النهار: ميقاتي يتوسط بين فريقي الحكومة لمخرج مالي.. الحريري وجنبلاط يطلان على المبارزة الانتخابية

على وقع المواقف السياسية البارزة التي اطلقت في عطلة نهاية الاسبوع الماضي وشحنت المناخ السياسي العام بجرعات حارة اطلت على آفاق التنافس الانتخابي المبكر، بدأ أركان الحكم والحكومة أمس سباقاً محموماً مع موعد جلسة مجلس الوزراء غداً في محاولة للحؤول دون اخفاقه مجدداً في التوصل الى مخرج لمأزق الانفاق المالي، الامر الذي من شأنه ان يترك مزيداً من التصدعات في صفوف الحكومة.
وقام رئيس الوزراء نجيب ميقاتي امس بتحرك مكوكي شمل رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير المال محمد الصفدي طارحاً مشاريع مخارج من المأزق المالي، في حين كثف فريق الثلاثي "امل" و"حزب الله" و"تكتل التغيير والاصلاح" المشاورات بين اطرافه استعداداً لجلسة الاربعاء.

وعلمت "النهار" ان رئيس الجمهورية ابلغ كل من راجعه في هذا الموضوع تمسكه برفض توقيع مشروع القانون المرسل من الحكومة الى مجلس النواب في شأن مبلغ الـ8900 مليار ليرة لتضمنه شوائب قانونية كثيرة لن يكون وارداً لديه ان يغطيها بتوقيعه، ودعا مجلس النواب والحكومة الى تحمل مسؤوليتهما في هذا المجال. وقالت مصادر مواكبة للاتصالات الجارية لـ"النهار" ان البحث جار بين جميع الاطراف الممثلين في الحكومة لبلورة حل وان افكاراً عدة يجري تداولها، فيما لا يزال فريق "حزب الله" و"امل" و"تكتل التغيير والاصلاح" مصراً على ان الحل هو بتوقيع رئيس الجمهورية مشروع قانون الـ8900 مليار ليرة. وقالت المصادر ان لا شيء مقفلاً وان جلسة الاربعاء لا تزال في موعدها وان البحث جار عن حل انطلاقا من ضرورة تحمل الجميع المسؤولية عن عدم ترك مالية الدولة في ازمة بعدما تبين ان مشروع طلب سلفة بـ4900 مليار ليرة يحتاج الى حل سريع وعملي.

واوضحت مصادر متابعة لحركة رئيس الحكومة ان ميقاتي ينطلق من ثابتة اساسية هي ان الملف المالي لم يعد يحتمل مزيدا من الانتظار ولا يمكن البلاد ان تستمر في النزف، خصوصاً ان الوضع الحالي بات يمس بالوضع العام عموما والحكومي خصوصا. واشارت الى ان الاتصالات ستتركز حتى موعد جلسة غد على محاولة ايجاد توافق على المخرج القانوني لحسمه في الجلسة.
ونفت اوساط ميقاتي احتمال تأجيل الجلسة واكدت انها قائمة في موعدها، لكنها رفضت الدخول في تفاصيل الاقتراحات المتداولة، مفضلة ان تبقى في اطار المشاورات لانضاجها، وعكست ارتياح ميقاتي الى الاجواء السائدة.
وفي المقابل، قالت مصادر وزارية في فريق "أمل" و" حزب الله" و"التكتل" لـ"النهار" ان هذه التكتلات ليست مع العودة الى البحث في مجلس الوزراء في مشروع الـ8900 مليار ليرة انطلاقا من اقتناعها بأن هذا الموضوع اقرته لجنة المال والموازنة ولا ضرورة لاعادته الى مجلس الوزراء بل يجب ان يسلك طريقه الى الهيئة العامة لمجلس النواب. اما في ما يتعلق بمشروع سلفة الـ4900 مليار ليرة، فقالت ان المهم ليس رقم المبلغ بل قوننة الانفاق والاتفاق على آلية القوننة، وهذه هي الفكرة الاساسية التي سيركز عليها وزراء الافرقاء الثلاثة في جلسة الاربعاء لايجاد حل قانوني نهائي. واضافت انه من المبكر الحديث عن حلحلة في انتظار الفترة الفاصلة عن جلسة غد لبلورة المخرج. ووصفت اللقاء الذي جمع أمس الوزير علي حسن خليل والنائبين علي فياض وابرهيم كنعان بأنه يدخل في اطار لقاء اسبوعي للتنسيق.

رد جنبلاط
ويشار في هذا السياق الى ان اوساطا مطلعة ابرزت تنامي المخاوف لدى بعض المراجع واركان الحكم والحكومة من تأثير اشتداد السجالات والحملات السياسية الحادة اخيراً على الوضع الحكومي، وخصوصاً في ضوء الحملة التي شنها العماد ميشال عون على رئيس الجمهورية ورئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط ورد الاخير عليه في مناسبة حزبية اقيمت الاحد في صوفر.
وكان جنبلاط رد على عون من غير ان يسميه قائلا: "ماذا اقول لشتام الامس؟ لا شيء (…) لكن عتبي شديد جدا على الذين يجعلونه يطلق العنان في نبش القبور يميناً وشمالا وعلى الذين لا يحترمون موقعا وسطياً دفع الحزب التقدمي الاشتراكي اثمانا باهظة سياسيا وشعبيا لتأكيد ضرورة السلاح في مواجهة اسرائيل وعدم استخدامه في الداخل". ولفت في رده تحذيره من العودة الى "شعار الجيش هو الحل" متسائلا "عما اذا كانوا يريدون الاستيلاء على كل مقدرات البلاد والعباد والادارة والجيش".

الحريري
في غضون ذلك، احيا تيار "المستقبل" الاحد ذكرى الشهداء بمهرجان اقامه في ساحة الشهداء وكان الخطيب الوحيد فيه الرئيس سعد الحريري الذي القى كلمة عبر الشاشة. وتحدث الحريري عن ذكرى 7 ايار 2008 فوصفه بأنه "كان يوما مشينا تسبب بافساد الحياة المشتركة بين الاهل والاخوة وتسميمها واتخذ السلاح وسيلة لبت الخلافات السياسية". واضاف: "سنقول معا مرة جديدة في صناديق الاقتراع بعد سنة خيارنا رفض العنف ورفض السلاح وخيارنا الدولة الواحدة الجامعة المسؤولة عن الجميع". وشدد على رفض الفتنة بين السنة والشيعة، داعيا الى "حوار صادق انطلاقا من اقتناع لا من مناورة بأن السلاح خارج سلطة الدولة يبقى سلاحا لا وظيفة له سوى اضعاف الدولة".

وقام الحريري في اليومين الاخيرين بزيارة اكتسبت دلالة مهمة للدوحة حيث التقى امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني واجتمع مرتين مع رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني. وافاد مكتبه الاعلامي ان المحادثات تناولت التطورات الاقليمية والعربية والدولية والعلاقات الثنائية بين لبنان وقطر.
وقال النائب مروان حماده تعليقاً على مواقف الحريري وجنبلاط انهما "تميزا برصانة الخطاب ووضوح الرؤية وصلابة الموقف من غير ان ينجرا الى نهج الشتيمة الذي اتبعه وياللاسف بعض القيادات السياسية". واعتبر ان الحريري وجنبلاط "يلتقيان في السياسة من دون اندماج مع الحفاظ على خصوصية كل منهما".

السابق
عدوّان يخشاهما جنبلاط
التالي
الشيخ نعيم. فهمت عليك