Platea اليوم: عودة التيار إلى التيار؟

لأول مرة منذ عودة رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون إلى لبنان، ينظم التيار الوطني الحر مهرجاناً شعبياً اليوم يأمل في نهايته أن يوصف بالحاشد. المهرجان العونيّ يحتضن عدة تحديات، منها إعادة الاعتبار المعنوي إلى الناشطين في التيار الوطني الحر، وإيصال مجموعة رسائل سياسية وانتخابية
بعد السيدة فيروز وجوليا بطرس، تطل عند الرابعة من عصر اليوم السيدة ريا الداعوق على مسرح Platea في ساحل علما. الحفل سياسي هذه المرة، يحييه التيار الوطني الحر بمناسبة مرور سبع سنوات على عودة رئيسه العماد ميشال عون إلى لبنان في 7 أيار 2005، وهي المناسبة التي حملت حينذاك عنوان «عودة الوطن إلى الوطن». وتوحي معلومات الاستعدادات باختلاف مهرجان اليوم، شكلاً ومضموناً، عمّا ساد حركة التيار في السنوات السبع الماضية. فإلى جانب السيدة البيروتية التي أعدت كلمة غير سياسية، تتحدث فيها عن التيار كمشتل شباب «نأمل أن يحلّوا محل الطبقة السياسية ـــــ الطائفية الحالية»، للطلاب كلمة، ثم القيادي في التيار رمزي كنج، الذي يمثل جيلاً من الناشطين العونيين أُخرجوا من دائرة الضوء في السنوات الماضية، ليتبين اليوم أن مسرح التيار يتسع لأجياله الثلاثة و… لطبقاته الاجتماعية والاقتصادية الثلاث أيضاً: بورجوازية الداعوق، طلاب الطبقة الوسطى، وكنج الكادح.

عون: القانون الانتخابي أولاً

بعدهم، يأخذ رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون الكلام. يرفع المعنويات أولاً، مؤكداً بقاء التيار «الرقم الصعب» رغم «الحصار ومحاولات العزل وتشويه الصورة». ثم يرفع الصوت على صعيد قانون الانتخاب، معلناً باسم قوى المعارضة السابقة رفض قانون الستين. تمهيداً لدعوة حزبي القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية على نحو غير مباشر إلى تحمل مسؤولياتهما في العمل إلى جانب التيار والبطريركية المارونية لإقرار قانون يحترم التوازن الطائفي في المجلس النيابي، بدل التلطي بعبارات ملتبسة توحي بخوفهم من القول لتيار المستقبل: ارفع يدك عن مقاعد المسيحيين النيابية. في الملف الإقليمي، سيطعن بصدقية قوى 14 آذار التي تدعو إلى تحييد لبنان عن الصراع الإقليمي من جهة حدودية بحجة حمايته من الخضات الأمنية والعسكرية، وتصر على زج لبنان من بواباته الحدودية الأخرى في الأتون السوريّ عبر إدخال السلاح من لبنان إلى سوريا، ورعاية المقاتلين، وشن الحملات الإعلامية.

أكبر حشد منذ سبع سنوات

الأهم من المنصة، الجالسون أمامها. ويطاول الجديد العونيّ هنا ثلاثة مستويات:
شعبياً، تتوقع اللجنة المنظمة مشاهدة الحشد البرتقالي الأكبر منذ 7 أيار 2005. فبعد تقوقع التجمعات العونية الشعبية خلال هذه السنوات في قاعة قصر الرئيس إميل لحود للمؤتمرات في ضبية مرتين، وقاعة أحد فنادق الرابية مرات، ستكون ماكينة التيار التي استحدثت إثر الانتخابات البلدية الأخيرة عام 2010 أمام امتحانها الأول اليوم، فيثبت منسقو المناطق الجدد إن كانوا أفضل أم أسوأ ممن سبقهم. مع العلم أن فشلهم سيكون كارثياً في المرحلة الحالية لعدم وجود بديل غير مُجَرَّب.

إعادة الاعتبار إلى الناشط العوني

على صعيد الماكينة الانتخابية، لا دعوات خاصة لرؤساء المجالس البلدية من كل الأنحاء اللبنانية والمخاتير والموظفين في إدارات الدولة. الدعوة عامة للملتزمين في التيار الوطني الحر والمناصرين. أخيراً انتبهت قيادة التيار إلى تمثيل الناشطين العونيين ـــــ لا غيرهم ـــــ الأساس في ماكينة التيار، من دون أن يعني ذلك أن ثمة نية لتغيير استراتيجية الاهتمام بالمختار ورئيس البلدية وناطورة مفاتيح القرية. «المجموعتان مهمتان وتكمل إحداهما الأخرى» تقول الرابية. وتأمل قيادة التيار على هذا الصعيد أن «يمثل اليوم بداية شد العصب العوني، وإشعار الناشطين الذين تشتتوا أو خملوا بأن أبواب الحزب مشرعة أمامهم لتحمل مسؤولياتهم».

