التفجيرات في دمشق أسدية

شهدت مدينة دمشق قبل أيام عددا من التفجيرات وعرضت مباشرة على القنوات التلفزيونية الناطقة باسم العصابة الأسدية, أسرع وكالة أنباء بالعالم حاضرة في المكان المخصص للتفجير قبل الانفجار!

بغض النظر عن هذه الملاحظة السريعة, إن تناول قضية التفجيرات التي تحدث في سورية بين الفينة والأخرى, وخصوصا في مدينتي حلب ودمشق, سواء من قبل المجتمع الدولي أو من قبل حتى بعض المعارضة السورية, يحتاج منا إلى وقفة مع هذا النوع من التعاطي مع هذا الملف. المحير في الموضوع أننا أمام معضلة ناتجة إما عن عجز أو تواطؤ لدى المجتمع الدولي أو ربما حسن نية لدى اطراف أخرى. بحيث أنهم في معالجاتهم ينسون أننا شعب يريد الانعتاق من نظام فاسد وطائفي, والحرية المعمدة بالدم باتت قريبة, ومن حقنا كشعب, رغم كل هذا المجهود المبذول دوليا لاستمرار القتل في سورية على يد هذه العصابة الأسدية. قضيتنا هي قضية كل شعوب الأرض, وهي قضية الحرية والعدل والكرامة, التي افتقدها المواطن السوري منذ مجيء مؤسس النظام الحالي عام 1970 بعد أن قتل رفاق دربه في السجون السورية… هنا القضية الاساس, وهنا الطرف الذي يجب ألا يغيب في المعادلة السورية, وهو طرف الثورة منذ انطلاقها من حوران وحتى اللحظة, أما الطرف الآخر من المعادلة, فهو هذه العصابة, وكل من يدعم استمرارها بدءاً باسرائيل وانتهاء ببعض معارضة فاسدة ومناورة وقليلة ضمير, بالطبع مرورا بروسيا والصين وإيران وعراق المالكي و"حزب الله".

لا أظن مطلقا أن في طرفي هذه المعادلة من لديه شك أن بطبيعة هذه العصابة وما تريده من القتل, حتى أعضاء العصابة انفسهم يعرفون أنهم فاسدون وأكثر خسة وبشاعة من أي مواطن سوري, لاأظن أن أي فرد من هذه العصابة لا يعرف أنه يستولي على أموال الدولة وأموال الناس بشكل غير شرعي. هذه حقائق بسيطة, فكيف يفكر العالم بأنه يجب أن نتحدث عن تفاصيل من قام بهذا التفجير أو ذاك? على افتراض أن هناك جهات خارجية بدأت تلعب بالملف السوري خدمة للعصابة الحاكمة بشكل مباشر, أو عن طريق وسيط يشبه تنظيم القاعدة أو جبهة "نصرة الشام" المخترعة حديثا, على طريقة اختراع العصابة الأسدية لأسماء تنظيمات وهمية تخرجت من مدرسة مخابراتها في دمشق, أو عنجر في لبنان سابقا, وكل العالم يذكر قضية "جند الشام" و"فتح الاسلام" وغيرهما من التفريخات الاستخباراتية لاستخدام ورقة الارهاب في ابتزاز العالم استنادا الى الدعم الاسرائيلي غير المحدود للنظام السوري في المحافل الغربية.
إن ما يحدث الآن بالاضافة الى ثلاثة اشهر مراقبين دوليين وكوفي عنان ونبيل العربي ومؤتمره عن المعارضة في القاهرة اواسط الشهر المقبل, كل هذا مهل إسرائيلية للعصابة الأسدية, حتى يكتمل السيناريو كما قلنا سابقا في أكثر من مقالة, أن روسيا وإسرائيل استطاعتا أن تثبتا أن هناك طرفين مسلحين حتى قبل أن يتشكل الجيش الحر! وحتى تبقى هذه الاسطوانة سارية المفعول, يجب تفعيلها دائما بتفجيرات ذات ايحاء ارهابي لدى الرأي العام الغربي والعالمي. الطريف في الموضوع أننا كمعارضة نسارع لكي نبرأ أنفسنا, كما يسارع الجيش الحر معتمدا على ذخيرته الوطنية إلى نفي مسؤوليته, رغم ان كوفي عنان نفسه, ومعه السيد ناصر القدوة, يعرفان طبيعة العصابة الأسدية, وما يمكن ان تقوم به من اجل العودة بسورية إلى ما قبل 18 مارس 2011. من يلاحظ مفارقة أضافية غابت عن الأدبيات مقولة تنحي الأسد التي اطلقتها واشنطن بعد شهرين من الثورة, يريدون سيناريو محبوكا, لأن إسرائيل لا تريد لأميركا أن تتدخل عسكريا, فليسقط الأسد لكن بعد تدمير سورية تماما, هذا هو السيناريو الإسرائيلي. لهذا العصابة الأسدية تعرف ذلك أيضا, وتحاول بشتى الطرق أن تدمر سورية وتبقى في الحكم, والتواطؤ الدولي والعجز يعطيها وهما انها قادرة على تدمير سورية والبقاء بالسلطة. لهذا التفجيرات لها وظائف متعددة لدى عبقرية العائلة الأسدية! تخويف الداخل والخارج من جهة ازاحة القضية السورية عن مطلب الحرية واشغال الرأي العام بحدث مستجد مفصول عن جوهر القضية, وهو أننا شعب يريد التخلص من آل الأسد في حكم البلد, يريد حريته وكرامته خصوصا بعد أن عمدها بالدم اتركوا عظاتكم عن موضوع التفجيرات وفقط تبنوا موقف من يعلن عدم مسؤوليته, سواء الجيش الحر أو أي جهة معارضة أخرى, ولا "تتفصحنوا" كثيرا على شعب يذبح منذ أكثر من أربعة عشر شهراً. كما "تفصحنتم" منذ ايام على الثائر عبد الرزاق طلاس احتجاجا على اطلاق لحيته.
الجميع يعرف من يقوم بهذه التفجيرات, وعلى فرض أن هناك جهات معارضة في القاع الشعبي ارتكبت تفجيراتها فهل تضحي بنفسها من اجل تفجيرات لا تحدث تأثيرا في قلب أجهزة العصابة الأسدية? كيف أجيبونا? لكي تحدث ثقبا في جدار المصرف المركزي! أو تعيد تفجير المنطقة نفسها مرتين, وهي ليست منطقة خطرة على النظام, تحت جسر المتحلق الجنوبي الذي يمر بحي الميدان الدمشقي الثائر!

لنقل للعالم اننا نتفهم عجزكم وتواطؤ بعضكم لكننا أبدا لا نتفهم أن تبقوا تصموا آذاننا بأن هناك طرفين مسلحين, هناك اولا شعب يريد حريته ويذبح تحت أعينكم هناك هذه هي المحصلة, كي تزيلوا ما تبقى في ضمائركم من احساس بالذنب!

السابق
سرقوا جسراً..!!
التالي
كوني جميلة ولا تخطفي زوجاً