مزارعو الموز والتفاح.. يعانون

توقف المزارع حسن (من صور) عن تصدير الموز إلى سوريا بعد بلوغ خسارته آلاف الدولارات نتيجة فرق تصريف العملة السورية، إذ باع الكيلو بثلاثين ليرة سورية على دولار يساوي حوالي 50 ليرة، وعند التحويل تخطّى 72 ليرة، مشيرا إلى أن «كلفة قطافه وتوضيبه لم تعد توازي ثمن بيعه».
ويشاركه زميله خليل الذي توقف بدوره عن ضمان الموز وتحوّل إلى الحمضيات، إذ لم يتمكن من تحصيل أمواله في سوريا منذ أكثر من شهرين، موضحا أن «سوق الحمضيات لا يزال مربحا نتيجة تنوع تصديره إلى أكثر من بلد عربي، فيما الموز يعتمد أساسا على السوق السوري»، لافتا الانتباه إلى أن «زراعة الموز نمت وتوسعت في الجنوب نتيجة ارتفاع الاستهلاك السوري للموز اللبناني لأكثر من 90 ألف طن سنويا».
ويتجه أحمد (من منطقة حاصبيا) بعد ارتفاع مخاطر العبور برّاً، إلى تصدير انتاجه من زيت الزيتون جوّاً، متكبدا كلفة إضافية على كل شحنة، تتراوح بين 2 و3 آلاف دولار أميركي، ويعلق: «لم يعد بالإمكان تحمل مخاطر العبور برّاً، خصوصا أن احدى الشاحنات ونتيجة الاضطراب الأمني في سوريا، تأخرت عن موعد وصولها إلى السعودية أكثر من 20 يوما، فضلا عن تلف جزء لا بأس به من البضائع نتيجة التحميل وإعادة التحميل بعد التفتيش الدقيق على المعابر».
ولا تبدو «الصورة زاهية عند مزارعي التفاح والإجاص شمالا، إذ يؤكد عدد منهم أنهم عقدوا الآمال على ارتفاع صادراتهم إلى مصر وليبيا والعراق، إلا أنه لا تغيير يذكر في هذا الجانب، بل يمكن تسجيل خسائر إضافية نتيجة الطقس العاصف الذي شهده لبنان طوال فصل شتاء.
ويبلغ الإنتاج السنوي الإجمالي من الموز حوالي 175 ألف طن، يصدّر منه حوالى 105 آلاف طن، ومن الحمضيات (ليمون، برتقال، حامض، غريفون…) حوالي 300 ألف طن، يصدّر منه حوالي 125 ألف طن.

الفئران تقضي على التفاح

ويوضح نائب رئيس «نقابة مصدري الخضار والفاكهة» رئيس «نقابة مصدري التفاح» نعيم صالح خليل لـنا أن معظم المزارعين يشتكون، فثمة عوامل عدة أثرّت في الصادرات الزراعية هذه السنة، منها: الوضع السوري، ومزاحمة الإنتاج اللبناني خارجيا، وعامل الطقس، إذ أدى تساقط الثلوج الغزير إلى تكاثر الفئران التي قضت على معظم الأشجار المثمرة في جبال لبنان المرتفعة، لا سيما في كسروان وتنورين وأعالي الضنية.
ويشير إلى أن «تصدير التفاح إلى مصر هذا الموسم واجه بعض العراقيل عبر الحدود الأردنية، إنما إجمالا الموسم الماضي كان أفضل من الحالي، وننتظر عودة تفعيل التصدير إلى السوقين العراقية والليبية في السنة المقبلة، وإلى أوروبا، إذ لا زالت صادراتنا الزراعية إليها لا تذكر». علما أن الصادرات الزراعية اللبنانية إلى الدول العربية بلغت حوالي 97 في المئة من مجمل الصادرات في العام الماضي.
وينتج لبنان من التفاح سنويا حوالي 150 ألف طن، ووفق خليل، «ينتظر أن يصل إلى 200 ألف طن في السنوات المقبلة مع بدء الاستفادة من الشتول الجديدة. أما الصادرات فتراوح بين 70 و80 ألف طن سنويا، يستهلك السوق المصري منها بين 25 و40 ألف طن. لكن هذه السنة، كان هناك مزاحمة كبيرة».
أما عن كلفة شحن براد التفاح (حوالي 25 طنا) إلى مصر برّا، فيلفت إلى «أن الكلفة بدأت بحوالي 4 آلاف و700 دولار في أيلول، وأصبحت في نيسان حوالي ثلاثة آلاف و500 دولار، والسعر نفسه تقريبا عبر الشحن البحري».

