أيامها الأخيرة

في كل يوم يمر، يزداد اللبنانيون اقتناعاً بعدم الرهان على حكومة أثبتت فشلها في كل المجالات، وعدم قدرتها ليس على الانتاجية بل على إدارة الحكم بسبب طبيعة تكوينها من فرقاء لا يجمع بينها أي جامع سوى الاتفاق على الاستقرار الأمني، ومنع البلاد من الانزلاق نحو هاوية الفوضى واللاستقرار، بسبب عمق الهوة بين الأكثرية والهوة، والتي استولدت ارتفاعاً في منسوب الاحتقان السياسي وصل إلى حدّ الانفجار أمام أي خطأ محسوب أو غير محسوب من هذا الجانب أو من ذاك.
وفي كل يوم يمرّ تجد الحكومة نفسها مكبلة وغير قادرة على الفعل في أي مجال، اقتصادياً أو اجتماعياً أو إنمائياً ما جعلها في نظر اللبنانيين أشبه ما تكون بالحكومة المفلسة أو الميتة سريرياً، ولا ينقصها سوى الإعلان الرسمي عن وفاتها.
فلا هي قادرة على حل مشكلة الغلاء الفاحش الذي يضرب الطبقة الفقيرة ويزيدها فقراً وعوزاً، ولا هي تمكنت من معالجة مشاكل العمال المتراكمة. والزيادة التي أقرتها على الأجور امتصتها موجة الغلاء الفاحش التي طاولت كل شيء بما فيها رغيف الخبز الذي يشكل الغذاء الأساسي للفقراء، حيث أقدمت هذه الحكومة على سرقة رغيف من ربطة الخبز من دون أن تُرضي أصحاب الأفران الذين بدأوا يطالبون بسرقة رغيف آخر مما تبقى من ربطة الخبز، والحكومة تفكر جدياً بالاستجابة، حتى لا يسجل عليها أنها رفعت سعر ربطة الخبز التي تشكّل لقمة عيش الفقير الأساسية.

ولا هي بالطبع تمكنت من معالجة أزمة انقطاع التيار الكهربائي عن كل لبنان وعن العاصمة أيضاً رغم بطولات الوزير جبران باسيل وادعاءاته هو والجنرال عون بالشفافية والحرص على المال العام، وقد أظهرت خلفيات هذه الأزمة، كما كشفت عنها مناقشات مجلس الوزراء وجود صفقة مشبوهة تكمن وراء أزمة الكهرباء، ما أدى إلى تأجيل إتمام هذه الصفقة والأصح إلى إلغائها، حتى لا تقع الحكومة ضحية صفقات الوزير الشاب المتحمس للعمل والإنتاج والذي جمع حوله في الوزارة أكثر من أربعين مستشاراً برواتب ومخصصات مرتفعة.
ولا هي أيضاً أوجدت حلولاً ناجعة ولا حتى مؤقتة، لأزمة الانفاق المالي بسبب إصرار فريق داخلها على ممارسة الكيدية ضد فريق حكم البلاد قبله برفضه إيجاد تسوية للإنفاق الحكومي من خارج الموازنة يساوي بين ما أنفقته الحكومة الحالية وبين ما أنفقته الحكومات السابقة والبالغ 11 مليار ليرة.

وقس على ذلك، بالنسبة إلى كل الأمور التي تتحمل الحكومة مسؤوليتها، من الركود الاقتصادي الذي لامس مرحلة الخطر، إلى التراجع السياحي والاصطيافي الذي يشكل مورداً اساسياً للخزينة إلى كل النشاطات الأخرى التي تعود بالنفع على البلاد والعباد.
وثمة من لا يزال يراهن على أن اجتماع مجلس الوزراء اليوم، والمخصص لتسوية الخلاف بين رئيس الجمهورية وفريق الثامن من آذار بقيادة الجنرال عون مدعوماً من حزب الله لن يخرج بأي نتيجة إيجابية بقدر ما سيزيد من حدة الانقسام الوزاري ويؤكد عجز هذه الحكومة عن قيادة السفينة باتجاه الشط الآمن.
أمر واحد نجحت فيه هذه الحكومة، وربما يكون هذا الأمر هو السر الكامن وراء تمسك «حزب الله» ببقائها هو سياسة الانحياز الكامل للنظام السوري الذي يشن حرب إبادة ضد شعبه تحت عنوان النأي بالنفس، وفي الوقت نفسه تمارس سياسة الانحياز الكامل إلى جانبه في كل المحافل العربية والدولية، ولكن هل يمكن لهذا الانحياز أن يمنع ذهابها غير مأسوف عليها، لتأتي حكومة حيادية تشرف على الانتخابات النيابية المقبلة والتي افتتحها جنرال الرابية بإعلان الحرب على رئيس الجمهورية وعلى الزعيم الدرزي وليد جنبلاط.
المعارضة ترى أن أوان ذهابها بدأ يقترب وإن كانت لا تزال مدعومة من النظام السوري ومعه النظام الإيراني، وهي اليوم تعيش آخر أيامها.

السابق
اللواء: سليمان لن يتزعزع عن موقفه وعون يشكّك بدستورية رئاسته!
التالي
مد يساري جديد