حملة جديدة على الإسلام في بريطانيا

تتفاعل قضية عصابة جريمة آسيوية كانت تتاجر بالبنات القاصرات لأغراض جنسية ودين أفرادها التسعة أول من أمس، وصدرت ضدهم أحكام بالسجن لمدة تزيد عن 77 عاما، على نحو ينذر بموجه تحريض جديدة ضد الإسلام والمسلمين وفي شكل سافر هذه المرة، لدرجة أن عنوانا رئيسيا لتقرير صحافي حول الموضوع ظهر، أمس، في الصفحة الرئيسية لصحيفة «التايمز» التي تملكها امبراطورية ميردوخ الإعلامية ذكر «لنكن صريحين: هناك رابط واضح مع الإسلام».
وتأتي هذه الحملة، رغم أن أكثر من صوت ارتفع محذراً من مغبة التصعيد في اتهام الإسلام والمسلمين وتحميلهما المسؤولية عن الجرائم المرتكبة ضد القاصرات. وأصدر مارتن ناري، المستشار الخاص للحكومة في قضايا الأيتام والمدير التنفيذي السابق لمؤسسة بيرناردوز لرعاية الأيتام، بياناً أكد فيه أن الاعتداءات الجنسية على الأطفال هي بالأساس ظاهرة لدى الرجال الانكليز وليست مقتصرة على المسلمين فقط. فيما دعا رئيس لجنة الشؤون الداخلية في مجلس العموم البريطاني النائب كيث فاز (من حزب العمال المعارض) وسائل الإعلام الى «عدم إلصاق التهم جزافاً بالجالية الإسلامية ومعتقدها الديني» بجريرة عدد قليل من المجرمين. وحذر فاز من مغبة أن «يرقص جهاز العدالة البريطاني على أنغام الحزب القومي البريطاني» المتعصب عرقياً ضد الجاليات الأجنبية.

وتتسع الحملة لدرجة أن جهازي الشرطة والعمل الاجتماعي يواجهان انتقادات شديدة بأنهما قصّرا في معالجة الجرائم التي ارتكبت بحق القاصرات، خوفاً من اتهام موظفي الجهازين بأنهم يعملون بدوافع عرقية وتعصب ضد المسلمين، نظراً لأن أفراد العصابة الذين رفعت الشكاوى ضدهم في القضية كانوا جميعهم من المسلمين. الأمر الذي ساعد أفراد العصابة على مواصلة ارتكاب جرائمهم مدة ثلاث سنوات تقريباً، رغم تقديم الشكاوى للشرطة وللعاملين الاجتماعيين ضد بعض الجرائم التي ارتكبت.
ووفقاً للائحة الاتهام التي قـُدِّمت ضد المتهمين التسعة، فهم عملوا كعصابة جريمة على إغراء فتيات تتراوح أعمارهن ما بين 13 و15 عاماً بأشياء تافهة وأرغمونهن على ممارسة الجنس مع رجال كبار في السن. ومع أن غالبية الفتيات من أصول آسيوية فقيرة ومن ضمنهن يتيمات كن مقيمات في مؤسسة رعاية اجتماعية، إلا أن الرجال الذين مارسوا الجنس مع تلك القاصرات لم يكونوا آسيويين سُمْر البشرة فقط، بل من ضمنهم إنكليز بيض، مما يشير الى أن المال كان الدافع الأساسي وراء تلك الجرائم. وأثارت تفاصيل القضية غضب الرأي العام، خاصة لدى الكشف عن أن أحد أفراد العصابة كان يعمل في مؤسسة لرعاية اليتيمات، واستغل منصبه لتزويد العصابة بالبنات للمتاجرة بهن جنسياً، وأن إحداهن تعرّضت للاغتصاب عشرين مرة متتالية.
أما سبب إلقاء المسؤولية في هذه القضية على الإسلام والمسلمين، فنتج ليس فقط عن كون أعضاء العصابة من المسلمين، بل لأن أحد أفرادها ولم يُنشر سوى اسمه الأول عبدالرؤوف (43 عاماً)، هو أب لخمسة أطفال عمل أستاذ دين في أحد مساجد مدينة روشديل شمال انكلترا، واعترف أنه مارس الجنس مع عدد من البنات القاصرات وكان ينقلهن بسيارته ليوصلهن الى الزبائن، فيما أبلغت فتاة من الضحايا عمرها 15 عاماً المحققين أن عبدالرؤوف سألها عمّا إذا كان لديها صديقات أصغر منها سناً. وحاولت بعض وسائل الإعلام الربط بين ممارسة عبدالرؤوف وعدم تحريم الإسلام الزواج من القاصرات. بل ذهب البعض للقول أن تعاليم الإسلام اهي المسؤولة عن ارتكاب أفراد العصابة لتلك الجرائم.

ولم تتورع الصحافية اليمينية أو المحافظة البريطانية المعروفة أليسون بيرسون عن استغلال قضية عصابة الجريمة هذه لمهاجمة الدين الإسلامي مباشرة، اذ كتبت في مقالها الأسبوعي أمس في «الديلي تلغراف» قائلة أنها كانت مطالبة أيام كانت تعمل في سلك التعليم بتدريس الطلبة الأجانب تقاليد مجتمعاتهم الأصلية، الأمر الذي لم تستغه وعارضته طوال الوقت، تماماً مثلما يفعل المتطرفون البيض في بريطانيا والبلدان الغربية الأخرى الذين يرفضون حقيقة التعددية الثقافية في مجتمعاتهم. وقالت بيرسون: «عندما يتعلق الأمر بحقوق المرأة، فالثقافات لم تولد متساوية كلها. وبالأخص تلك التي تجمّدت توجهاتها يوماً ما في منتصف القرن الرابع عشر. لكن لم يكن مسموحاً لنا أن نبوح بذلك. في الواقع لم يكن مسموحاً لنا مجرد أن نفكر في ذلك». وأوضحت: «كان من الواضح لي كم سيكون خطراً اذا لم نـُصِّر على التزام القادمين الجدد الى مجتمعنا بتقاليدنا الاجتماعية». فهي تقول هذا الكلام من دون أن تنتبه الى حقيقة أن الاعتداءات على القـُصَّر ليست ظاهرة إسلامية، ومع أن وسائل الإعلام البريطانية بما فيها صحيفتها «الديلي تلغراف» تمتلئ باستمرار بقصص اعتداءات الانكليز البيض على القاصرات والقاصرين.

السابق
مصادر فلسطينية: إسرائيل وافقت على مطالب للسجناء المضربين أهمها إنهاء العزل الانفرادي
التالي
تظاهرة نسائية شيعية رفضاً لبناء مسجد من قبل نائب عوني