إسرائيل تعزل نفسها بجدرانها.. أو تستعد لحرب كبرى

عادت اسرائيل الى بناء الجدران العازلة مثبتة عنصريتها تجاه الشعوب المحيطة بها، رغم ان التجربة اثبتت عبر التاريخ ان بناءها للدفاع او للحماية بدءا من سور الصين العظيم ومرورا بجدار هادريان 922م، والسور الواقي الفرنسي في الجزائر 1961 وصولا الى جدار برلين الشهير الذي هدم في 1990، بأنها لن تحمي اي دولة من الاختراق والالتفاف عليها، مهما كانت قدراتها العسكرية والامنية متطورة تقنيا واستراتيجيا وتجهيزا إلكترونيا، حتى لو كان خلفها جيش كبير بعتاده المتطور، الا ان بناءها يظهر افلاس الدولة السياسي والعسكري، وهذا ما تحولت اليه اسرائيل عندما بنت اول جدرانها (جدار شارون) في الضفة الغربية والقدس وباقي الاراضي التي احتلتها، لتعزل عنها هجمات المقاومة الفلسطينية لاسترجاع ارضها المغتصبة، ولتقسم وتضم ما شاءت من اراضٍ، مما اتاح لها فرض امر الواقع الاستيطاني في قيام وحدتين – او كيانين جيوسياسيين – فلسطينية واسرائيلية، منفصلين عرقيا ودينيا وسياسيا وماديا، والذي ادى بالطبع الى استحالة الوصول الى اي تسوية مستقبلية بتلاقي الدولتين في المشاركة بحكم واحد، وذلك من خلال ما نشاهده منذ فترة الاحتلال وحتى الان، زيادة في الانقسامات الفلسطينية – الفلسطينية على الحكم لتصل الى حكومتين («حماس» و«فتح») او حكومة واحدة تفتقد منظورا وحدويا واحدا في الحكم، بينما كان هناك خط احمر عند الاسرائيليين يجمع ما بين حزبي الليكود والعمل (اليسار واليمين) على الثوابت الاساسية تجاه اي حل اقليمي ودولي برفض العودة الى خطوط الرابع من يونيو 1967 ورفض عودة اللاجئين او قيام دولة فلسطينية ذات سيادة حقيقية في اي مجال سياسي خارجي وامني، واقتصادي وعسكري ومالي.

اما الجدار الامني الذي تشيده اسرائيل الآن ع‍لى الحدود اللبنانية بكلفة تتجاوز مليار دولار، بالطبع ليس مجرد فاصل اسمنتي لمنع التسلل، بل هو مدرع بكل انواع الدفاعات العسكرية المتطورة بتقنياتها، اذ هو فاصل سياسي استيطاني بامتياز، ويزرع القلق في ابعاده عند الدولة اللبنانية و«حزب الله» على السواء، اذ بالمبدأ يقوم على خطة مبنية للتوسع والتوغل من خلاله لاراض لبنانية (خطة الفصل في عهد رابين) ويخفي تحت حجة الفصل الامني او ترتيبه، ما تقضمه من مئات الكيلو مترات من الاراضي اللبنانية وثرواته المائية، رغم مرحليته الاضطرارية، كما تزعم اسرائيل، بيد انه يهدف الى توفير ظروف مناسبة لخطة هجوم استباقية من تهجير فلسطينيين كما فعلت في 1948، واستغلال انشغال الدول العربية والعالم بالثورات العربية وتداعي بعض انظمتها لتنفذ توسعها بتخفيض احتمالات هجمات ارتدادية لــ «حزب الله» عليها في حال دمرت المفاعلات النووية الايرانية، بدفاعات حديثة تبطل مفاعيل صواريخه، مستفيدة من اخطاء حربها معه 2006، وباجلاء سكان مستوطناتها المتاخمة للحدود اللبنانية، تحسبا لاي دفاعات عشوائية، وما ينبئنا بأن اسرائيل تعد لحرب استباقية سريعة وثابتة، تعزيز قدرات جيشها على الحدود مع مصر، تحسبا لاي خرق، رغم منع القرارات الدولية لها بأي تحرك تجاه ايران يخل بالتوازنات الاستراتيجية للدول الكبرى في المنطقة قبل ان تتمكن اميركا او فرنسا من الترتيب الرئاسي، بيد ان كما ايران تسعى الى كسب الوقت، بالتعاون في المسألة النووية، كذلك اسرائيل تقوم – عملياً – باستغلال الوقت لبناء جدارها الامني لتخفي مخططاتها الاستيطانية، بينما لبنان يدخل في متاهاته السياسية العقيمة الداخلية والاصطفافية الخارجية، التي ستدخله في الفوضى عند انطلاق الرصاصة الاولى من حدوده، معلنة الحرب الكبرى!

  

السابق
ليس ربيعاً.. إنه الخريف وسايكس بيكو جديدة!
التالي
لبنان يغرق يا عرب