مزاحمة للحمضيات وارتفاع الشحن

في المقابل، يوضح عبد الله فاضل (مزارع ومصدّر) أن «الصادرات من الموز كانت أفضل من الحمضيات لضعف الطلب عليها عربيا خصوصا في سوريا والأردن، فضلا عن السوق الخليجي غير المشجع».
ويشير إلى أن «شحن برّاد الموز برّا (22 طنا صافيا) يبلغ حوالي 700 دولار إلى سوريا، ولم يتغير كثيرا عن سعر السنة الماضية بسبب الضغط على العملة السورية، أما إلى الأردن فبلغت هذه السنة حوالي ألفي دولار فيما كانت السنة الماضية حوالي ألف و600 دولار».
وإذ يعاني فاضل مثل غيره من المزارعين من الأكلاف المرتفعة على الزراعة، ومنها إيجار الأرض، والمحروقات، واليد العاملة، والأسمدة، وغلاء العقارات إجمالا، ينتقد «عدم وجود سياسة زراعية لفتح أسواق جديدة»، ويؤكد أن «هذه المسؤولية تقع على عاتق وزارتي الزراعة والاقتصاد، وهي ليست من مهمات المزارعين والمصدرين. لكن، وعلى الرغم من ذلك، تمكنا وبشكل فردي، من فتح أسواق جديدة بهدف إنقاذ مواسمنا».
وتراجعت صادرات فاضل من الموز هذا الموسم (من تشرين الثاني إلى آذار) حوالي 18,5 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، إذ صدّر هذا الموسم حوالي 11 ألف طن، مقابل حوالي 13 ألفا و500 طن في الموسم الماضي، يضاف إلى ذلك أن هذا الموسم شهد نقصا في وزن الإنتاج تراوح بين 15 و20 في المئة نتيجة عامل الطقس.
لكن وعلى الرغم من تراجع الاستهلاك السوري للموز اللبناني، يشير إلى أن «ما أنقذ الموسم هو ما واجهه السوريون من صعوبات في فتح اعتمادات مصرفية لاستيراد الموز، فضلا عن ارتفاع الطلب عالميا».
مقابل الأثر السيئ للطقس على التفاح هذا الموسم، فإنه، ووفق فاضل، «كان إيجابيا على مزارعي الموز في صيدا وصور، إذ نضج الموسم على مراحل مما ساهم بعدم إغراق الأسواق، والتمكن من تسويق كميات كبيرة محليا».

تحسن في كانون… تراجع في شباط

أمام هذه الحالات تكشف الأرقام الجمركية عن حجم التراجع في الصادرات الزراعية في شهري كانون الثاني وشباط 2012 مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، خصوصا في صادرات الموز والتفاح والاجاص والسفرجل، أما الحمضيات فبعدما شهدت تحسنا في الشهر الأول مقارنة مع كانون الثاني 2011، تراجعت في شباط 2012 مقارنة مع شباط 2011. وإجمالا بلغت الصادرات من الحمضيات ثلاثة ملايين و895 ألف دولار في شهري كانون الثاني وشباط 2012، مقابل ثلاثة ملايين و483 ألف دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، أي بتحسن بلغ 412 ألف دولار (11,8 في المئة).
أما صادرات الموز في كانـــون الثاني وشباط الماضيين فتراجعت حوالي 23 في المئة، إذ بلغت 4 ملايـــين و795 ألف دولار، مقابل 6 ملايين و230 ألف دولار عن الفــترة نفســـها في العام الماضي، أي بخسارة بلغت مليونا و435 ألف دولار.
كذلك تراجعت صادرات «التفاح والكمثري والسفرجل» 31 في المئة، وذلك من ثلاثة ملايين و828 ألف دولار في الشهرين الأولين من العام 2011، إلى مليونين و638 ألف دولار في الفترة نفسها من العام الحالي، أي بخسارة تقدر بمليون و19 ألف دولار.
علما أن الصادرات الإجمالية من التفاح في العام 2011، بلغت 16 مليونا و578 ألف دولار، والحمضيات 26 مليونا و930 ألف دولار، مقابل 16,9 مليون دولار في العام 2010 منها 3,2 ملايين إلى سوريا، والموز 10 ملايين و323 ألف دولار، مقابل 17,7 مليون دولار في العام 2010، منها 15,9 مليون دولار إلى سوريا (89,9 ألف طن)، أي ما نسبته 90 في المئة من إجمالي الصادرات.

