عصفت الطائفية.. فدمرت السلة اللبنانية بعقوبات انتقائية!!!

وصلت حدّة الخطاب، الى ظاهرة غير مسبوقة كدنا ننساها بعد ان انتشرت بقوة بعد اغتيال الشهيد رفيق الحريري، إذ اعتبر النادي الرياضي القرار الإتّحادي استهدافاً له، فسُرعان ما تحوّل الأمر إلى كباش سياسيّ وطائفيّ على غرار كلّ المواضيع الشائكة في البلاد استُحضرت خلاله كلّ الشعارات التي اعتادت آذان اللبنانيّين سماعها منذ عقود من الزمن، ومنها تهديد السلم الأهلي وما شابه، وهذا ما يُنبِئ بالأسوأ في ظلّ تمترس كلّ طرف خلف مرجعيته السياسيّة، خصوصاً أنّ المعركة لا تخرج عن الإطار الكبير، وهو التسييس الدائم في شتّى المجالات، فكيف إذا كانت اللعبة تشهد زخماً جماهيريّاً بسبب قوّة التنافس؟ والجمهور اللبناني العاطفي بطبعه، ليس بحاجة إلى من يُلهب مشاعره.

وكان الاتّحاد دعى لاجتماع بالامس، لمواكبة تداعيات الأزمة، وبحث ما جرى بعد نهاية المباراة الرابعة في زحلة، والتي فاز بها أنيبال (88-76) مُدركاً التعادل 2-2 في السلسلة، خصوصاً لناحية ما حُكي عن تهجّم النجم المصري على عضوَي الإتّحاد فادي تابت ومارون جبرايل، والتعدّيات التي ارتكبها جمهور أنيبال. وتقرّر، بناء عليه، إيقاف اسماعيل أحمد عن المباراة الحاسمة، ومنع جمهور الرياضي بالكامل من الحضور، لكنّ قراراته أشعلت شرارة أزمة كانت نائمة منذ فترة طويلة. إذ رأت إدارة الرياضي في قرارات الإتّحاد انحيازاً واضحاً للفريق الزحلاوي، سائلة عن أسباب عدم إتّخاذ عقوبات مشابهة بحقّ الأخير، خصوصاً أنّ جمهوره اعتدى على الجهاز الفنّي للفريق البيروتي بعد المباراة، واكتفى بتغريمه 5 ملايين ليرة فقط، وجاء في بيان اللجنة الادارية للاتّحاد اللبناني لكرة السلة في جلستها الاستثنائية الثانية التي عقدت في مقرّ انطوان شويري مساء امس برئاسة رئيس الاتّحاد جورج بركات المقرّرات التالية:

 _ توقيف لاعب النادي الرياضي اسماعيل احمد مباراة واحدة سنداً لأحكام المادة 153 من النظام العام لما بدر منه من كلام فيه شتمٌ وتشهير وتهديد بحقّ اللعبة والاتّحاد وأعضاء الاتّحاد خلال المباراة الرابعة ضمن سلسلة نصف النهائي.

_ نقل مباراة النادي الرياضي بيروت ونادي انيبال زحلة التي كانت مقرّرة الخميس 3 أيّار الى يوم الجمعة 4 أيّار الساعة 17:45 على ملعب نادي الانترانيك (سنتر دميرجيان- النقاش) وذلك بسبب استحالة إجرائها في الموعد المحدّد أي الخميس 3 أيّار 2012.

_ نؤكّد للناديين الكريمين بأنّ المباراة بدون جمهور للفريقين مع تحديد عدد الإداريين لكلّ فريق بـ 7 ومقاعدهم على المنصّة، علماً أنّ عدد الجهاز الفنّي واللاعبين 19 شخصاً.

_ تطلب اللجنة الإدارية من الناديين الكريمين الالتزام بمضمون هذه القرارات حفاظاً على اللعبة وتطبيقاً للنظام العام.

