الراي: ملفات المنطقة بين القيادة القطرية والحريري والدوحة لم تعد في وارد أي تساهُل في الملف اللبناني

يتجه لبنان لمغادرة الستاتيكو الانتظاري على مشارف سنة «مفصلية» تفصل عن استحقاق يجري التعامل معه على انه «مصيري» ويتمثل في انتخابات نيابية، من غير المستبعد ان يكون شعارها «يا قاتل يا مقتول»، وهي التي ستجيب عن سؤال محوري: من سيحكم لبنان؟
في «الويك أند» الذي لم تسترح فيه السياسة، اشتعلت المنابر بإطلالات نارية لأقطاب اللعبة السياسية، زاد من حماوتها الحريق السوري. فالمعركة تكاد تكون واحدة في بيروت ودمشق، فالعاصمتان الأقرب في الجغرافيا تتوحدان في «المسار والمصير».
بعد ثلاثة ايام يطل الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، فيكتمل «بازل» المشهد السياسي بعدما كان زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون ضرب في اكثر من إتجاه، وحدد رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عناوين معركته، وقال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط كلمته من دون ان يمشي.

العماد عون، الذي تباهى بـ «سورية الأكثر ديموقراطية من سواها»، بدا في هجومه المزدوج على رئيـــس الجمهورية ميشال سليمان والزعيم الدرزي وليد جنبلاط وكأنه «ينتقم» من أطراف فوتت عليه فرصة قد لا تتكرر، وهو الذي يمسك بحصة وازنة في سلطة عاجزة عن ان تحكم.
والحريري، الذي اطل من منفاه الاضطراري عبر الشاشة، عنون معركته في المواجهة المفتوحة مع «جزار دمشق» والعمل على إسقاط النظام الرديف له في لبنان، ثم غادر الى قطر التي اجرى محادثات مع قيادتها، في مستهل جولة تعيده الى الاضواء بعد نقاهة من كسر في ساقه أقعده في باريس قبل ان ينتقل الى الرياض.
اما جنبلاط، الذي يمضي الى الانتخابات النيابية على قاعدة «نكون أو لا نكون»، فقال انه لم ينجح في استئجار «شتّام» للرد على عون، وبدا عاتباً على «حزب الله» في ترك حليفه يطلق العنان لـ «نبش القبور»، مذكراً بالأثمان التي دفعها يوم إختار «إطفاء الفتنة».

واستوقفت الدوائر السياسية زيارة الحريري الى قطر حيث لقي استقبالاً رسمياً بالغ الدلالات منذ لحظة وصوله الى المطار حيث استقبله رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم الذي اصطحبه في سيارته إلى منزله واقام على شرفه مأدبة عشاء تكريمية، مروراً بلقائه امس مع امير البلاد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني قبل ان يعقد لقاء ثانياً مع رئيس وزرائه، وهي لقاءات تناولت اخر المستجدات الاقليمية والدولية وخصوصا ما يجري على الساحة العربية والعلاقات الثنائية بين البلدين.

وثمة مَن لاحظ ان زيارة الحريري لقطر جاءت بمثابة «رسالة» معبّرة، ولا سيما ان الدوحة، التي «قطعت ورقة» للنظام السوري، هي التي شكّلت «الوعاء العربي» الذي كان اتاح «تسييل» الانتصار العسكري لـ «حزب الله» في احداث 7 مايو العسكرية باتفاق الدوحة الذي منح «حزب الله» عملياً «حق الفيتو» في السلطة التنفيذية من بوابة «الثلث المعطّل» في مجلس الوزراء.
ويعتبر كثيرون اليوم ان اتفاق الدوحة الذي «هنْدس»، في اطار المفاوضات التي افضت الى ابرامه، انتخابات الـ 2009 عبر الاتفاق على القانون الذي رعاها (الستين) وعلى الحكومة (وحدة وطنية) التي أشرفت عليها، أُجهض بإسقاط حكومة الرئيس الحريري في يناير 2011 عبر استخدام الثلث المعطّل كما من خلال ما تصفه 14 آذار «وهج السلاح». ويعتبر هؤلاء ان قطر لم تعد في وارد اي تساهُل في الملف اللبناني اولاً في غمرة التوتر الخليجي – الايراني، اضافة الى موقفها المحسوم من الأزمة السورية، هي التي كانت جاهرت بلسان كبار مسؤوليها امام النائب وليد جنبلاط ان الانقلاب على حكومة الحريري جعلها «تقلب الصفحة» مع نظام الرئيس بشار الاسد.

