النهار: نصرالله للنسبية ويتجاهل المأزق الحكومي والمستقبل يرد على أحادية التمويل الايراني

مع أن الكلمة التي القاها الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله مساء أمس في احتفال "الوعد الأجمل" بالضاحية الجنوبية تميزت بتركيزه في الشق السياسي الداخلي على الاستحقاق الانتخابي النيابي وقانون الانتخاب، بدا واضحا ان قوى الاكثرية بمجملها شرعت في الساعات الاخيرة في الاستعداد لجولة مشاورات تهدف الى تجاوز المأزق الحكومي في الجلسة التي سيعقدها مجلس الوزراء الاربعاء المقبل.
وقالت مصادر وزارية متطابقة من فريق 8 آذار والفريق الوسطي في الحكومة لـ"النهار" ان تجاهل السيد نصرالله المأزق الحكومي في كلمته لم يحجب الاتصالات والمساعي الجارية بحثا عن ارضية لتفاهم حكومي بدأ يشكل الهاجس الجدي لكل القوى الحكومية، خصوصا ان موعد الجلسة المقبلة رسم بايحاءاته الواقعية استحقاقا لم يسبق للحكومة منذ تأليفها ان واجهته. وعلى رغم اعتراف هذه المصادر بأن لا ركائز عملية بعد تسمح باعطاء انطباع واضح عن طبيعة المخرج المحتمل لمأزق الانفاق المالي تحديدا، فانها كشفت ان "محركات" الاتصالات ستقلع بقوة في الساعات المقبلة. ولفتت الى ان حال الفتور الواضحة التي تسود العلاقات بين قصر بعبدا وعين التينة من جهة والسرايا وعين التينة من جهة مقابلة، مرشحة للمعالجة السريعة لأن الحل سيمر في النهاية بتوافق بين الرئاسات وبينها وبين القوة المشاركة في الحكومة. وأضافت ان اللقاء الذي جمع مساء الخميس ممثلين للحزب التقدمي الاشتراكي و"حزب الله" سيشكل دفعا لهذه الوساطات لان هذا اللقاء أبرز خطورة المضي في المأزق الحكومي من دون حل سريع، الامر الذي سيضع مصير الحكومة فعلا على كف المجهول ويعرضها لخطر الاهتزاز النهائي.

وعلمت "النهار" في هذا السياق ان لقاء الحزبين الذي انعقد في منزل وزير الزراعة حسين الحاج حسن تخلله ابداء ممثلي "حزب الله" ملاحظات على الحكومة ورئيسها، لكن البحث تناول سبل تفعيل عمل الحكومة وأهمية استمرارها. ووصف اللقاء بأنه جزء من التواصل و"تنظيم الخلاف" بين "حزب الله" والحزب التقدمي الاشتراكي وشهد مصارحة في كل الامور ولا سيما منها الوضع السوري في ضوء الخلافات بين الجانبين. أما في موضوع المأزق المالي للحكومة، فعلم ان لا تسوية بعد وكل فريق لا يزال يتمسك بموقفه في انتظار بلورة الاتصالات وجلسة الاربعاء المقبل. كما ان النقاش أبرز استمرار الخلاف بين الحزبين على قانون الانتخاب في ظل رفض الحزب التقدمي الاشتراكي النسبية، في حين يؤكد "حزب الله" انه مع اعتماد النسبية على قاعدة الانفتاج على النقاش.
وقد حرص رئيس الوزراء نجيب ميقاتي في لقاء حواري أجراه امس مع المشاركين في "منتدى الاقتصاد والاعمال" على الايحاء بفسحة تفاؤل من حيث المخرج للمأزق المالي، وقال: "ثمة نقاش دائر حاليا في شأن قوننة الانفاق، وقانون المحاسبة العمومية يقاربه كل فريق سياسي وفق تفسيره الخاص وبخلفية سياسية وفي النهاية نحن محكومون بايجاد حل لمعالجة هذه المسألة". وأمل في تجاوز المسألة "حتى موعد الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء".

