إيخهورست: 30 مليون لحكومة ميقاتي

30 مليون يورو خصصها الاتحاد الاوروبي للبنان على ان تربط لاحقا بمشاريع اصلاحية سياسية. هي «زبدة» زيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى بروكسيل والتي تصفها رئيسة بعثة الإتحاد الأوروبي في لبنان أنجيلينا إيخهورست بـ«الناجحة»، في مقابل «وعود إصلاحية» كثيرة قدمها ميقاتي الى محاوريه الأوروبيين وهم «الرؤساء الثلاثة»: رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز ورئيس مجلس الوزراء الأوروبي رئيس الحكومة البلجيكي السابق هيرمان فان رومبوي، ورئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو.
الزيارة «سياسية بامتياز» بحسب وصف إيخهورست وهي جاءت «في توقيت صودف فيه وجود الرؤساء الأوروبيين الثلاثة في بروكسيل وهو أمر لا يتكرر دوما»، كذلك جاءت الزيارة تلبية «لرغبة ميقاتي الذي عبّر منذ اليوم الأول لتوليه رئاسة الحكومة عن رغبته بزيارة الإتحاد الأوروبي».

ركّز الأوروبيون في حوارهم مع رئيس الحكومة اللبنانية على ثلاث أولويات تهمهم في لبنان: الاستقرار، الأمن والإصلاحات، وسمعوا من ميقاتي شرحا مفصلا عن «الصعوبات» التي يواجهها من أجل الحفاظ على التوازن بين هذه الأولويات. تقول إيخهورست: «نتفهم نحن الأوروبيون صعوبة إرساء هذا التوازن بين الاستقرار الاقتصادي والأمني وبين الإصلاحات وهي مواضيع مطروحة يوميا في بلداننا الأوروبية وتستدعي منا احيانا اتخاذ قرارات صعبة في مواضيع حساسة، ما حدا بالرئيس باروسو الى التحدث للرئيس ميقاتي عن معادلة هامة أسماها «الاستقرار المستدام»، ولاقاه الرئيس ميقاتي مفندا كيفية الحفاظ على استقرار طويل الأمد في ظل حوادث المنطقة برمتها وليس في سوريا فحسب».

يركز الأوروبيون على الإصلاحات الاقتصادية، «الإتحاد الأوروبي شريك إقتصادي قوي للبنان، وتنعقد حاليا اللجان الفرعية المتعلقة بالاقتصاد لمعالجة تفاصيل العلاقات لتطويرها. بعد محادثات بلجيكا، يتبين وجود قوانين ينبغي أن يقرها البرلمان اللبناني ومنها ما يسهّل دخول لبنان في منظمة التجارة العالمية، وليس من تفسير منطقي لغاية اليوم عن سبب عدم وجود لبنان كعضو في منظمة التجارة العالمية، وهذا ما يفقده الكثير من الامتيازات والفرص، فـ75 في المئة من الاقتصاد اللبناني يرتكز الى الخدمات التي توفر بدورها العمل والنمو إذا تمت إدارتها بشكل جيد والأمر غير متاح إذا بقي لبنان خارج منظمة التجارة العالمية».

وتشير إيخهورست بتفاؤل الى «الخطة الاقتصادية الاجتماعية الإصلاحية التي فنّدها ميقاتي لمحاوريه الأوروبيين وهي مؤلفة من 76 نقطة ستناقش في مجلس الوزراء اللبناني، وبعدها سيتم بحسب شرح رئيس الحكومة اللبنانية نقاشها على صعيد المجتمع المدني اللبناني. كذلك اسهب ميقاتي في الحديث عن أهمية البيئة والبنى التحتية والكهرباء والمياه والتكنولوجيا والتربية».
وعمّا إذا قدّم ميقاتي لمحاوريه الأوروبيين مشاريع عملية، قالت إيخهورست:«منذ العام 2005 يتعاون الاتحاد الأوروبي بشكل وثيق مع لبنان، لكن الحقيقة أنه توجد بعض المشاريع والقوانين التي تتأخر في البرلمان اللبناني، وبعد إقرارها يمكننا فتح أبواب كثيرة أمام لبنان».
هذه النقاط التي أثارها ميقاتي سوف تبحث في إطار خطة عمل جديدة تشمل 15 أولوية جديدة مختلفة عن تلك القائمة بين الاتحاد الأوروبي ولبنان والسارية منذ العام 2007. «هذا الأمر جيد في توقيته ويعطي قوة دفع للبنان في وقت يدرك رئيس الحكومة اللبنانية كيفية التصرف ولديه «أجندة» بالأعمال التي سيقوم بها، ونحن يمكننا تزويده بالأدوات اللازمة للنجاح وأيضا بالخبرات الضرورية».

