تقلا شمعون: الدراما اللبنانية كرة ثلج

تمكّن مسلسل «روبي» من استقطاب معظم المشاهدين في العالم العربي، الذين يتابعون أحداثه الممتدة على مدى 90 حلقة تعرض بشكل يومي على عدد لا بأس به من المحطات اللبنانية والعربية، وحقق انتشاراً لعدد من النجوم اللبنانيين الذين تحولوا بفضله إلى نجوم عرب، ومن بين هؤلاء تقلا شمعون التي تجسد دور والدة روبي في المسلسل، وهي فنانة من الطراز الأول، ونجمة تلفزيونية ومسرحية وسينمائية، حققت الكثير من الإنجازات ونالت الكثير من التقديرات والجوائز خلال مسيرتها الفنية.
شمعون التي تبدو راضية عن دورها في مسلسل «روبي» كما عن العمل بشكل عام، تنتظر خلال الفترة المقبلة البدء بتصوير «أحمد وكريستينا»، وهو مسلسل طويل أيضاً ولكنه يتميز بنكهة لبنانية إخراجاً وإنتاجاً وتمثيلاً وكتابة. وترى في حوار مع «الراي» أن وضع الدراما اللبنانية اليوم يشبه كرة الثلج التي تتدحرج وتكبر تدريجياً وكانت نواتها أعمال.. وهذه تفاصيل الحوار:

بعد أعوام من النجاح والعمل، ورغم أن رصيدك الفني يضمّ الكثير من الاعمال، أصبحت اليوم حديث الناس من خلال مسلسل «روبي». هل يزعجك هذا الأمر؟
– كلا، أنا أسعى إلى النجاح دائماً، ولطالما كنت ناجحة وأنا مستمرة حالياً في النجاح.
هل ترين أن الجمهور العربي أدمن مشاهدة المسلسلات اليومية الطويلة، وهل تؤيدينها، وهل ترين أنها أخذت من درب المسلسلات التي تعرض بشكل أسبوعي؟
– من خلال عدد حلقات المسلسل يتقرر ما إذا كان سيتم عرضه يومياً أو أسبوعياً، وليس بالضرورة أن يأخذ المسلسل اليومي من درب المسلسل الأسبوعي، ولكن من الطبيعي أن تفرض المسلسلات الطويلة فترة عرض أطول خلال أيام العرض، بينما يمكن أن تعرض المسلسلات المحدودة حلقة واحدة أسبوعياً. إيقاع الحياة السريع جعل الناس يتعودون على المسلسلات اليومية وربما تؤثر بدرجة معينة على المسلسلات الأسبوعية.
وهل دخلت الدراما العربية زمن المسلسلات اليومية، بعد الدراما التركية والمكسيكية والفنزويلية؟
– لا أريد أن أحسم هذه المسألة بشكل عشوائي، لكن نحن نعيش زمن مسلسلات الحلقات الطويلة. ربما المسلسل المؤلف من 10 حلقات أو 15 حلقة أو 20 حلقة لم يعد تسويقه بالأمر السهل، كما هي الحال بالنسبة إلى مسلسل آخر مؤلف من عدد كبير من الحلقات.
أحد المخرجين السينمائيين اعتبر أنه لا يوجد موضوع يستحق تناوله ثلاثين حلقة باستثناء بعض الموضوعات الخاصة جداً كالتاريخية، هل توافقين على هذا الرأي؟
– مسلسل «روبي» يتناول قصة من الواقع، خطوطها متشعبة وغنية، وبعد مرور أكثر من 50 حلقة لا يزال قادراً على جذب المشاهد، الذي لم يفوّت أي حلقة منه. وقبل الحكم على الأشياء يجب الانطلاق من الواقع. أنا لا أحب التعميم، بل تناول كل حالة على حدة ودراسة كل مسلسل بشكل مستقل، كل إنسان له رأيه وتجربته التي يمكن أن يتحدث عنها.
بما أنك تحبين أن تتناول كل حالة بشكل مستقل عن الأخرى، ماذا أضاف مسلسل «روبي» إليك؟
– هو أعطاني تماماً كما أنا أعطيته، ومن أجله سخّرت كل طاقاتي وقدمت دوري بشفافية وسهرت وتعبت من أجله لأنه بعد كل تعب يوجد نجاح. أحصد اليوم النجاح وهو نجاح لا يستهان به وخصوصاً أنها المرة الأولى التي أحقق فيها كممثلة نجاحاً على مستوى الوطن العربي، لا سيما أن العمل عربي الهوية، وليس سورياً أو مصرياً أو لبنانياً. هذا المزيج جعل منه مسلسلاً عربياً بامتياز، وهو يعرض حالياً على عدد من الفضائيات العربية، ويحظى بنسبة مشاهدة عالية، حققت لي انتشاراً واسعاً وشهرة كبيرة في الوطن العربي.
