المؤامرة الكونية على سورية

شهدنا خلال الأيام الأخيرة الترجمة الحقيقية للمؤامرة الكونية على سورية، وانكشاف زيف الإعلام "العرعوري"، والذي ما زال يتمادى في تعمية الواقع الميداني وخلق الشائعات والأكاذيب وفبركة الأفلام، لكن وفي وتيرة متسارعة، وبالتماهي مع الجولات المكوكية التي يقوم بها أمير قطر على أصقاع العالم، لتنفيذ ما وعد به "المستعرضين" بتسليحهم بعد أن أصابتهم "الزهايمر"، نتيجة صمود سورية وتلقيهم الضربة تلو الأخرى.

وتأتي هذه الجولة، كحلقة من حلقات مسلسل أميركي طويل، أبطاله أتراك، مخرجه صهيوني، مدبلج بالعربية، فنرى أنه مع كل حسم يقوده الرئيس الأسد لحلقة ما، يقومون بالانقضاض عليه من جهة أخرى، بدءاً من مهمة المراقبين العرب وما نتج عن تقريرها الموضوعي إلى حدّ ما وإدانته للمسلحين وتبرئة الجيش النظامي من أية تهمة من التهم التي تفبرَك إعلامياً، ما جعل الأعراب يلتفون على الفريق مصطفى الدابي وإلغاء مهمة فريقه والذهاب الى الأمم المتحدة لتدويل الأزمة.

في الموازاة، كانت الدولة السورية تجري الحوار كمدخل أساس لحلّ الأزمة من جهة، ومن جهة أخرى تؤكد الإصرار على الاستمرار في مسيرة الإصلاح التي كللها إقرار الدستور الجديد للبلاد وتأييده من قبل الأكثرية المطلقة من السوريين، في عملية ديمقراطية لا تشهدها الكثير من الدول العربية، التي لا تعرف أنظمتها حتى ما هو معنى الدستور، وإن وجد شيء يشبهه فلا تكون الغاية منه إلا تمجيد السلطان والأمير والملك.

وفي ظلّ صيام أبدي عن الممارسة الديمقراطية، فلا انتخابات ولا تداول للسلطة ولا حتى حرية رأي وتعبير، والمثال الأبرز على كلّ ذلك كيف اجتمع جميع الخلجان لضرب الشعب البحريني الأعزل لمجرّد مطالبته بإجراء بعض التعديلات الدستورية وإعطاء المواطنين جزءاً من حقوقهم.

وفي الجهة المقابلة، لا نرى توحيداً عملياً لدى المعارضات لبرنامج وطني جامع تكون من خلاله المراقب الجدّي للسلطة، في سبيل إسقاطها ديمقراطياً في انتخابات حرة ونزيهة، بل على عكس كلّ ذلك نرى انقلابات داخل المجلس الواحد ولسخرية القدر من أولئك ولبئس أفكارهم الفارغة والتافهة، حتى شاهدنا كيف أن المعارض المنشق ورفاقه عن المعارضين وهو يتلو البيان خاتماً بالقول: "عاشت سورية الأسد"، فهنيئاً لك سورية كيف سكنت قلوب معارضيك بأسد ظفر الحياة من أجل تمجيدك.

كل هذا ترافق مع حسم ميداني على الأرض، حيث تمكن الجيش السوري من السيطرة على معظم البؤر المتعلة للتوتر، فيما كان الأعراب والأتراك يهرّبون المال والمسلحين والسلاح إلى الداخل السوري، حتى يمكنوا المجموعات المسلحة من ارتكاب المزيد من أعمال الإرهاب.

