اللواء: الأمير نايف يبحث مع الحريري أزمات المنطقة .. وحزب الله يتبرأ من حملة عون على سليمان والإنفاق يعمِّق مأزق الحكم: تسوية شاملة أو لا حلّ

المهم بالنسبة "لأهل الحكومة" ان جلسة مجلس الوزراء انعقدت، ولم ينضم المجلس برمته الى حلقة الارجاءات التي تميز الاداء السياسي الرسمي ليس في هذه الحكومة بل وفي الحكومات السابقة ايضاً، حيث يتقدم خيار التأجيل على ما عداه في كل مرة تستحكم الخلافات وتهدد بتعطيل الدولة ومؤسسات القرار المفترضة فيه.
وقد تكون اللقاءات التي سبقت الجلسة سواء بين الثلاثي حزب الله – عون – امل او بين حزب الله – الاشتراكي، فضلاً عن الجلسة التشاورية بين رئيسي الجمهورية والحكومة، قد ضبطت المناقشات تحت "سقف بارد" حتى لا تؤدي الاصوات المرتفعة الى دفع الامور الى نقطة اللاعودة في ظل الاجواء المحمومة بين الرئيس سليمان وفريقه من جهة والنائب ميشال عون ووزرائه من جهة ثانية، اضافة الى وزراء جبهة النضال الوطني الذين ابلغوا حزب الله انهم لن يسكتوا ازاء اي تحرشات واستفزازات عونية.
ومع ان الجلسة كانت اقل من عادية وغير منتجة من وجهة نظر مصادر حكومية، الا ان الوزير سليم جريصاتي، الذي أدّى اتفاقه مع ادارة الضمان الاجتماعي والمستشفيات الخاصة كحلحلة ازمة عدم استقبال المرضى المضمونين الى اعطاء الحكومة دفعة معنوية، ابلغ "اللواء" ليل امس ان الجلسة كانت راقية، وجرى فيها استيضاح وتوضيحات حول كثير من النقاط المتعلقة بالانفاق المالي، باعتباره البند الاول على جدول الاعمال.
غير ان الوزير استدرك ان النقاشات التي دارت وتمحورت في جانب منها حول قانون المحاسبة العمومية التي احضره الرئيس ميقاتي معه يشكل مرجعاً للابعاد القانونية لاي قرار ممكن ان تتخذه الحكومة في ما يتعلق بالانفاق من خارج الموازنة لم تفضِ الى اقناع تفاهم يمكن التوصل اليه.
وبعد المداخلات، ارتؤي ان يتأجل البت الى جلسة الاربعاء المقبل التي ستعقد في القصر الجمهوري.
وحسب تقييم احد وزراء الثامن من آذار، فإن الجلسة لم تكن صاخبة بالمعنى السياسي، فمع عدم طرح موضوع تعيين محافظ جبل لبنان بانتظار جواب مجلس الخدمة المدنية على الاسم او الاسماء المقترحة، مرت بنود جدول الاعمال الباقية بهدوء، واعطي نفق جل الديب مهلة ثلاثة أسابيع لإنجاز الدراسة المتعلقة به، على أن يُعرض مجدداً لاتخاذ القرار المناسب.
وقال مصدر وزاري وسطي أن النقاشات الكلامية لم تسفر عن زعزعة أي فريق عن موقفه، وإن كان الجو مال إلى انه من الصعب جداً إيجاد حل للإنفاق الحالي عبر السلطة الاجرائية وحدها سواء الحكومة أو رئيس الجمهورية الذي اكد على نحو قاطع انه لن يوقع أي مرسوم اجرائي يتعلق بالـ?8900 مليار ليرة لبنانية يعتبره غير دستوري، الأمر الذي يُعيد الأمور إلى سكة مشروع قانون يجري الاتفاق عليه في مجلس الوزراء ويحول الى مجلس النواب لمناقشته واقراره وفق الأصول.
