحكومات، ولكن ما ان انتهى هذا الوجود بعدما اخرج جزء من المسلحين الفلسطينيين من لبنان الى تونس وصدر القرار 1559 حتى ظل الجزء الباقي منهم في لبنان ومعه سلاح من دون ان يلتزم تنفيذ هذا القرار، وكذلك فعل "حزب الله" فظل هذا القرار حبرا على ورق ومثله القرار 1701 الذي صدر في ما بعد وصار تنفيذه يشكل تهديدا للسلم الاهلي.
وهكذا ظلت الدولة اللبنانية تواجه مشكلة سلاح الفلسطينيين، ليس داخل المخيمات فحسب بل خارجها ايضا، تضاف اليها مشكلة سلاح "حزب الله" وكأن لا قرارات دولية تقضي بتسليمه الى الدولة كي تبسط سلطتها على كل اراضيها.
وما دام الحوار الوطني لم يتوصل الى حل لمشكلة السلاح الفلسطيني ولا الى مشكلة سلاح "حزب الله"، ولا الوصاية السورية على لبنان التي دامت ثلاثين عاما توصلا الى حل لها. اما لانها كانت تريد ذلك او لا تريد، فمن هي الجهة القادرة على حلها إن لم يكن قبل موعد الانتخابات فأقله بعدها، لان هذا السلاح سيظل قادرا على التأثير؟  

السابق
المشرق يتمزق بالحروب الأهلية .. ومجلس التعاون إلى اتحاد مذهّب
التالي
انتهاء صلاحيّة «النأي بالنفس»