هكذا قرأت زيارتَي رحيمي وفيلتمان

أنهى مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى جيفري فيلتمان زيارته للبنان، تاركاً أسئلة لدى فريق 8 آذار حول المهمة التي جاء لأجلها لم يعثر على أجوبة شافية عنها، وفي المقابل لم ير فريق 14 آذار في زيارة النائب الاول للرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي سوى تأكيد الدور الإيراني «الساعي الى جعل لبنان ساحة تابعة له يستغلّها عند الحاجة».
قال عضو كتلة تيار "المستقبل" النائب جمال الجرّاح لـ"الجمهورية" إنّ "زيارة رحيمي الى لبنان تحمل رسالة سياسية واضحة، وهي أن ايران موجودة من خلال "حزب الله" سياسياً وعسكرياً وأمنياً"، نافياً أن تكون لها "أبعاد اقتصادية خيّرة على لبنان واللبنانيين، خصوصاً في موضوع الكهرباء، لأن ايران تعاني عقوبات اقتصادية وهي تحت المجهر الدولي، ومن هنا ضرورة الانتباه الى نوع العلاقات التي تنسجها الحكومة اللبنانية بين ايران ولبنان، وتحديداً النظام المصرفي اللبناني، لأن أيّ خطأ يتعارض مع القوانين الدولية يعرّض لبنان لمخاطر ذات عواقب وخيمة".

واعتبر الجرّاح أن "وضع المنطقة إقليمياً ودولياً حسّاس جداً، ومن هنا ضرورة التنبّه الى مصلحة لبنان والتأكد من الدول التي تنوي مساعدته جدياً بعيداً من أسلوب الدعاية، فقدرات إيران على مساعدة لبنان محدودة، وهذه الزيارة ليست سوى دعاية للنظام الايراني"، مؤكداً أنّ "قوى 14 آذار ليست في حاجة الى أحد للبقاء على موقفها من النظام السوري، فموقفنا من نظام بشار الأسد الإرهابي مستمرّ انطلاقاً من قناعاتنا السياسية".

بدوره، نفى عضو كتلة "المستقبل" النائب محمد الحجّار عبر "الجمهورية" ان تكون هناك "بروتوكولات قد وقّعت بين الجانبين اللبناني والإيراني، وقد تبيّن أنه لا يوجد هناك من يستطيع تحمّل توقيع بروتوكولات كهذه، خصوصاً في ظل الظروف الحالية"، لافتاً الى انّ "الإيراني يحاول القول إنه قادر على توسيع نفوذه الاقتصادي وما شابه في ظلّ الحصار الدولي المفروض عليه. ولكن هناك أمر مهم جداً، وهو أن كل هذا الحراك الخارجي، الاميركي أو حتى الإيراني، في اتجاه لبنان، يدلّ على مدى اهمية هذا البلد".

ورأى ان "الاميركي يريد أن يؤكد وجوده على الساحة اللبنانية، وكذلك الامر بالنسبة الى الإيراني الذي يجِد في هذه الساحة مكاناً للدفاع عن حليفه، اي النظام السوري. وأصبح لدى الإيراني اليوم شِبه يقين بأنّ هذا النظام انتهى"، مشيراً الى "ان الإيراني يحاول إيهام الجميع بأنه حتى لو سقط النظام السوري فأنه يملك بديلاً منه في هذه المنطقة".

وقال: "إنّ تحذير رحيمي الدول الغربية من التعرّض للنظام السوري لا يُعدّ رسالة، لأنّ الرسالة تعبّر عن أمور مختزنة إنما دفاعهم عن هذا النظام يحصل في العلن وفي وضوح"، معتبراً أن "البديل من النظام السوري بالنسبة الى ايران هما لبنان والعراق. وذهاب رحيمي الى جنوب لبنان يعبّر عن مدى ارتياحه الى البيئة هناك، مع العلم ان أهل الجنوب هم لبنانيون قبل وبعد كل شيء، وهم يعانون مثلما يعاني كثير من ابناء الشعب اللبناني على حدّ سواء".

وختم حجّار أنّ "الإيرانيين يحاولون القول إنّ أرض الجنوب تابعة لهم، وإنهم ساعدوا "حزب الله" بنحو أو بآخر على تحريرها، ومن هذا المنطلق فهم يعتبرونها أرضهم ومقراً لهم لاستهداف إسرائيل في الوقت الذي يُحشرون فيه".