في ذلك الوقت، كانت حالة الغليان تسود في المنارة مع دعوة إدارة النادي جمهور الفريق للقدوم إلى الملعب بشكل طبيعيّ، وتقاطر نوّاب وشخصيّات سياسية محسوبة على تيار المستقبل، وفي طليعتهم النائبان عمّار حوري ومحمد قبّاني. وتجدر الإشارة إلى أنّ الأعضاء الخمسة المستقيلين هم: جودت شاكر، نزار الرواس، نادر بسمة، هادي غمراوي وياسر الحاج. ودعت رابطة جمهور النادي الرياضي، جميع مشجّعيها ومناصريها الى التجمّع اليوم عند الساعة الرابعة امام مقرّ النادي في المنارة، وذلك للانطلاق في مسيرة سيارة الى مقرّ الاتّحاد اللبناني للّعبة في جل الديب، حيث سيقام اعتصام سلميّ امام المقر استنكاراً لما حصل من ظلم بحقّ النادي.

وفيما كان من سابع المستحيلات أن تقام المباراة في موعدها أمس في المنارة، خصوصاً مع الوجود الجماهيري الكبير، قرّر الإتّحاد في جلسة ثانية عقدها مساءً تأجيل المباراة إلى اليوم الساعة السادسة مساءً، لكنّه اتّخذ قراراً قد يجعل الأزمة تتفاقم إذا نُقِل اللقاء إلى أرض محايدة أي إلى سنتر دميرجيان. وعلّق مدير النادي الرياضي جودت شاكر على الأمر قائلاً: "لا نعترف بأيّ قرار يصدر عن هذا الإتّحاد، لأنّه فاقد للشرعية، وأصبح بلون واحد بعد استقالة الأعضاء المُسلمين.

أمّا موقف الإتّحاد، فعبّر عنه أمين الصندوق فيكين جيرجيان، إذ اعتبر أنّ "إقامة المباراة على أرض محايدة هي عين الصواب، لتبقى الكفّة متساوية، لأنّنا نعمل لمصلحة اللعبة وليس لنادٍ أو لآخر".

وأكّد جيرجيان أنّ "المباراة ستُقام في موعدها، ولا تراجع عن القرارات التي اتّخذها الإتّحاد مهما كلّف الأمر". ومع أنّ كرة السلة كانت جامعة للّبنانيّين في محطات عدّة وبارزة من خلال إنجازات المنتخب الوطني والأندية على حدّ سواء، فإنّ الوضع الذي انزلق اليه يضعها أمام مفترق طرق صعب ودقيق، خصوصاً أنّ إنسحاب ناد مثل الرياضي يمثّل ثقلاً وإرثاً كبيرين إنْ حصل، قد تكون إرتداداته قاسية على اللعبة التي لم تعد تحتمل مزيداً من الإندثار. وأصبحت بالتالي بحاجة ماسّة لتغيير العقلية الحاليّة إذا أرادت ان تواصل طريقها الناجحة التي رسمتها منذ 12 عاماً وأكثر.

خلاف رياضي بسيط قد يحثث في اي دولة ومع اي فريق في العالم، فيقطع بسلاسة ويعالج بموضوعية وبروح رياضية، إلا في لبنان فهو يسييس وتهب فيه بثوان العاصفة الطائفية لتدمر السلة اللبنانية وتعيد الحقد والانقسام الى نفوس الجماهير التي طال انتظارها لتعود جمهورا بعيدا عن متاريس العبارات الطائفية والشعارات السياسية.
نهاية على متوقعة للدوري اللبناني بقرارات انتقائية قريبة الى التطرف وبعيدة عن الموضوعية من جهة فقدت شرعيتها. على أمل ان تقطع مباراة اليوم بسلام.

السابق
فيلتمان لـ14 آذار: انتهى اتفاق الـ س ــ س وبدأ صراع أ ــ إ ..
التالي
زيارات خاصة