لبنان يغرق يا عرب

ذهبت مقولة لبنان «جنة الله على الأرض» فلا جنة تذكر فيه ولا أرض صالحة للعيش فعدم استعداد اللبنانيين لترتيب بيتهم الداخلي أخرج خلافاتهم الى العلن ولكن في هذه المرة تختلف عن سابقاتها. عدت الى لبنان بعد طول انتظار لأجد معارضة الأمس موالاة اليوم، لأجد من قال عندما أصل الى سدة الحكم سأعمل، كانت النتيجة سواء، موالاة هي معارضة والمعارضة هي موالاة.
والمتفق عليه ان البلد مع الاثنين بلا كهرباء وبلا ماء وسعر صفيحة البنزين الأغلى في العالم، اسعار المطاعم الأغلى في العالم، أسعار الشقق الأغلى في العالم، لا رقابة في هذا البلد لأن المراقب والرقيب واحد، لا قانون لأن المحاسب والحسيب واحد، لا ضوابط لأن المحسوبيات سيد الموقف، بلد تتوقف أعماله على شخص، كتل تعارض اليوم لتصوت غدا.

ان التعقيدات الشخصية الوطنية للشعب اللبناني الذي يتحلى من جهة بالشجاعة والديناميكية، فيما يظهر من جهة أخرى رضوخا ويرضى بواقعه.

يتمسكون بولائهم لزعماء سياسيين ودينيين فشلوا في قيادتهم في الاتجاه الصحيح، ممن يعيشون خارج الواقع في ظل نظام سياسي بال، ما يقوقعهم ويحولهم مجرد ظل ينتظرون الفرصة ليقابلوا فلانا او فلانا، انتهت مقولة «لبنان الأخضر والأزرق» لأن شعبه بدأ يئن، والمفارقة ليس بسامع، مسكين هذا الشعب الذي عانى ويعاني، ولذلك قلنا: قتل لبنان عندما قتلوا رفيق الحريري.

فالوزير الفلان يقول ان أسباب ارتفاع سعر صفيحة البنزين ارتفاعا جنونيا مرتبط بأسعار النفط العالمي في حين ان مجالسة الخبراء في النفط يقولون كلاما مغايرا والمحصلة ان هنالك شخصين يستوردان النفط في لبنان.

تصوروا ذلك، ملف الكهرباء في لبنان كاد يطيح بالحكومة لتستقر الآراء بأن لبنان سينور في القرن المقبل، مسكين هذا الشعب الذي دفع ويدفع ضريبة باهظة، الحق يقال: لقد عانى اللبنانيون كثيرا بسبب الاحتلالات الأجنبية والنزاعات الداخلية والخارجية المتتالية، عانى الصراعات وخلافات الغير على أرضه، عانى من شد الحبال الإقليمي والدولي، مسكين هذا البلد.

ولا غبار على قدرة اللبنانيين على الصمود والتحمل، فهم يجيدون الانبعاث من جديد من تحت الرماد.

لكن ألم يحن الوقت كي يتخلوا عن تفكيرهم الموجه دائما نحو الأزمات وينتهجوا أسلوبا يكون أكثر إنتاجية على المدى الطويل؟

ألم يحن الوقت ليقل الشعب لا؟ ان الاقتصاد اللبناني يقف على شفير الهاوية فالدين العام شارف على 60 مليار دولار، يعني ان لبنان سيعرض في القريب العاجل في المزاد خاصة ان الناتج المحلي لا يتجاوز عتبة الـ 40 مليارا والعجز في الموازنة أكثر من 10% والنمو لا يتجاوز 2.5% والمحصلة ان الأخبار مخيفة، نعم ان لبنان يحتاج الى خطة انقاذ سريعة، لبنان يحتاج الى مساعدة الاخوة العرب، ولكن في هذه المرة مباشرة، لطالما اعتبر ملوك وأمراء الخليج ان لبنان الطفل المدلل عندهم، ولطالما نظرنا إليهم بالأخ والحبيب والصديق، ندعوهم نعم بالتدخل لإنقاذ هذا الطفل لأنه يغرق ولم يبق منه سوى الرأس، نناشد ملوك وأمراء مجلس التعاون الخليجي لنقول لهم ان لبنان هو لكم كما هو لنا، بيروت العاصمة الثانية لأي مواطن عربي، ونحن على يقين بأن زعماء الخليج كانوا ومازالوا اليد البيضاء التي لم تترك لبنان في محنته، نقول لكم: انزلوا الى بيروت لتجدوا ماذا حل بها بسبب بعدكم، نعم ندعوكم للتدخل لأن هنالك أطفالا تموت على أبواب المستشفيات بسبب عدم قدرة الأهل على تسديد المصاريف، ندعوكم للتدخل لأن الأشخاص غير المحسوبين على السياسيين أصبحوا خارج الخارطة اللبنانية، كل ما نريده وطن كما كان، وهذا لم يكن الا على أيديكم.  

السابق
إسرائيل تعزل نفسها بجدرانها.. أو تستعد لحرب كبرى
التالي
الجولان وآل الأسد!