من جهته قال عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب جوزيف المعلوف لـ"الجمهورية" إنّ "أيّ شخص يريد مصلحة لبنان مرحّب به في أي وقت، لكن الزيارات التي يقوم بها المسؤولون الإيرانيون هي لتأكيد وجودهم على الساحة اللبنانية بطريقة غير مباشرة، ومن خلال حليفهم الاول "حزب الله"، مستغرباً "التوقيت التي يعتمده هؤلاء المسؤولون في زيارتهم الى لبنان، والذي يتزامن في الغالب مع زيارات الوفود الغربية. وهذا أمر يدعو الى التساؤل". ورأى انّ "توقيع البروتوكولات بين الجانبين اللبناني والإيراني امر طبيعي في ظلّ حكومة يتحكم "حزب الله" بكل مفاصلها، إضافة الى الاعمال التسويقية التي يقوم بها النظام الإيراني التي قد تعطي انطباعات معينة لجزء من الشعب اللبناني"، مؤكداً أن "زيارة رحيمي للحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مشابهة لزيارة الرئيس محمود احمدي نجاد لهذه الحدود، وهذا يدلّ على ان الساحة اللبنانية، وجنوب لبنان تحديدا، هما امتداد لهذا النظام ونقطة مهمة تطلّ على البحر المتوسط، وأيضاً هذا دليل إضافي على مدى الطموحات الإيرانية وطمعها في بلدنا".

واعتبر المعلوف أنّ "تحذير رحيمي لقوى الغرب في حال تعرّضت للنظام السوري يقع في خانة التحالف المعلن بين البلدين، وهذا الأمر لم يكن مفاجئاً لنا، بل كان منتظراً، وهذا التحذير كان بمثابة رسالة مزدوجة للغرب والعرب في آن معاً"، نافياً أن يكون مساعد فيلتمان قد تطرّق الى موضوع الانتخابات النيابية خلال لقاءاته مع قوى "14 آذار".
زيارة فيلتمان

ومثلما كان لزيارة رحيمي منتقدون، كذلك الامر بالنسبة الى زيارة فيلتمان، حيث رأى عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب نوّار الساحلي في حديث الى "الجمهورية" أن "من الخطأ المقارنة بين زيارة رحيمي وفيلتمان، فشهادتنا مجروحة تجاه هذه الزيارة، أمّا زيارة فيلتمان الى لبنان فلا يمكن أن تكون الّا في اطار التحريض ضدّ المقاومة، وهو أصلاً من دعاة التحريض والفتنة في لبنان، ويتميّز فيلتمان بصراحته المعهودة، فهو يجاهر دائماً أن مصلحة بلده هي من مصلحة اسرائيل منذ أن كان سفيراً في لبنان".

ولفت الساحلي إلى أنّ "فيلتمان لديه تاريخ أسود مع اللبنانيين، فهو ممثّل لدولة تدعم الكيان الصهيوني الذي قتل اللبنانيين"، مؤكداً أنّ "فيلتمان "أراد أن يشوّش على زيارة رحيمي الذي أتى في إطار زيارة رسمية للبنان واللبنانيين ممثلاً دولة كبيرة لتوقيع اتفاقات اقتصادية مع وزارة الطاقة، وقد وعد بمساعدة لبنان في موضوع الكهرباء. وهذا الأمر يصبّ في مصلحة جميع البنانيين من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب، وهو لم يكن فئوياً، ولم يحرّض، بل يَدعو دائماً الى الحوار، على عكس فيلتمان الذي اجتمع مع فريق 14 آذار وحرّضه على الاستمرار في الموقف العدائي للنظام السوري، على عكس نائب الرئيس الايراني فقد كانت زيارته منسّقة مسبقاً ومعدّة وسابقة لكلّ تلك الظروف، وتحمل أجندة خاصة بتوقيع معاهدات اقتصادية بين لبنان وايران، ولا علاقة لها بالتدخّل في قضية من هنا أو هناك".

السابق
سـمعة يعتـذر عـن أشـياء لـم يقلـها.. والحسم في المنارة اليوم
التالي
الجديد في قضية لطف الله ـ2… تمويه مالي وخلوي واستخباراتي