أي عيد اليوم؟

منذ عقود واللبنانيون يفتقدون معنى الأعياد وهم ما إن يخرجون من واقع سياسي واقتصادي حتى يقعون في معاناة أشد وباتوا يذكرون ما في الاستقرار والطمأنينة ويترحمون عليه يوم كانت الفرحة تغمر الصغار والكبار على السواء، وهم يطمحون إلى المزيد حتى كانت حرب الجنون في العام خمسة وسبعين من القرن الماضي وخلفت المزيد من الضحايا والخراب والدمار، والاشد هو التفكك الاجتماعي والعائلي والوقوع في مأزق الفئوية وصولاً إلى نغمة الطائفية البغيضة وليست كلها من صنع الداخلي إذ يشارك الخارج فيها بنصيب وافر ونحن المعنيون.

والسؤال ما الذي يحمله عيد العمال اليوم وسط ضائقة معيشية ضاغطة وشكوى مريرة من الحاجة إلى الاستشفاء والدواء حتى رغيف الخبز نقص وزنه من دون ان تحقق الاضرابات والاعتصامات ما هو مطلوب فالدولة عاجزة عن تلبية المطالب وتشكو من تراكم الدين العام وعجز الموازنة عن تقديم العون والسند أيضاً الأمر الذي يشيع التشاؤم من المستقبل في حال بقيت الأوضاع على ما هي عليه ان ثم تتفاقم اكثر في ظل الخلافات والتباينات التي عبرت عنها جلسة المناقشة العامة باستخدام اقذع العبارات والاتهامات المتبادلة وتسببت في التقزز من قاموس جديد مشبع بالمسيئ والشتيمة.

ولم تكن زيادة الأجور والرواتب التي لم تدفع بعد للقطاع العام علاجاً مسكناً على الأقل او الغلاء منذ المطالبة بها ثم تضاعف بعد الحصول عليها وكأنها لم تكن إذ ان المطلوب هو توفير الخدمات الاجتماعية والصحيحة وتعزيز الضمان الاجتماعي وخفض الاقساط المدرسية وتأمين النقل العام لتخفيف اعباء التنقل من العمل واليه، إضافة إلى تلافي شكاوى أصحاب السيارات ذات اللوحة الحمراء، وهذا صعب بالطبع فالدولة لا تستطيع التخلي عن دخلها من الضريبة المفروضة على البنزين حتى لا يتراكم العجز والدين العام في حين ان السائقين لم يعد بمقدورهم العودة إلى منازلهم بما يمكنهم تأمين العيش الكريم لعائلاتهم.

وفي حال استمر التباعد بين الفئات السياسية فإن الاوضاع تتفاقم اكثر ولا سبيل إلى الاتفاق حتى على ما يعتبره الكل واجباً وطنياً واجتماعياً فإنفاق الأحد عشر مليار دولار على مدى سنوات تربط بالمصادقة إلى ثمانية ألف وتسعمائة مليار ليرة والحل ما زال غير متوافر ما لم يكن هناك تفاهم بين الاطياف السياسية. ولمن يكن منن قال بأن كل وزير جمهورية وكل فئة تملك تعطيل القرار بعيداً عن الواقع هذا مع ابقاء الحكومة في مأزق المطالبة باستقالتها والدعوة إلى استمرارها حتى لا يتعرض البلد للفراغ بفعل عدم الاتفاق على حكومة قوية متجانسة ومقبولة من الجميع.

وزيادة في المأزق السياسي عدم توفير مقام الرئاسة الاولى من التهجمات ومحاولة اضعافه، ومن هنا بدأ من يعرب عن تخوفه من عدم الوصول إلى قانون انتخابات حرة ونزيهة يؤدي إلى الاقتراع في موعده، وكذلك التباين حول النسبية واللامركزية الادارية، وهذا كلها تلقي بظلالها على عيد العمال اليوم وتمنع الفرحة به ويسأل الكل اي عيد هذا اليوم وغداً.

السابق
الراي: كالداس: نصر الله صوّب عليّ ليضرب التحقيق باغتيال الحريري
التالي
الانباء: الحريري لا يفكر في العودة إلى لبنان ما دام الأسد بالسلطة وحزب الله يسأل عن الجهة اللبنانية المتورطة بالباخرة