ثمة من تحفظ على موضوع المسلسل، واعتبر أن المجتمع الخليجي لا يشبه المجتمع اللبناني الذي يتميز بجرأته. هل ترين أن قصة «روبي» تتماشى مع كل المجتمعات العربية؟
– ليس مطلوباً أن يشبه المسلسل مجتمعاً بعينه لكي يحقق نجاحاً وانتشاراً على مستوى الوطن العربي، كلنا يعرف أنه كلما كان الفن ابن الواقع ويعكس حياة حقيقية وصادقة، يكون عملاً حقيقياً وصادقاً مهما كانت البيئة التي ينتمي إليها أو الموضوع الذي يطرحه والذي له علاقة ببيئة جغرافية معينة، ولا شك أنه سيصل إلى كل الجمهور العربي، حتى لو لم يكن يتناول قصة فتاة خليجية أو مصرية.
مسلسل «روبي» يتناول واقعاً موجوداً في لبنان وله امتداد مصري يجسد البيئة التي تنتمي إليها بطلة المسلسل والتي تحمل هوية حقيقية بانتمائها إلى هاتين البيئتين، ومن هنا تمكن المسلسل من إثبات نفسه ووجوده وتمكن من الوصول إلى قلب كل مشاهد عربي مهما كان انتماؤه الجغرافي. هل يجب أن تشبه كل الأفلام الأميركية أو الأوروبية المشاهد الخليجي أو اللبناني أو المصري لكي نقول إنها أعمال جيدة؟ العمل الفني هو حالة خاصة تفرض نفسها وانتشارها كلما كانت صادقة وشفافة وحقيقية وتطرح واقعاً يستطيع المشاهد أن يصدقه، من خلال قصة يستطيع أن يتلمس خطوطها بشكل حقيقي.
هل ترين أن الدراما اللبنانية كانت بحاجة إلى مسلسل «روبي» لكي تبرز وتنتشر أو أنها حققت هذا الأمر عبر مسلسلي «الغالبون» و«باب ادريس» مثلاً؟
– لا شك أن مسلسلي «باب ادريس» الذي كنت بطلة فيه و«الغالبون»، وقبلهما مجموعة من الأعمال «لمعت» في الإنتاج اللبناني، وتم تسويقها عربياً. وضع الدراما اللبنانية يشبه كرة الثلج التي تتدحرج وتكبر تدريجياً أو التي كانت نواتها أعمال عدة من بينها مسلسلي «الغالبون» و«باب ادريس»، وهذه الكرة أصبحت أكبر اليوم مع مسلسل «روبي».
هل هذا يعني أن الدراما اللبنانية فرضت نفسها على خارطة الدراما العربية، وتالياً هل أصبح المسلسل اللبناني قابلاً للتسويق على أي محطة عربية؟
– لا أستطيع أن أرد على هذا السؤال، والأيام المقبلة هي الكفيلة بالرد، وهي التي ستحدد ما إذا كان للمسلسل اللبناني محطاته التلفزيونية وجمهوره وسوقه الخاصة، بمعنى آخر التجارب المقبلة هي التي ستؤكد أو ستنفي هذا الأمر.
مسلسل «روبي» كسر صورة البطلة التي نعرفها عادة في الدراما، عندما قدمها بصورة المرأة الشريرة، الأنانية والمؤذية، هل ترين أن كلوديا مرشليان عبرت عن جرأة كبيرة عندما قدمت بطلة بمواصفات مماثلة؟
– أفضّل أن تجيب كلوديا عن هذا السؤال، لأنني لست مؤهلة للرد عليه، أو ربما تستطيع البطلة أو المخرج أو المنتج الرد على هذا السؤال، وأنا لا يمكنني سوى التحدث عن الأمور التي تتعلق بدوري وبشخصيتي، لكن الناس أحبوا دور سيرين عبد النور وهم يقدرون أداءها وتمثيلها، ولو لم يحب الناس هذا العمل لما كان استمر وحقق كل هذا النجاح. يمكن القول إن هناك خطوة جديدة أثبتت نجاحها الشخصيات الدرامية، أو الدراما التي تنتمي إلى الواقع، هي شخصيات تحمل ثلاثة أبعاد.
