النهار: مجلس الوزراء يهرب إلى التأجيل المكرّر وميقاتي للحكومة: لا يمكنني الاستمرار هكذا

بدت جلسة مجلس الوزراء مساء أمس أشبه باختبار قسري للحكومة للتعايش مع "حرب باردة" داخل الجلسات تحول دون تفجرها على وقع الحروب الساخنة التي تهز بعنف العلاقات بين أطرافها. واذا كانت الجلسة تجنبت قطوع الانفجار، فانها في المقابل تركت انطباعات قاتمة عن العجز المستحكم لدى قواها وأطرافها عن الاتفاق لعى أي ملف أساسي ولا سيما منها الملف المالي، فكان الهروب الى التأجيل "المعجل المكرر" سبيلا وحيدا لمنع نعي الحكومة ومصيرها. وخرجت الجلسة بتوافق يتيم على ارجاء الغوص في ملف الانفاق على جلسة تعقد قبل ظهر الاربعاء المقبل في قصر بعبدا "افساحا في المجال للاتصالات السياسية للانتهاء من الموضوع" كما أفادت المعلومات الرسمية.
وأوضحت مصادر وزارية لنا ان الحكومة تجاوزت قطوع التفجير بمناقشة عقيمة للبندين الأولين على جدول الاعمال المتعلقين بمشروع قانون الـ8900 مليار ليرة بصيغته المعدلة ومشروع مرسوم الـ4900 مليار للانفاق على الاشهر الستة الاولى من السنة الجارية. وشرح رئيس الجمهورية ميشال سليمان موقفه الرافض لتوقيع مشروع الـ8900 مليار ليرة وقال: "أتنمى الكف عن مراجعتي في هذا الموضوع فأنا استشرت قانونيين وقدموا لي آراء دستورية وقانونية اقتنعت بنتيجتها بوجهات نظر عدة أجمعت على عدم توقيعي المرسوم لأنه مخالف للدستور".

وقالت ان رئيس الوزراء نجيب ميقاتي أدلى بمداخلة حادة في الشكل لكنه وضع فيها الجميع أمام مسؤولياتهم، قائلا: "لا يمكنني الاستمرار هكذا في حكومة لا إنفاق فيها ولا تعيينات بل اضرابات وتظاهرات ومشاكل اجتماعية". وتساءل: "اذا كانت حكومة بلا صرف ولا انتاج ولا قدرة لها على أي حلول، فما معنى بقائها؟". وخلص الى القول: "أمامكم اسبوع وعلينا جميعا ان نجد حلا، وهذا قانون المحاسبة العمومية أوزعه عليكم للاطلاع عليه علَّ فيه مخارج للانفاق العام في حالات معينة". واقترح العودة الى مناقشة المسألة في جلسة صباحية بعد 48 ساعة في قصر بعبدا. لكن الوزير جبران باسيل أبدى تحفظه عن الموعد لارتباطه بمواعيد مسبقة، واتفق على عقدها الاربعاء المقبل.
وعلمت "النهار" أن مفاجآت عدة سجلت خلال المداخلات كان أبرزها للوزير نقولا فتوش الذي سأل "من الذي وضع يده على مشروع الـ 8900 مليار ليرة أولا، لجنة المال والموازنة أم رئيس مجلس النواب؟". فأتاه الجواب بأن رئيس المجلس أحال المشروع على لجنة المال، فقال فتوش عندئذ: "اذا هذا المشروع فقد صفة المعجل المكرر ولا نستطيع أن نحمل فخامة الرئيس أي مسؤولية".