في هذه الأثناء، اختار «حزب الله» ان يردّ على «تحمية الأرض» من «المستقبل» برفع نبرة خطابه الى مستوى بالغ الحدة حيال 14 آذار وهو ما يفترض ان يتوّجه الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله يوم الجمعة في كلمته المنتظرة.
وقد اعلن رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد أن «هناك فريقاً يستسهل الخضوع والإنصياع لأوامر وتعليمات الجبابرة والغزاة والطامعين وأصحاب السياسات الدولية من النافذين الكبار، في حين أننا نرفض الخضوع ونرفع شعار هيهات منا الذلة، ولا نقبل بانتهاك سيادتنا وكرامتنا الوطنية واحتلال جزء أو شبر من أرضنا اللبنانية، أو حقنا في المياه الاقليمية».
وشدد رعد على أن «الذي يترجم حريتك وكرامتك الوطنية هو الرفض بين ان تقف بشموخ وتبذل كل ما لديك من اجل ان تعيش سيدا حرا في بلدك، وبين ان تنحني امام الطواغيت وتميّع حقوقك وتتنازل عنها حتى لا يغضب السيد الاميركي او الاوروبي».
واذ أشار إلى أن «لبنان بات الآن الرقم الصعب في المعادلة الدولية، بفضل المقاومة التي قلبت الطاولة على رؤوس اصحاب المشاريع الاستكبارية وهزمت وكسرت رأس الرمح الاسرائيلي للمشروع الاميركي والاوروبي الغربي من خلال بوابة لبنان»، لفت الى ان «المطالبة بموضوع السلاح في لبنان واستهداف سورية والضغط على ايران، يهدف للنيل من المقاومة باعتبار ان ايران هي صاحبة المدرسة المقاومة في هذا العصر»، لافتاً الى «رفض فريق كل التقديمات والعروض السخية الزهيدة الكلفة والمصحوبة بهبات من ايران الى الشعب اللبناني، لا لأنه سيد وحر بل لأن الاميركي اوفد فيلتمان من اجل ان يقطع الطريق على اللبنانيين لقبول هذه الهبات والمساعدات».

وشدد على «أننا ايام العهد السوري كنا نتعاطى مع السوريين من موقع ان اللبنانيين يجب ان يرتبوا شؤونهم، لكن كنا نطوي كشحاً لأن غالبية اصحاب شعارات الحرية والسيادة والاستقلال الآن، كانوا يزحفون ويقدمون الخدمات لضباط سوريين»، معتبراً ان البعض لا يعتبر الاميركيين والاوروبيين «فقط اصدقاء بل يعتبر انهم يستحقون الانحناء امامهم».
وفي سياق متصل، غمز وزير «حزب الله» (لشؤون التنمية الادارية) محمد فنيش من قناة موقف رئيس الجمهورية ميشل سليمان من رفض توقيع مرسوم الـ 8900 مليار ليرة التي انفقتها حكومة ميقاتي سنة 2011 من خارج القاعدة الاثني عشرية وقال: «عندما تنجح المعارضة في تعطيل ممارسة الحكومة لدورها ومن هم في موقع السلطة لا يمارسون صلاحياتهم من اجل ازالة هذا التعطيل فيصبح البلد امام مشكلة كبرى، كما نعاني اليوم».

السابق
الشرق: محادثات مكثفة في قطر والحريري: لا لانظمة وصاية بأدوات محلية
التالي
بغداد تطلق اللبناني علي دقدوق