المستشفى والدواء بعد الرغيف؟

في ما يُفترض أنه عيد العمال، من أين تبدأ مع هذه الدولة المهيضة الجناح، مع هؤلاء المسؤولين المهووسين بالشخصنة والحصص، مع هذه الحكومة التي يقوِّص عليها أعضاؤها قبل اعدائها، مع هؤلاء الوزراء الذين لا يتمرجلون إلاّ على الضعفاء والباحثين عن كفاف يومهم وما يسترهم من دقّ باب مستشفى أو السعي في مناكب دواء، مع هؤلاء النواب الذين يحوِّلون جلسات المناقشات اليتيمة ساحة وغى؟

من أين، وماذا تقول لمن لا يردعهم ضمير أو واجب، وأمام أضعف الإيمان وأبسط القواعد تجاه مَنْ يسموُّنهم المواطنين: الاستشفاء وحبَّة الدواء… والأمان على الصحة والشيخوخة؟
مدّوا يدهم على الرغيف، وعلى الدواء، وعلى الضمان، وعلى الطبابة، وحتى على حبّة الزيتون، وهم يتحضَّرون ليدخلوا البيوت لاحقاً ويخرجوا ساكنيها الى التشرُّد في العراء.
ومَنْ يدري، فقد يكون في انتظار الطبقة الكادحة التي تشكّل نسبة عالية جداً بين السكّان الأصليين… وبين المجنَّسين والمقيمين على الرحب والسعة طبعاً، ما هو أشدُّ وأدهى.
فالى مَنْ يتوجَّه الناس بالاحتجاج، والمطالبة، والمناشدة؟

وفي بلد كل مِن إيدو إلو؟
ويا ليتها تقف عند هذه الحدود. فأين نذهب بالدويلات، والمربَّعات، والانقسامات، والتحزُّبات، والولاءات للخارج…
مَنْ يستطيع أن يحكي مع هذا الوزير المتغطرس المصدِّق حاله، والذي جاد به الزمن الرديء على الشعب العنيد ولبنان الكرامة؟ أو مع زميل له يزمجر ويهدر في وجوه مراجعيه إذا ما تمكنوا من الوصول الى "عرينه"؟ أو مع زميل لهما يفتّش بالفتيلة والسراج عما يزيد العتمة الرابضة على الصدور قبل الربوع؟
تصريحات وبيانات وخطب تغسل الأيدي من أيّة مسؤولية، وتضع الحقّ كله على مَن يقدِّمون مصالحهم الخاصّة مقابل المصلحة العامة، ومصلحة البلد، ومصلحة السواد الأعظم من الناس المعنيين بهذه التدابير التعسفيّة الانتقاميّة المخجلة.
إذاً، من المسؤول؟ والى مَنْ تتوجّه الرعية؟

فتِّش عن مصدر الصراعات والخلافات والأزمات والاستهتارات، فتجدها تدور في فلك المصالح الشخصيّة.
لقد مرَّ وطن النجوم الذي دمَّره أهله، أو ساكنوه، او المهيمنون عليه، بأزمات كبيرة ومصيريّة وتاريخيّة. قبل الاستقلال الناجز والتام، وبعده. لكنه لم يبلغ يوماً، ولا حتى طوال الحروب القذرة، هذا الدرك من الانهيار الأخلاقي والانساني، والذي أضحى حديث المقيمين والمغتربين والعالمين أجمعين.

تأخذون رغيفهم؟ تتركونهم عرضة للموت على أبواب المستشفيات؟ تتفرَّجون عليهم وهم يفتشون بين أكوام الزبالة عما يقتاتون به؟
صرخ يوحنا المعمدان بالفرّيسيين والصدوقيّين غاضباً: يا أولاد الأفاعي، مَنْ أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي…

السابق
أيها المدخّنـون: أيلول آتٍ
التالي
اعتصام فلسطيني امام الصليب الاحمر في صور