نجح ميقاتي بالظفر بتوقيع التزام جديد بين لبنان والاتحاد الأوروبي نال بموجبه لبنان دعما فوريا بقيمة 30 مليون يورو «انطلاقا من رسالة بروكسيل الواضحة من أن العام 2012 مفصلي بالنسبة الى لبنان» بحسب تعبير إيخهورست. علما أن هذا المبلغ هو جزء من خطة وضعها الاتحاد الأوروبي بعد قيام ما يسمّى «الربيع العربي» تقضي بزيادة المبالغ للدول التي ترسم سياسات تعلي فيها شأن الديموقراطية وحقوق الإنسان.
وعن «الإنجاز» الديموقراطي والإصلاحي الذي استحقت على أساسه حكومة ميقاتي هذا الدعم الأوروبي، تجيب إيخهورست:«لبنان ذو تقليد ديموقراطي معروف ومتقدم للدول المحيطة ويتميز بحرية التعبير والنقاش السياسي، فضلا عن الانتخابات الدورية بمواعيدها، بالإضافة الى ذلك فإن حكومة ميقاتي نجحت في الحفاظ على استقرار لبنان وأمنه وسط كل ما يحوطه في المنطقة، وهي على الأقل حاولت أن تتقدم وقد اتخذت قرارات هامة لا ينبغي تجاهلها، فهي تعمل على قانون للانتخابات وتطمح بحسب ما وعد ميقاتي المغتربين اللبنانيين في حفل نظم في السفارة اللبنانية بتنظيم اقتراع غير المقيمين وهي خطوة ممتازة».

وتلفت إيخهورست الانتباه الى أن النقطتين الأهم في قانون الانتخاب المقبل هما «وضع كوتا نسائية وإقرار البطاقة الانتخابية». وعن جواب ميقاتي حول هذا الموضوع قالت أنه قال «بأن هذه الامور تبحث في مجلس الوزراء وسؤالي كيف يمكن إقرار الكوتا النسائية في مجلس وزراء يضمّ 30 رجلا؟». وأضافت «أنا واثقة أن عددا كبيرا من الوزراء يؤيد مشروع الكوتا النسائية بحسب ما قالوا لي. لقد بحثت هذا الموضوع مع كل الوزراء الذين قابلتهم». ولفتت النظر الى أن مبلغ الـ30 مليون يورو «مخصص للصرف على مشاريع وقوانين تتعلق بالعدالة الإجتماعية وإعلاء الديموقراطية وحقوق الإنسان، وهو مخصص للشق السياسي وليس الاقتصادي».
بالنسبة الى الملف السوري، سمع ميقاتي كلاما متفائلا بخطة كوفي أنان، «نحن ندعم بقوة خطة كوفي أنان ولديها حظوظ بالنجاح لكن لا يمكن تنفيذها في يومين اثنين لأنها تتطلب وقتا. ثمة مؤشرات تقلقنا عبرت عنها الممثلة العليا للسياسة الخارجية السيدة كاترين آشتون ومنها إزدياد عدد المعتقلين في حين أن أحد بنود الخطة ينص على إنقاص عدد المساجين، وهي أدانت ذلك، فضلا عن ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية والصحافيين لذا اقول أنه يجب الضغط على النظام وعلى جميع الأفرقاء المعنيين من أجل تثبيت وقف إطلاق النار».

يحاور الأوروبيون ميقاتي في ملفات عدة مرتبطة بلبنان منها العقوبات ضد سوريا وإيران وقد طلب الاتحاد الأوروبي تطبيقها وقد أكد ميقاتي لمحاوريه «أن لبنان يطبقها بشكل تام». وتطرق الحديث الى ملف اللاجئين السوريين «والأولوية بالنسبة إلينا تكمن في مساعدة العائلات التي تستقبل النازحين وتوسيع صلاحيات الهيئات الحكومية في هذا الإطار».
ونفت إيخهورست وجود نوايا أوروبية لإقامة مخيمات للنازحين في لبنان قائلة إنها «ليست مطروحة». مشددة على مساعدة النازحين «في المناطق اللبنانية كلها في الشمال والبقاع وبيروت ايضا».
وعن إمكان دخول سوريا في حرب استنزاف، نفت إيخهورست الأمر قائلة: «نحن نتحدث اليوم عن حمام دم وليس عن حرب أهلية، لأنه في الحرب الأهلية يكون توازن بين الفريقين وليست هي الحال في سوريا، اليوم توجد تفجيرات وعنف ونحن نريد أن نتجنب الدخول في أي حرب استنزاف من هنا أهمية وجود المراقبين وإنجاح عملهم كما خطة أنان برمّتها».
وعن وجود شعور لدى البعض في لبنان من تراجع حدة الموقف الأوروبي حيال النظام السوري، أجابت ايخهورست:« ليس هذا الشعور صحيحا، فأنا شعرت بالحدّة الكبيرة التي عبر عنها في بروكسيل في هذا الموضوع، وكان واضحا على الدوام أنه لا تراجع أوروبي في ما يخص الموقف من الرئيس بشار الأسد، لكن الأولوية اليوم لتطبيق خطة أنان».

السابق
طة 14 آذار للمرحلة المقبلة
التالي
وأيضا جدران بيروت طائفية