حكومة الحرب

فاجأ نتنياهو وموفاز جميع القوى السياسية والاجتماعية الاسرائيلية باتفاقهما فجر امس على تشكيل حكومة وحدة وطنية بمظلة برلمانية, هي الاوسع في تاريخ دولة الابرتهايد الاسرائيلية، قوامها اربعة وتسعون نائبا.
الاتفاق الدراماتيكي بين زعيم حكومة اقصى اليمين وزعيم المعارضة، أسقط خيار الانتخابات المبكرة، الذي كان مقررا في الرابع من ايلول المقبل. وافسح المجال امام زعيم الليكود ليواصل قيادته للحكومة حتى تشرين اول 2013، إلآ اذا حدث تطور خارج عن المألوف في الائتلاف الاوسع في تاريخ إسرائيل.

الاتفاق على انخراط حزب كاديما في الائتلاف الحاكم، من حيث الشكل فاجأ المراقبين السياسيين. لا سيما وان شاؤول موفاز، خاض الانتخابات الداخلية على زعامة حزبه، على اساس انه، هو من سيخلف نتنياهو، وهو الذي سيطيح بزعيم الليكود! ولكن هناك مراقبون، لم يفاجأوا نهائيا، لاعتقاد سابق لديهم، ان موفاز بالجوهر، لا يختلف عن نتنياهو. ولعل الاتفاق السريع بين الرجلين بعد الاتفاق على موعد الانتخابات البرلمانية في ايلول المقبل، يكشف عن حقيقة موفاز، انه رجل الليكود في كاديما، وخطوته الجديدة تؤكد عودته لحاضنة حزبه الام. والخاسر الاول, هو, حزب كاديما قبل حزب العمل ويائير لبيد وميرتس. لأن كاديما، وان افترض نوابه بقاءهم في عضوية الكنيست حتى نهاية 2013، فإنهم شاركوا مع موفاز في التوقيع على شهادة وفاة الحزب. ويبدو ان تسيبي ليفني، لم تستقل من عضوية الكنيست، إلا لأنها ادركت المآل الذي سيأخذ موفاز حزب كاديما اليه. لذا حرصت ان تنأى بنفسها عن المشاركة في اللعبة القذرة التي اعد لها شاؤول موفاز مسبقا.

وحتى بالمعنى الآني، فإن كاديما لم يحصل على اي امتيازات في حكومة الوحدة الوطنية سوى على مقعد وزير بلا حقيبة, مع ان حزب كاديما، هو، الحزب الاكبر في البرلمان ( الكنيست) ورئاسة اللجان في المؤسسة التشريعية، ليست اكثر من ذر الرماد في العيون. وحديث موفاز عن الانشداد للمصالح الاسرائيلية العامة، ليس سوى تضليل لأقرانه من قادة حزب الوسط.
الحكومة الاسرائيلية الجديدة, دون لف أو دوران، هي حكومة الحرب على جبهتين الاولى جبهة تأبيد الاستيطان والعدوان ضد الشعب العربي الفلسطيني, وبالتالي الحرب على التسوية السياسية بهدف خنقها كليا. والجبهة الثانية, الحرب على ايران. حيث باتت الطريق امام ائتلاف اقصى اليمين ممهدة وسالكة لارتكاب اعظم الاعمال العدوانية والارهابية.

على الدول واقطاب العالم المختلفة للتأكد مما تخطط له الحكومة الجديدة اختبارها في الموضوعين الاساسيين, الاول التسوية السياسية على اساس خيار حل الدولتين للشعبين على حدودو الرابع من حزيران 67، والثاني كيفية معالجة الملف النووي الايراني.
من المؤكد سيكتشف العالم دون عناء ان حكومة نتنياهو وموفاز وليبرمان ويشاي وباراك، هي حكومة فاشية بامتياز، ليس لديها مصلحة حقيقية في السلام على اي من الجبهات المختلفة. وتعمل دون كلل لتأصيل وتعميق الفاشية في اوساط المجتمع الاسرائيلي، وهو ما يعني دفع المنطقة والعالم الى الهاوية. وقادم الايام سيكشف ذلك.

السابق
ليبيا الجديدة وثقافة القذافي
التالي
فصل أشوه آخر