فنجانان في اليوم..وكفى!

تجمع بيننا مواعيد شبه "مقدّسة". قيل الكثير عنها، وتباينت نتائج البحوث التي تؤكد فوائدها من جهة، وتضيء على أضرارها من جهة أخرى. واليوم، أحدث الدراسات المتعلّقة بها، تمدنا بشيء من الأمل، لكنها تعود لتطرح حولها علامات استفهام مقلقة.
أخيراً، أظهرت دراسة نشرتها مجلة American Journal of Clinical Nutrition، أن القهوة (العادية والخالية من الكافيين)، ونظراً الى كونها تحتوي عناصر مضادة للأكسدة مثل حمض الكلوروجينيك والماغنيزيوم، تساعد في الاقلال من الإصابة بالسكتات الدماغية.
كذلك، أفاد باحثون من جامعة "طوكيو" في دراسة نشرتها مجلة Ophthalmology أن الكافيين يؤثر في زيادة إفراز الدمع، مما يخفض معدل الإصابة بجفاف العين كجزء علاجي للاصابة بمرض متلازمة العين الجافة. وأيضاً، وجد باحثون في "كليّة الصحة العامة" بجامعة "هارفرد" ومستشفى "بريغهام النسائي"، أن القهوة تشكل عاملاً مضاداً للإكتئاب.
حتى الآن إذاً، الأنباء سارة. ولكن في المقابل، ظهرت قبل أيام دراسة أجرتها وكالة المعايير الغذائيّة في بريطانيا (Food Standards Agency)، سلّطت خلالها الضوء على 13 منتجاً تحتوي على معدلات مرتفعة من مادة الـ"أكريلاميد" التي قد تؤدي إلى الإصابة بالسرطان، من بينها القهوة. وإذ يؤكد رئيس قسم الأمراض السرطانيّة والدم في مستشفى القديس جاورجيوس الدكتور باسم قبرصي أن تلك المادة قد تسبّب السرطان، وأنها تتكوّن عند طهو بعض المأكولات، "سواء عبر القلي أو الشيّ أو الخبز، على حرارة مرتفعة تتخطى الـ 120 درجة مئوية، نتيجة التفاعل ما بين المكوّنات الطبيعيّة لتلك المأكولات"… يعود ويلفت الى ضرورة أن تكون الدراسات أكثر شموليّة ودقة، "فالقهوة لا تسبّب السرطان لكنها لا تخفف من نسبة الاصابة به". من جهة أخرى، يضيء الاختصاصي في أمراض القلب الدكتور بول دليفريان على دور الكافيين "في زيادة ضربات القلب ورفع النبض وضغط الدم".
كذلك، يشير الاختصاصي في الدماغ والجهاز العصبي في مستشفى "أوتيل ديو" البروفسور سلام كوسا، إلى أن الكافيين يزيد من منسوب الإصابة بنوبات الكهرباء في الدماغ الناتجة أحياناً من التوتر واضطرابات النوم التي تخلّفها القهوة، وهذا مختلف تماماً عما يعرف بالسكتات الدماغية، "علماً أنه يولّد قلقاً ويسبب أوجاعاً في الرأس، سواء أفرط الشخص في تناول القهوة أو أقلع فجأة عنها، مما يسبّب انخفاضاً في منسوب الكافيين في الجسم".
ختاماً، كلنا يدرك أن دراسة واحدة – مهما بلغت دقتها – لا تكفي لدفع الأطباء إلى إسداء النصح بتناول القهوة بكثرة أو الإنقطاع التام عنها. ولأن خير الأمور أوسطها، يبقى الحل الأمثل في الإلتزام – قدر الإمكان – بنصيحة الدكتور دليفريان الذي يوصي باحتساء فنجانين فقط في اليوم.

السابق
الانتخابات في ياطر: التزكية أو سيناريو 2010
التالي
وطن بلا سيادة