وكانت المفاجأة الثانية في اثارة الوزير غازي العريضي مسألة الاجازة لمجلس الوزراء تقرير صرف سلف وفقا لقانون المحاسبة العمومية، فلفت في مداخلة الى أن قانونا صدر عام 1991 يحمل الرقم 14/41 شباط الغى القانون القديم وأصبح من غير القانوني ان يقرر مجلس الوزراء صرف السلف. ومنذ عام 1991 الى عام 2011 كانت الحكومات تتصرف بطريقة غير قانونية ولو انها كانت تلبي حاجات الدولة.
الى ذلك، تميزت الجلسة باثارة ملفات أمنية كان أبرزها ملف داتا الاتصالات اذ بادر وزير العدل شكيب قرطباوي الى القول إن وزير الداخلية انتقد ثلاثة من كبار القضاة في اللجنة القضائية المكلفة بت طلبات تسليم الداتا واتهمهم بالتقاعس. فرد عليه وزير الداخلية مروان شربل بأن الوزارة ارسلت بعد محاولة اغتيال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع طلبا لتسلم الداتا فجاء جواب اللجنة بعد خمسة ايام بأنها تريد تعديل الطلب. وأرسل اليها طلب ثان فجاء الجواب ايضا بأن اللجنة تريد تعديل الطلب وتكرر الامر للمرة الثالثة. وتساءل كيف يمكن المضي في التحقيق؟ واتفق الوزيران على الاجتماع مع القضاة الثلاثة لتوضيح الامور.
ثم أثار الوزير باسيل تحرك عمال الكهرباء المطالبين بتثبيتهم، كاشفا انهم هددوا المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان، كما كشف انه تعرض في منزله لاعتداء وتهديد. وقال وزير الداخلية إنه اتصل بالوزير باسيل وطلب منه اسماء لملاحقة أصحابها، كما طلب ذلك من المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان ولم يستجب له. وكلف مجلس الوزراء وزير الداخلية اتخاذ الاجراءات اللازمة لملاحقة هذه القضية.

فواتير السياسيين

على صعيد آخر، وفيما لا يزال ملف بواخر الطاقة عالقا عند المفاوضات بين اللجنة الوزارية وشركة "كاردينيز" التركية كما أعلن، عاد الحديث عن ملف "فواتير السياسيين" في ظل كلام شهدته المناظرة بين النواب في جلسة المناقشة العامة أخيرا. وفي معلومات لـ"النهار" ان السجال الذي حصل بين نائبين من قوى 14 آذار و8 آذار أظهر ان ثمة فواتير متأخرة على سياسيين وجهات حزبية في الفريقين، بينها فاتورة مترتبة على نائب في قوى 8 آذار بقيمة 671 مليونا و464 الفا و790 ليرة، فيما تترتب على جهة حزبية في قوى المعارضة فاتورتان احداهما بقيمة 50 مليونا و763 الفا و200 ليرة والاخرى بقيمة 33 مليونا و435 الفا و134 ليرة. وأضافت المعلومات ان الوزير باسيل يطالب مؤسسة كهرباء لبنان بملاحقة السياسيين والمسؤولين المتخلفين عن دفع فواتيرهم بغية تحصيلها بواسطة كتب أرسلت منذ نيسان 2010، وقد بدأت منازعات قضائية بين المؤسسة والجهتين المذكورتين.

14 آذار الى عرسال

الى ذلك، لم تغب أجواء الاحتدام السياسي امس عن المشهد الداخلي، إذ ردت الامانة العامة لقوى 14 آذار على المواقف الاخيرة للعماد ميشال عون فوصفتها بأنها "نبش للقبور واستخدام متكرر للغة الطائفية الموتورة وخطاب حرب أهلية يسعى عون وحلفاؤه الى اعادة لبنان الى مناخاتها البغيضة".
وعلمت "النهار" ان جميع نواب البقاع الذين ينتمون الى قوى 14 آذار سيشاركون في زيارة لبلدة عرسال تنظمها الامانة العامة لهذه القوى الاحد المقبل. كما سيشارك في الوفد الذي سينطلق من بيروت النائبان مروان حماده ونديم الجميل وآخرون ربما. وأوضحت مصادر في 14 آذار ان هذه الزيارة تختلف عن الزيارة السابقة لمنطقة وادي خالد نظرا الى أن الحدود الشرقية أطول بكثير من الحدود الشمالية وتشهد باستمرار خروقا من الجيش السوري كان آخرها امس مقتل امرأة سبعينية من القاع وجرح ابنتها برصاص القوات السورية. وأشارت الى ان الغاية من الزيارة هي التضامن مع النازحين السوريين الى جانب الاهالي خصوصا ان ثمة "إيحاء" من دمشق جعل أطرافا في الحكومة يتقاذفون الذرائع لرفض اغاثة اللاجئين السوريين في عرسال ومحيطها.

السابق
مُعسكِرون و مُتَعسكِرون
التالي
السفير: بان كي مون يحذر من إعادة النظر بمهمة المراقبين.. وفرز الانتخابات يتواصل