الصادرات الزراعية تتراجع 3,1%

ويمكن رسم معالم المشهد، حين يلحظ أن الصادرات الزراعية الإجمالية تراجعت 3,1 في المئة في الشهرين الأولين من العام 2012 مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضـــي، وذلك من 22 مليونا و903 آلاف دولار إلى 22 مليونا و193 ألف دولار، بخســارة تقدر بحوالي 710 آلاف دولار. علما أن الصادرات في شهر كانون الثاني 2012 تراجعت 12,5 في المئة، من 13 مليونا و527 ألف دولار إلى 11 مليـــونا و836 ألف دولار، أي بخسارة بلغت مليونا و691 ألف دولار، وذلك لتراجع حجم الصادرات من «الفواكه والثمار والحمضيات» و«الحبوب ونباتات الصـــناعة أو الطب». في المقابل ارتفعت الصادرات في شباط 10,47 في المئة، من 9 ملايين و376 ألف دولار في شباط 2011، إلى 10 ملايين و358 ألف دولار في شباط 2012، أي بزيادة بلغت 982 ألف دولار، وذلك للتحسن الطفيـــف في صادرات «الفواكه والحمضيات» و«منتجات المطاحن» و«البن والشاي والمتّه والبهارات» و«الحبوب».
ويبدو لافتا للانتباه، أن التراجع شمل أيضاً المستوردات الزراعية بنسبة 9,81 في المئة، إذ بلغت قيمة المستوردات في الشهرين الأولين من العام الحالي 152 مليونا و209 آلاف دولار، مقابل 168 مليونا و770 ألف دولار في الفترة نفسها من العام 2011، أي بتراجع بلغ 16 مليونا و561 ألف دولار. ويلحظ في هذا الاطار، أنه مقابل التراجع في استيراد معظم السلع الزراعية ارتفعت المستوردات من «الفواكــه والحمضـــيات» من 18 مليونا و214 ألف دولار إلى 22 مليونا و184 ألفا في كانون الثاني وشباط من العام الحالي.

من المعابر البرية إلى الجوية

أما رصد حركة الصادرات اللبنانية عبر المعابر الجمركية، فتراجعت عبر البر (العبودية، العريضة، القاع، المصنع) حوالي 14,3 في المئة في شهري كانون الثاني وشباط 2012 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، فعلى الرغم من ارتفاع الصادرات عبر «المصنع» من 97 مليونا و909 آلاف دولار إلى 105 ملايين و130 ألفا في الشهرين الأولين من السنة، سجل تراجع متفاوت في حركة التصدير عبر المعابر الأخرى، إذ انخفضت عبر العبودية من 45 مليونا و574 ألف دولار إلى 18 مليونا و670 دولارا، والعريضة من مليون و453 ألفا إلى مليون و4 آلاف، والقاع من 751 ألفا إلى 19 ألفا (علما أن الصادرات عبر هذا المعبر بلغت صفرا في شباط).
ونتيجة لارتفاع مخاطر العبور برّا، وتساقط الثلوج معظم أيام كانون الثاني وشباط ما أدى إلى إقفال الطريق الدولية، لوحظ أن الصادرات عبر المطار زادت أكثر من 102,9 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، إذ ارتفعت من 219 مليونا و711 ألف دولار إلى 446 مليونا و6 آلاف في كانون الثاني وشباط الماضيين، أي بزيادة بلغت 226 مليونا و295 ألف دولار.
أما حركة الصادرات عبر المرافئ البحرية، فيلحظ أنها شهدت تحسنا طفيفا عبر مرفأ بيروت (حوالي 0,50 في المئة، من 181 مليونا و42 ألف دولار إلى 181 مليونا و951 ألفا في شباط وكانون الثاني الماضيين)، وتراجعا عبر مرفأي صيدا (حوالي 42,2 في المئة، من 6 ملايين و350 ألفا إلى 3 ملايين و667 ألفا) وطرابلس (56 في المئة، من 44 مليونا و530 ألفا إلى 19 مليونا و575 ألف دولار).

السابق
إشراقة سورية
التالي
عن السودان والعراق وسواهما