الحريري مُضطرّ إلى العودة قبل الإنتخابات!

ربّما لا يعود الحريري إلى بيروت قريباً، في انتظار الظروف. لكنّه بادر إلى الهجوم، كـ«وسيلة فُضلى للدفاع». لقد بدأ تنفيذ خطّة لمواجهة إضعافه سنّياً، قبل عام من الانتخابات.
ثمّة سؤال مطروح في بعض الأوساط: هل إنّ غياب الرئيس سعد الحريري عن لبنان يعود فقط إلى وجود نيّة فعليّة لاستهدافه أمنيّاً، أم إنّ هناك مخطّطاً خفيّاً عنوانه التخويف الأمني، فقط لإبقائه بعيداً عن الساحة اللبنانية وإضعافه سياسيّاً؟

إذا كان الجواب هو الاحتمال الثاني، فإنّه يستبطن الكثير من الخبث السياسي من لاعبين بارزين دوليّاً وإقليميّاً. وهو في أيّ حال يستتبع سؤالاً آخر: مَن هو مصدر التخويف، وما هي الأهداف السياسية التي يُراد تحقيقها في غياب الحريري؟

الرئيس الحريري نفسه يدرك أنّ هناك مَن يريد الإفادة من غيابه عن لبنان لإضعاف "تيّار المستقبل"، ولقطف ثمار هذا الغياب في الانتخابات النيابية المقبلة. ولذلك، لم يكن يناور في كلّ مرّة يعلن فيها أنّه سيعود قريباً إلى بيروت، كما في شباط وآذار الماضيين. وخلافاً لما يروّجه الخصوم، هو لم يعتمد أسلوب الوعود لإبقاء الحالة السنّية في حال انتظار للعودة، فلا تذهب إلى مكان آخر. وفي بساطة، يقول المتابعون، كان الحريري على وشك العودة مراراً، لكنّه كان يتلقّى النصائح بتأجيلها. "فالظروف لم تنضج بعد".
"كلمة سرّ" تُبعد الحريري وتُبقي ميقاتي؟

ولكن، يَرْشَح من بعض الأوساط الديبلوماسية أنّ "كلمة السرّ" التي جاءت بميقاتي إلى رئاسة الحكومة في الظرف الراهن، هي عينها التي "تنصح" الحريري بالابتعاد دائماً. ووفقاً لهذه الأوساط، هناك رغبة في أوساط دوليّة وإقليمية لتمرير مرحلة انتقالية في لبنان، ويُراد من خلالها الحفاظ على الحدّ الأدنى من التشنّج على الساحة الداخلية في انتظار جلاء الصورة الإقليمية، وتحديداً حسم الملف السوري.

وهذه الأوساط ليست معادية لفريق 14 آذار و"تيار المستقبل"، لكنّها تعتقد أنّ ابتعاد هذا الفريق عن السلطة لمرحلة انتقالية لا يكلّفه شيئاً، ولكنّه يكفل تمرير المرحلة بالحدّ الأدنى من التشنّج، بما يمنع اندلاع صراع مذهبيّ قد تنتقل شرارته من سوريا. وهذا هو التحذير الذي أطلقه الموفد الأميركي جيفري فيلمان أخيراً. وربّما كان إبقاء لعبة السلطة في الأيدي "الوسطيّة"، أي الثنائي سليمان – ميقاتي ومعهما النائب وليد جنبلاط، يتيح سياسة لبنانيّة أكثر حيادية، ما دام هناك التزام بالثوابت الأساسية، أي القرارات الدولية وفي مقدّمها القرار 1701 والمحكمة.

ووفقاً للأوساط عينها، يبدو مبرَّراً الدعم المشروط و"المضبوط" الذي تلقّته حكومة ميقاتي منذ تأليفها، من جانب قوى دوليّة وعربية لها رصيدها اللبناني. كما يبدو منطقيّاً أن يشارك في هذه الحكومة وزراء معروفون بمصالحهم وعلاقاتهم الوطيدة ببعض الدول العربية النافذة. وهذه المقولة تفترض أنّ الحريري باقٍ في الخارج إلى أن تنضج الظروف السياسية لا الأمنية للعودة.

لكنّ رئيس "المستقبل" قرّر التحرّك لمواجهة إضعافه سنّياً ولبنانيّاً. وهذا التحرّك يواكب التحضير لانتخابات حسّاسة، بل مصيريّة. وكلمته المتوقّع أن يطلّ بها عبر الشاشة، الأحد المقبل، لن تكون في مستوى عاديّ من حيث النبرة والوضوح. هو يريدها فاتحة لمعركة. والمهرجان الذي يستعدّ "تيار المستقبل" لإقامته، على مقربة من ضريح الرئيس رفيق الحريري، سيكون عنواناً لتفعيل "الحالة الحريرية" التي تلقّت انعكاسات غياب الحريري منذ ما يقارب العام.

وفي معزل عن الدوافع والخلفيّات التي تكمن وراء غياب الحريري، فإنّه سيعود قبل الانتخابات. هذا ما يؤكّده المتابعون. وسيكون التمهيد لذلك بسلسلة التحرّكات الشعبية التي ينوي "تيار المستقبل" تنفيذها، بالتوازي مع تنسيق سياسيّ أوسع مع الحلفاء ترجمته زيارتا الرئيس فؤاد السنيورة للرئيس أمين الجميّل والدكتور سمير جعجع. ويؤكّد "المستقبليّون" أنّ خطة المواجهة الشعبية ليست بديلاً من عودة الحريري، بل هي تمهيد لها، وأنّ العودة لا بدّ منها، وهي ليست خياراً، ويجب أن تتمّ قبل الانتخابات… إذا كانت هناك انتخابات!

السابق
مناظرة هولاند_ساركوزي وضعت هذا الاخير بوضع صعب!!
التالي
فيلتمان لـ14 آذار: انتهى اتفاق الـ س ــ س وبدأ صراع أ ــ إ ..