الأولوية في الترشح للعونيين

تسلسلياً يقود ما سبق إلى الاستنتاج أن الأولوية في هذه المرحلة عند الجنرال هي للتيار الوطني الحر لا لأصدقاء التيار، ممن أتعبوا عون وأرهقوه بكثرة طلباتهم وقلة إنتاجيتهم، مقارنةً بالعونيين. فقد أثبتت التجارب وآخرها في المجلس النيابي قبل أسبوعين أن النواب المنتسبين إلى التيار أفعل وأفضل بالدفاع عن التيار وحكومته من غالبية زملائهم في تكتل التغيير والإصلاح غير المنتسبين إلى الوطني الحر. ويكفي التنقل مناطقياً بين النواب العونيين في التكتل، من جزين زياد أسود إلى بعبدا آلان عون وحكمت ديب وناجي غاريوس ومتن إبراهيم كنعان ونبيل نقولا وجبيل سيمون أبي رميا، للتأكد من أن الأسماء العونية التي تنشط سياسياً وتشريعياً وإنمائياً هي التي باتت تمثل قيمة مضافة إلى لوائح التغيير والإصلاح، لا الأسماء الأخرى التي يكاد بعضها أن لا يهش أو ينش مهما بلغت حدة الخصوم في ضرب التيار. وبات واضحاً أن بإمكان التيار في الدوائر السابق ذكرها استبدال فلان بعلان في جزين أو بعبدا أو المتن من دون أن يؤثر ذلك سلباً على لوائحه. أما تغيير أسود أو ديب أو كنعان، فدونه حسابات انتخابية دقيقة ومزاج شعبي سرّ بالتعرف على هؤلاء.
وسينعكس ما سبق دون شك على الصفوف الأمامية في مهرجان اليوم. فإلى الجانب النواب الشباب الذين يمثلون جزين، بعبدا، المتن الشمالي وجبيل، يجلس النائب السابق سليم عون على كرسي زحلة الأول، مطمئناً إلى ثقة الجنرال به وإلى عدم وجود حرتقات داخلية أو منافسة على حقه بالترشح من عونيّ آخر. أما كرسي الكورة، فيتربع عليه جورج عطا الله مطمئن الأعصاب، بعدما أصدر الجنرال باكراً هذه المرة أمر ترشيحه. بعد ضياع عطا الله والتيار في الانتخابات السابقة بين ثلاثة مرشحين، انتهى اثنان منهم ـــــ بعد اكتشافهم اختيار الجنرال لغيرهما ـــــ بالعمل ضد التيار. ومن زحلة والكورة إلى ثالثة الدوائر الحامية: الأشرفية. هنا أيضاً ترك العماد عون الباب مفتوحاً في الانتخابات السابقة حتى اللحظات الأخيرة أمام صديق التيار المفترض ميشال تويني للانضمام إلى لائحة الإصلاح والتغيير، فما كان من الأخير إلا أن قدّم عائلته على أصدقائه فانسحب لمصلحة المرشحة نايلة تويني. أما اليوم، فتبدو اللائحة العونية شبه مكتملة في ظل عمل الوزير نقولا الصحناوي المرشح عن المقعد الكاثوليكي جنباً إلى جنب المرشح المفترض عن المقعد الأرثوذكسي زياد عبس، ريثما تحسم هوية المرشح الماروني (جورج شهوان أو مسعود الأشقر). وقد أسهم العماد عون في توضيح بعض نواياه غير المعلنة حتى الآن في هذه الدائرة خلال زيارته الأخيرة للمطران الياس عودة، عبر إشراك عبس في خلوته مع عودة، واستثنائه من الدعوة إلى الغداء غالبية المرشحين الآخرين، مكتفياً بعبس ونقولا تويني. وينضم وسط الجالسين في الصفوف العونية الأمامية اليوم إلى قائمة المرشحين العونيين الشباب، أرثوذكسي ثالث، هو المسؤول الإعلامي السابق في التيار أنطوان نصر الله، الذي شجعه عون أخيراً على النشاط أكثر في المتن الشمالي لاحتمال ترشيحه على أحد المقعدين الأرثوذكسيين هناك، من دون أن يعني ذلك أن حظوظ نصر الله بالترشح توازي حظوظ عطا الله المحسوم في الكورة، وعبس شبه المحسوم في الأشرفية.

والمناورة تنطلق من المسرح

هكذا ينتظر أن تبدو اليوم خريطة المرشحين العونيين في مختلف الدوائر واضحة: أسود في جزين، عون وديب وغاريوس في بعبدا، سيزار أبي خليل في عاليه، صحناوي وعبس في الأشرفية، كنعان ونقولا (وربما نصر الله) في المتن، أبي رميا في جبيل، الوزير جبران باسيل في البترون وعطا الله في الكورة. ليبدأ الجنرال المناورة لاختيار زملاء لهؤلاء من غير المنتسبين إلى التيار. ويمكن لمسرح Platea أن يمثل بداية اللعبة الانتخابية على هذا الصعيد أيضاً: المسرح يملكه رئيس بلدية جونية السابق جوان حبيش، وحبيش من الطامحين أيضاً إلى النيابة (بحكم التوزيع الجغرافي للمقاعد، يفترض حلوله محل النائب نعمة الله أبي نصر).

السابق
الاخبار: الدفاع: 10 نقاط تطيح شرعية المحكمة
التالي
النهار: مشروع لإنفاق 2012 أمام الوزراء الأربعاء؟ وجنبلاط يطلق المواجهة: النسبية بوحي سوري