مناقشات الجلسة
فالمعلومات المتوافرة ل"اللواء" عمّا دار في الجلسة تؤشر بقوة إلى ان كل مكوّن من مكونات الحكومة بقي على سلاحه وموقفه، من دون أن يُبدي أي منها "رغبة ما" في التقدم خطوة باتجاه الاخر.
ففي خارطة المواقف، علمت "اللواء" أن رئيس الجمهورية افتتح الجلسة بشرح لموقفه الرافض للتوقيع على مرسوم الـ8900 مليار انطلاقاً من دراسات واستشارات قانونية رفعت له وتجمع على مخالفة القانون في حال التوقيع.
اما الرئيس ميقاتي وبعدما استمع إلى مواقف جميع الأطراف وزّع على الوزراء نص قانون المحاسبة العمومية داعياً إلى دراسته ومعرفة الأماكن والحالات التي تسمح للدولة بالصرف فيها (وهو من صفحتين).
وقال أمام المجلس "أمامكم أسبوع لإيجاد حل، إذ لا يمكن لحكومة ان تستمر هكذا معطلة وعاجزة عن الصرف والإنفاق وعن اجراء تعيينات وعن معالجة مشاكل اجتماعية تطوقها باضرابات وتظاهرات.
وعبّر وزراء أمل وحزب الله وتكتل التغيير والإصلاح عن وجهة نظرهم التي تقول بأنه ليس أمام الحكومة سوى خيارين لقوننة الانفاق: إما بتوقيع رئيس الجمهورية، وهو لا يريد ان يوقع، وإما بإثبات الأكثرية بأنها أكثرية في مجلس النواب بالتصويت على مشروع القانون المطروح على الهيئة العامة.
وذهب وزراء جبهة النضال الوطني إلى تكرار موقفهم بأنهم مستعدون للتصويت في المجلس إذا جاء الحل بالتوازي مع الـ 11 مليار لأنها أنفقت بالطريقة والظروف نفسها للـ 8900 مليار ليرة.
وقال هؤلاء أن بالإمكان البحث عن حل، في القوانين والدستور أبواب كثيرة إذا لم نتفق على الربط بين مشروعي الانفاق السابق والحالي.
حزب الله يتبرأ
وكان لافتاً بعد الجلسة الموقف الذي أعلنه وزير حزب الله في الحكومة محمد فنيش من "أن الحزب لا يرى في هجوم عون على رئيس الجمهورية إساءة لموقع الرئاسة".
وفي ما يشبه التبرؤ من الحملة العونية على بعبدا وإيصال رسالة للرئيس سليمان بأن لا صلة للحزب مما يصدر من الرابية، أكد فنيش "نحن كحليف لعون لا يلزمنا بما يقوله من مواقف، ومواقفنا لا تلزمه أيضاً".
وفي ملف الانفاق، أوضح أن البحث قد تأجل في مرسوم الـ 8900 مليار لأن الرئيس ميقاتي قد وزّع على مجلس الوزراء قانون المحاسبة العمومية الذي يجيز إعطاء سلفات جزئية لتسيير أعمال الوزارات كما جرى سابقاً، مع سلفة الرواتب للقطاع العام، وبهدف تسيير الوزارات الحيوية مثل الدفاع والأمن والصحة والشؤون الاجتماعية.
أما في ما يتعلق بقوننة الانفاق، ففي جعبة مجلس النواب قانون مرسل من مجلس الوزراء، وما على الأكثرية الحالية إلا النزول إلى ساحة النجمة لإثبات أكثريتها (غامزاً من قناة موقف جنبلاط).
وأضاف: إذا أرادوا قانون فالقانون موجود في الهيئة العامة لمجلس النواب، وما عليهم إلا التصويت عليه، وإذا تعذّر الأمر مجدداً في مجلس النواب، فلا حول ولا قوة لأن الدستور يجيز لرئيس الجمهورية فضّ أي خلاف بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهنا تبرز ضرورة الاستفادة من الصلاحية الدستورية لرئيس الجمهورية.
