لبنان مبنيّ‮ ‬على التوافق

طرح النائب ميشال عون أنّه يفترض برئيس الجمهورية أن تكون عنده كتلة نيابية راجحة، وأعلن معارضته وصول شخصية توافقية الى سُدّة الرئاسة.

والواقع أنّ لبنان بلد توافقي بالضرورة كونه بلداً تعدّدياً في إطار الوحدة، ولعلّه البلد الفريد بين بلدان المعمورة الذي توجد فيه 18 طائفة معترفاً بها رسمياً في القانون. وهذا التعدّد يقتضي أن يكون التوافق قاعدة للعيش، وكذلك التفاهم والتوازن… ولم يهتز التوازن مرّة إلاّ اهتز الأمن وتهدّدت مقوّمات الوطن. وفي هذا السياق، يُفهم الميثاق الوطني الذي أقرّه رجالات الاستقلال وفي مقدمهم الكبيران المرحومان بشارة الخوري ورياض الصلح.

ودائماً، أو أقله في أكثر الأحيان، كان رئيس الجمهورية يصل بأصوات المسلمين، لأنّ المسيحيين غالباً ما يكونون منقسمين بين مرشحَيْـن أو أكثر. ولكن رئيس الحكومة يصل بالتوافق أيضاً، وكذلك رئيس مجلس النواب.

وفي الماضي القريب، في العام 2009 رشّح الشيعة الرئيس نبيه بري لرئاسة مجلس النواب، ولكنه لم يصل إلاّ بأصوات السنّة والمسيحيين الذين هم من خارج فريقه السياسي فأيّدوه على رغم حدّة الخلاف في حينه، الذي لا يزال قائماً حتى الآن. وقد كان لرئيس الكتلة النيابية الأكبر، الرئيس سعد الحريري الدور الأبرز في إعادة انتخاب بري… وأسهم في هذا الانتخاب وذاك الدور وليد جنبلاط أيضاً ومسيحيّو فريق 14 آذار، على الرغم من الضغوطات الاميركية والفرنسية الهائلة على هذا الفريق، وقد كانت واشنطن وباريس تعارضان عودة بري الى رئاسة المجلس النيابي.

ويعرف النائب عون أين كانت الأكثرية اثر انتهاء عهد الرئيس اميل لحود، ومَن كانت ترشح للرئاسة… ثم قبلت بالرئيس التوافقي الذي لم يأتِ من صفوفها، بل كان معظم أطيافها تعارضه… لكنها آثرت التفاهم والتوافق.

ولعلّنا نعذر عون، إذ لعلّه متأثّر بوطأة العمر ونحن نحترم تقدّم العمر به.

السابق
رانيا يس تتلقّى تهديدات بالقتل
التالي
إسرائيل تتراجع أمام الأسد