«روبي» وغيرها من الأعمال التي جمعت إنتاجاً وتمثيلاً وإخراجاً فريق عمل من جنسيات عربية مختلفة، شكل تطوراً مهماً، هل تتوقعين أن تشهد الأيام المقبلة إقبالاً على هذا النوع من الأعمال؟ وهل يمكن أن نصل إلى ما يعرف بـ «مسلسل عربي» بعيداً عن ما يعرف بالمسلسل اللبناني أو السوري أو الخليجي أو المصري؟
– أنا مع هذا النوع من الأعمال شرط ألا تطغى عليها الهوية الخاصة، إذا تمكنا من خلال الأعمال المشتركة أن نلمس النكهات المتنوعة التي تتميز كل منها بنكهة خاصة سواء لجهة انتمائها إلى مجتمعها أم بيئتها الخاصة مع الحفاظ على هوية كل مجتمع وعدم إلغائها، فلا شك أنني أؤيدها. فهذا النوع من الأعمال يحقق الرواج والنجاح مع الحفاظ على الأعمال ذات النكهة الخاصة، من دون إقفال السوق أمامها، لكي تتمكن كل المجتمعات العربية من مشاهدتها. هذه الأعمال المشتركة يجب أن تكون فاتحة لأعمال ذات نكهة خاصة لتصل إلى كل اللهجات والعادات والبيئات، لأن الاعتراف بالآخر مسألة مهمة جداً.
يقال إن مشكلة الأعمال الطويلة تكمن في أن الممثل لا يلم بتفاصيل دوره كافة، بل تعترضه أحياناً بعض المفاجآت. هل يزعجك ذلك كممثلة؟
– كل إنسان في هذه الحياة تعترضه الكثير من المفاجآت، ولا يمكن أن يعرف مصيره خلال السنوات المقبلة. نحن بدأنا التصوير وبين يدينا 65 حلقة، أي أننا نملك المعطيات الكافية التي تساعدنا على فهم تركيبة كل شخصية، وإذا بقي جزء قليل غير معروف ويشكل نوعاً من المفاجآت التي تعيشها الشخصيات، تماماً كما نحن نعيش في الواقع، فهذا ليس خطأ على الإطلاق.
عادة، نجاح أي مسلسل يدفع القيّمين عليه إلى إنتاج أجزاء أخرى، هل أنت مع فكرة تصوير أجزاء إضافية من مسلسل «روبي»؟
– لا مانع في ذلك إذا توفرت المعطيات، شرط أن تبقى القصة مشوقة ومستمرة، ولكن إذا استنفدت في الجزء الأول فأنا ضد تصوير أجزاء إضافية، لأنها إذا لم تتوفر المقومات اللازمة فيها قد ينعكس الأمر سلباً على الجزء الأول ويؤثر فشل الجزء الثاني على نجاح الجزء الأول.
ما العروض التي جاءتك بعد نجاحك في «روبي»؟
– تلقيت عروضاً كثيرة ورفضتها، ووافقت على مسلسل مؤجل تصويره إلى نهاية الصيف وهو «أحمد وكريستينا»، مسلسل لبناني صرف من كتابة كلوديا مرشليان، إخراج سمير حبشي وإنتاج «مروى غروب»، يتناول فترة الستينات، ويدور حول قصة حب تجمع بين شاب مسلم وفتاة مسيحية. العمل جيد مكتوب بواقعية وشفافية، وشخصياته غنية جداً، وسأجسد شخصية أساسية فيه ويكون اسمي عايدة.
هل ترين أن الجيل الجديد من الممثلين يجيد التعامل مع الفرص أكثر من جيلكِ؟
– لا أعتقد، لكن مع انفتاح العالم العربي في ظل الانتشار الفضائي والإنتاجات الخارجية، كلها ساعدت على تأمين الفرص للجيل الجديد.
ولناحية الشهرة، ألا ترين أنهم يقطفون شهرة سريعة، بينما جيلكم تعب وكدّ ولم تتوفر أمامه شهرة كشهرة الجيل الجديد؟
– نحن في لبنان معروفون جداً وحصلنا على الكثير من الجوائز، هذا عدا عن الجوائز العالمية. ولكن في ظل الانفتاح الإعلامي الذي نعيشه أصبح الانتشار أكثر سهولة.  

السابق
عمرو دياب وفى بوعده
التالي
مقتدى الصدر يغزو البحرين!