وفي هذا السياق أفادت مصادر أمنية للـ "بناء" أنّ الجيش السوري اتبع في الآونة الأخيرة سياسة الأرض المحروقة، وبحسب المصادر فإنّ هذه السياسة هدفها تطهير البلاد منطقة تلو أخرى، وإذا كان صحيحاً أن الحسم يأخذ بعض الوقت، فإنّ الصحيح ايضاً هو أنّ سورية بلد كبير ولها حدود برية وبحرية كبيرة مع أربع دول، الأمر الذي يسهّل ربما تسلل الإرهابيين وتهريب السلاح، في ظل انشغال الجيش بأكثر من جبهة، ولذلك قام الجيش بتركيز جهوده بالتتابع بين المناطق وجرى تنظيف معظم المحافظات، لتنحسر في أربعة منها، بعضها الى نسبة 50 % وأخرى 35 %، ما يجعل الأمور في خواتيمها.

وعود على بدء، فمن المؤكد أن أصحاب المشروع التآمري أصابتهم حالة هستيرية أفقدتهم الصواب وأدخلتهم في حلقة الجنون النهائية، التي تطلق فيها الطلقتين الأخيرتين، كما يفعل المحارب، فالأولى لمحاولة الإنقاذ والثانية إذا تعثر الأمر للانتحار الذاتي.

وهنا يشير المصدر الأمني إلى اتباع الإرهابيين استراتيجية الانتقام، عبر تكثيف عمليات التفجير الإرهابية لتطال المواطنين ولتزرع الرعب لدى الكثيرين بأن النظام غير قادر على حمايتهم، وفي الوقت نفسه ازدادت وتيرة تسليح المجموعات الإرهابية، ووصلت إلى استخدام أساليب استفزازية ووقحة لا تتورّع عن انتهاك السيادتين اللبنانية والسورية.

ويتهم المصدر الأمني دولاً أجنبية وعربية ومعهم قوات "اليونيفيل" بالتواطؤ في عملية تهريب السلاح إلى سورية من خلال السفينة المسلحة التي كشف أمرها الجيش اللبناني بعد أن دخلت المياه الاقليمية اللبنانية عبر بوابة القبعات الزرق.

وعمّا قاله نائب رئيس بعثة قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) ميلوش شتروغر بأن لا صلاحيات لبحرية اليونيفيل بتفتيش السفن، وصف المصدر هذا الكلام بالكاذب ووضعه في إطار محاولة التعمية على الحقائق، لأنه وبحسب نصّ القرار 1701 فإن عمل قوات البحرية التابعة لليونيفيل يقوم على فرض حصار الشاطئ اللبناني لمنع دخول السلاح، ولو على سبيل ما ادعاه شتروغر أن مهمة اليونيفيل تقتصر على التنسيق مع الجيش اللبناني وإخباره عن السفن المشتبه بأمرها، فلماذا لم يخبر الجيش عن السفينة لطف الله 2؟

أما واقعاً، فماذا جرى بعد أن باءت كلّ محاولاتهم بالفشل؟ سورية سائرة بخطوات هادئة نحو انتخابات برلمانية في 7 أيار الجاري، تعيد إنتاج سلطة وطنية تمثل مختلف شرائح المجتمع وتكون متناسقة الأهداف، وذلك تحت مرأى ومسمع المراقبين الدوليين الذين سيضفون على العملية الانتخابية نوعاً من الاعتراف العالمي بصحة وقائعها ونتائجها.

وفي هذه الحالة يكون المقامرون قد استنفدوا طلقة الإنقاذ، ولم يتبق لديهم سوى رصاصة الرحمة، التي وبسبب كثرة الأيدي التي تعبث بها، فلن يطلقها عليهم سوى الرئيس الاستثنائي بشار الأسد، الذي حارب باسم المقاومة، ومعه حلفاؤه في لبنان وإيران والعراق وروسيا والصين وغيرها من دول العالم، بشكل يثبت الحلف الذي يمثل رأس حربة في مواجه العدو "الإسرائيلي"، ويقول للجميع: GAME OVER، الأمر لي، ونحن أمة لا ترضى القبر مكاناً لها تحت الشمس.

السابق
أنقذوا لبنان أيضاً
التالي
لتشجيعنا ام لضحك علينا ؟!