نصرالله
أما السيد نصرالله الذي خصص الجزء الاكبر من كلمته امس لموضوع اعادة اعمار المناطق التي دمرت في حرب تموز 2006 في الضاحية الجنوبية بتمويل ايراني، فلم يتطرق الى الوضع الداخلي إلا من زاويتي قانون الانتخاب وموضوع 7 ايار 2008 في اطار الرد على "تيار المستقبل". وإذ لاحظ ان "مرحلة الانتخابات بدات من الآن"، أبرز دور مجلس النواب و"تأكيد أهمية قانون الانتخاب الذي يستأهل ان نطول بالنا على بعضنا ولا نغلق الابواب على أي مشروع"، ودعا تاليا الى "مزيد من الحوار في موضوع قانون الانتخاب" مشددا على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها "وهذه مصلحة الجميع". وأعلن تأييد الحزب للنظام النسبي باعتباره "الافضل ولا يلغي أحدا بل يلغي الاحادية في الطوائف وحزب الله يؤيد النسبية ولو كان لبنان دائرة واحدة". وإذ اتهم "تيار المستقبل" بأنه يرفض النسبية "ليبقى مهيمنا على الطائفة"، أضاف أنه "يمكن تفهم الحزب التقدمي الاشتراكي" في رفضه للنسبية. أما في موضوع 7 أيار، فاعتبر "أنها لم تكن حربا بين السنة والشيعة (…) وهذا الموضوع يستخدمه تيار المستقبل لأنه لا يملك شيئا آخر يستخدمه".

"المستقبل"
وليلاً علقت أوساط بارزة في كتلة "المستقبل" على الجانب الاعماري في خطاب نصرالله، فقالت لـ"النهار": "إن نصرالله يعتمد على أن الدولة لا أب لها وان الناس لا ذاكرة لها. فيردد مقولة ان حزب الله تولى الاعمار بأموال ايرانية، فيما الحقيقة ان الدولة تولت اعمار البنى التحتية والأبنية في الضاحية الجنوبية لبيروت والمساكن في الجنوب. الدولة أعلنت أرقامها بينما هو لا يعلنها. صحيح أن مؤسسة وعد التابعة للحزب تولت الاشراف على الاعمار ولكن بعد إصرارهم على الحصول على توكيل من الناس وبأموال الدولة وبالأموال العربية. ومن المؤسف أن يقول نصرالله ما قاله عن الاعمار بأموال ايرانية، فيما لا تزال عبارات شكراً قطر شكراً السعودية على أعمدة الكهرباء في الجنوب. لقد انقلب المشهد فأصبح من تولى الدمار يدّعي الاعمار".

14 آذار
وصرح منسق الامانة العامة لـ 14 آذار فارس سعيد لـ"النهار" تعليقاً على خطاب السيد نصرالله: "بعدما صدر كلام (رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة) اسماعيل هنية بان حركة حماس لا تحارب من أجل ايران وان أفضل فرصة لفلسطين هي الربيع العربي وان حماس تناضل على كامل مساحة فلسطين، يأتي حزب الله ليدعي ان ايران هي التي موّلت وعمّرت ويدعو العرب الى اعمار غزة، وكأنه يطمئن الناس هنا الى انه اذا تعرضنا مرة جديدة للدمار وكما عمّرنا في المرة الأولى سنعمّر في المرة الثانية في اعتبار أن الحزب جزء من المحور الايراني".
وأضاف: "ان الكلام الهادئ لنصرالله ينذر بتحضير شيء ما على المستوى الاقليمي، إذ ليس مصادفة قبل انطلاق الحوار الاميركي – الايراني في 23 من الجاري في بغداد ان ينبري من فلسطين من يقول إننا لن نحارب من أجل ايران فيما يطلع احدهم من لبنان ليقول إنه مع ايران في كل معاركها المقبلة".
ودعا "حزب الله" الى "أن يحذو حذو هنية ولا يحق له ان يزايد عليه من أجل ايران. كما لا يجوز له أن يتجاوز لبنانيته ويزايد في عروبته". وتساءل: "هل يبشر اللبنانيين بأنه سيأخذهم مرة أخرى الى حرب ايرانية جديدة؟".

السابق
مَحاضر خدام: الصداقات الخطرة
التالي
تفجيرا دمشق والمسؤولية..