وبدوره، وزير المال محمد الصفدي بعد الجلسة أن التعويل على دور لرئيس المجلس ولرئيس الحكومة لإقناع رئيس "جبهة النضال الوطني" بتأمين النصاب لإقرار مشروع قانون الـ 8900 مليار في مجلس النواب.
وكشفت مصادر مسؤولة رفيعة المستوى أن وزراء الثامن من آذار أدخلوا البلد في مأزق جدي لا سيما لجهة الوزارات التي في عهدة محسوبين على بعبدا أو السراي أو المختارة، فالوزير جبران باسيل حصل على مليارات من الدولارات بحجة تطبيق خطة الكهرباء، وكذلك الأمر بالنسبة لوزير الصحة علي حسن خليل، أما وزير حزب الله فليس لديهم من المشاريع التي تحتاج إلى انفاق كبير من خلال الصوت المنخفض لوزير الزراعة حسين الحاج حسن المطالب بسلف لمشاريع زراعية.
وقالت هذه المصادر ان رمي الكرة تارة إلى ملعب الرئيس سليمان وتارة الى ملعب النائب جنبلاط من شأنه تعميق المأزق، مشيرة إلى ان وزراء الثامن من آذار يسعون إلى اضعاف رئيس الجمهورية عبر ضربات متلاحقة، وحشر النائب جنبلاط في الزاوية لأسباب محض سياسية.
واكدت المصادر ان الانفاق المالي اما ان يُحل سلة واحدة (8900+4900 مليار ليرة لبنانية+ 11 مليار دولار+ 5 مليارات دولار) او لا حل.
وتوقفت عند كلام رئيس الحكومة للوزراء انه من غير الممكن القبول ببقاء الحكومة مشلولة، الامر الذي تضمن تلويحاً بموقف ما لكسر حلقة الجمود.
أجواء ما قبل الجلسة
وإذا كانت الاتصالات نفّست الاحتقان الذي سببه القصف العشوائي السياسي للنائب عون على الرئيس سليمان والنائب جنبلاط بـ"قبة باط" من الثنائي الشيعي، وبإشارة إقليمية على خلفية المواقف التي أُعلنت عن سليمان وجنبلاط إزاء تطور الازمة في سوريا، فإن نقاشات تدور بشكل جدي حول جدوى الحكومة حيث اصبحت لا قدرة لديها لا على الانفاق ولا على مواجهة الاضرابات ولا حتى على تعيين موظف.
واشارت مصادر سياسية إلى ان الاسبوع المقبل سيشكل نقطة إختبار حول النيات الجدية لوزراء الثامن من آذار، على ان يكون هناك في الاسبوع الذي يليه موقفاً من المشكلات الراهنة، يقدمه الرئيس سليمان في خطاب لمناسبة بداية السنة الخامسة لانتخابه في 25 ايار المقبل.
وتابعت هذه المصادر ان الموقف الذي سيدلي به الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مساء غد سيحمل بحد ذاته مؤشراً حول مجرى الاستمرار في المأزق او البحث عن حل جدي لدراسة الانفاق والعلاقات بين مكونات الحكومة.
الأمير نايف والحريري
وسط هذه الأجواء المأزومة، استقبل ولي العهد السعودي ووزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود أمس الرئيس سعد احريري في الديوان الملكي، بحضور المستشار الخاص لولي العهد الأمير سعود بن نايف والسكرتير الخاص عبد الرحمن بن علي الربيعان. وجرى خلال اللقاء بحث تطورات الوضع في المنطقة والأزمات التي تشهدها لاسيما الوضع في لبنان وسوريا.
وكان الحريري قد أكد لأحد متتبعيه على موقع "تويتر" ان البلد "مرهق ولا يمكن الاستمرار في ظل الحكومة الحالية، وان الوضع الراهن لن يطول".

السابق
الحياة: مقتل لبناني برصاص جنود سوريين والحكومة أجلت بت ملف الانفاق
التالي
الأنوار: تساؤلات في مجلس الوزراء: لماذا تستمر الحكومة؟