تهريب السلاح والادعاءات السخيفة

الأسلحة التي صادرها الجيش اللبناني، كشفت عن رسو باخرة ثانية غير لطف الله ـ 2، وتفريغ حمولتها في مرفأ طرابلس، ومن ثم تخزينها في سيارات تمهيداً لنقلها إلى سورية، وليس واضحاً بعد ما إذا كان جزء من هذه الحمولة قد نقل من المرفأ بالفعل.

خط تهريب السلاح عبر البحر يستهدف لبنان وسورية معاً، وتصبح فيه المعادلة التي طرحها الرئيس ميشال سليمان باعتباره الجرم مضاعفاً سواء كان هذا السلاح قد أرسل إلى لبنان لحساب جماعات تسعى لإثارة الاضطرابات والأحداث الداخلية وتهديد الاستقرار اللبناني، أم كان الهدف تصديره إلى سورية لإذكاء نيران الأحداث وتصعيد الهجمات الإرهابية التي بلغت مع جريمة التفجير في دمشق أمس درجة عالية من البربرية والقتل الجماعي، خصوصاً أن المعلومات تؤكد وجود مواد متفجرة في الحاويات التي ضبطها الجيش اللبناني على متن باخرة «لطف الله ـ 2» وهي من نوع «سي فور» ظهرت آثاره في عمليات التفجير الانتحارية التي استهدفت المدن السورية أخيراً.

الجيش اللبناني بقيادة العماد قهوجي، وفقاً لمصادر عسكرية، عازم على السير حتى النهاية في التحقيقات وفي تقصي الشبكة المسؤولة عن إرسال السلاح وتهريبه إلى لبنان وتخزينه، ومن ثم نقله إلى سورية، ويربط بعض الخبراء بين هذه العمليات والمستودع الذي انفجر في طرابلس قبل أشهر، إضافة إلى معلومات أمنية توافرت لدى بعض الأجهزة عن تفريغ حمولة باخرتين في نهاية العام الماضي.

قرار قيادة الجيش اللبناني هو الحزم مع كل نشاط يهدد الأمن الوطني تجاه اي محاولة لتثبيت حالة المنصة التي تستهدف سورية من لبنان، وبالتالي فمن المتوقع أن تحظى قيادة الجيش بمزيد من الغطاء السياسي الرسمي في السير إلى النهاية في التحقيقات لكشف جميع المتورطين وسوقهم إلى القضاء العسكري.

العقدة التي تواجه هذا الملف من الناحية السياسية والقانونية هي دور «اليونيفيل» البحري التي سبق لها أن استعرضت أجهزة تقنية متطورة في الكشف على البواخر العابرة داخل المياه الإقليمية اللبنانية ومعرفة محتوياتها عن بعد بواسطة تلك الأجهزة. والسؤال الكبير الذي يواجه الحكومة اللبنانية هو كيفية التعامل مع قيادة «اليونيفيل» التي كثرت تجاوزاتها أخيراً براً وبحراً، كما تبين أن ضباطاً منها عبروا الخط الأزرق باتجاه «إسرائيل» في نقطة الجدار الحدودي مقابل «بوابة فاطمة». بينما تؤكد مصادر مطلعة أن ضباط «اليونيفيل» البحري يرتبطون بالقيادة المركزية لـ«الناتو»، وثمة شبهات حول تورطهم في حماية تهريب السلاح بدلاً من اعتراضه أو مصادرته، الأمر الذي يستوجب إعداد ملف شامل وطرح الموضوع مع الأمم المتحدة ومع القيادة العامة لـ«اليونيفيل»، باعتبار أن ما يجري من تواطؤ في عمليات تهريب السلاح عبر البواخر المتوجهة إلى لبنان يشكل خرقاً فاضحاً للقرار 1701 وتهديداً للأمن الوطني اللبناني تشارك فيه دول «الناتو» وبعض الدول الإقليمية المتورطة في الحرب على سورية.

ويقول دبلوماسي مخضرم، إن على القضاء اللبناني أن يتقصى تورط الجهات الحكومية في كل من مصر وليبيا وتركيا في قضية الباخرة «لطف الله ـ 2» التي جابت موانئ تلك الدول ولم يتم اعتراضها ولا حتى تفتيشها، فالسلاح حمِّل في ليبيا وانتقل إلى مرافئ مصر وتركيا قبل أن يعترضه الجيش اللبناني في الطريق إلى مرفأ طرابلس وهذا ما يستدعي عملاً قضائياً ودبلوماسياً في التعامل مع هذه الحكومات الثلاث، واعتبارها مسؤولة عن تهديد الأمن والاستقرار في لبنان عبر تهريب الأسلحة، وتلك مسؤولية مجلس الوزراء مجتمعاً في التعامل مع هذا الملف.

وترى مصادر سياسية مطلعة، أن الجهات السياسية اللبنانية المتورطة في تخزين الأسلحة يجب أن تُكشَف هويتها، والمطلوب عدم لفلفة الموضوع، ومحاولة محاصرة تدابير الجيش اللبناني للكشف عن أسماء الجهات والقيادات التي أرسل إليها السلاح، والادعاء السخيف بأن الأمر هو مجرد تجارة في سوق السلاح السوداء إنما يشكل تعبيراً عن سلوك عبثي وغير مسؤول قد يوصل البلد إلى ما لا تحمد عقباه.

السابق
تلامذة لبنان أبطال العرب في المناظرة
التالي
حذار خطاً ازرقاً بحرياً… أنه تنازل عن حق!