في اليأس ومشتقاته

.. في تتمة الكلام المنقول عن الرئيس السوري، قبل يومين من أن الأزمة عنده لا تزال في بدايتها، وردت عبارتان تتصلان بلبنان، الأولى جاء فيها أنه سيبدأ في التعامل مع الشأن اللبناني "وفق شروطه" بعد الانتهاء من الانتخابات عنده(؟!).
عبارة ملتبسة في شكلها لكنها واضحة في مراميها. وأول تلك المرامي، على ما يبدو، هو التهديد بتصفية الحساب العالق، مباشرة وليس بالواسطة مع جهات وأطراف وقوى محلية جاهرت بدعمها لشعب سوريا وثورته، أو هي في "طبيعتها" الأولى وسياستها وتاريخها معادية للسلطة الأسدية، ولا تتمنى لها إلاّ كل شرّ!
واضح بعد ذلك، أن ذلك الكلام، عدا عن رسالة التهديد التي يرسلها، يضمر تبرّماً في مكان ما من حلفاء مفترضين وحقيقيين في لبنان لم يتجاوبوا على ما يبدو مع "كل" ما طلبه الأسد منهم في "زنقته"، واكتشف أن طلباته لم تعد أوامر تنفّذ من دون سؤال أو جدال!
في الجملة اللبنانية الثانية يعلن "أن مصالح سوريا سيكون لها اعتبار في هذه العلاقات".. وكأنه يريد أن يقول إن تلك العلاقات البينية التي امتدت على مدى أربعين عاماً وفق معادلة "سوريا قوية تعني لبنان ضعيفاً".. إنما قامت على حساب نظام سوريا وليس لحسابه! وأن لبنان هذا آن له أن يردّ الديَن ويدفع المتأخّرات. وأن لغة "المصالح" أقوى من لغة الشعر وبلاغة الشعارات الوحدوية المسبوكة بفخامة لا شك فيها، كما أنها أقوى من روابط اللغة والدم!
جديدة على السمع مصطلحات الأسد اللبنانية. وتعكس في أول المقام ورأسه، أنه بدأ أخيراً، يخرج من حالة الافتراض والنكران الى الواقع المستجد بفعل ضمور نظامه وانتهاء مفاعيله وعلاقاته وأدواره، وانخراطه في معركة، حياة أو موت مع الداخل السوري وبشكل لم يسبق له مثيل منذ العام 1963!
في شق أول هناك واقعية واضحة.. لكن في شق ثانٍ هناك استمرار في لعبة المكابرة والإنكار والإيحاءات والافتراضات القديمة: كابَرَ على مدى عام كامل قبل أن يقرّ بأنه عاجز عن إنهاء الثورة ضده. ويكابر الآن ليقدّم وجبة إيحاءات مفادها أنه مستمر في السلطة، وأنه في صدد إجراء "انتخابات"! بعد سلسلة الإصلاحات التي قدّمها! وأن الحراك الدولي الذي صار مريحاً أكثر مما مضى بالنسبة إليه، يبحث عن حل معه وليس على حسابه!
الاستطراد اللبناني تتمة لا بدّ منها: إذا كان يفترض ويوحي بأنه مستمر في دمشق، فمن الطبيعي أن يفترض ويوحي أنه مستمر في لبنان.. طريقة التعامل فقط هي التي ستتغير. ستكون "وفق شرطنا" ومعيارها "المصالح" وليس المشاعر!
تسمح له المعطيات الخارجية بأن يقول الذي يقوله، لكن البلف المركزي الأرفع مستوى من الإيحاء والافتراض يكمن في عودته الى القول إن مشكلته هي مع الخارج، وليست مع الداخل، وإن في لبنان جزءاً من ذلك الخارج!
كلام يستدعي الحذر، وإن كان في زبدته ما يدلّ على أن صاحبه كلما خرج من الافتراض الى الواقع، اكتشف مدى اليأس الذي بلغه ووصل إليه.. المهم أن يبقى يأسه عنده ولا يصدّره الى بلدنا أو الى غيره!

.. في تتمة الكلام المنقول عن الرئيس السوري، قبل يومين من أن الأزمة عنده لا تزال في بدايتها، وردت عبارتان تتصلان بلبنان، الأولى جاء فيها أنه سيبدأ في التعامل مع الشأن اللبناني "وفق شروطه" بعد الانتهاء من الانتخابات عنده(؟!).
عبارة ملتبسة في شكلها لكنها واضحة في مراميها. وأول تلك المرامي، على ما يبدو، هو التهديد بتصفية الحساب العالق، مباشرة وليس بالواسطة مع جهات وأطراف وقوى محلية جاهرت بدعمها لشعب سوريا وثورته، أو هي في "طبيعتها" الأولى وسياستها وتاريخها معادية للسلطة الأسدية، ولا تتمنى لها إلاّ كل شرّ!
واضح بعد ذلك، أن ذلك الكلام، عدا عن رسالة التهديد التي يرسلها، يضمر تبرّماً في مكان ما من حلفاء مفترضين وحقيقيين في لبنان لم يتجاوبوا على ما يبدو مع "كل" ما طلبه الأسد منهم في "زنقته"، واكتشف أن طلباته لم تعد أوامر تنفّذ من دون سؤال أو جدال!
في الجملة اللبنانية الثانية يعلن "أن مصالح سوريا سيكون لها اعتبار في هذه العلاقات".. وكأنه يريد أن يقول إن تلك العلاقات البينية التي امتدت على مدى أربعين عاماً وفق معادلة "سوريا قوية تعني لبنان ضعيفاً".. إنما قامت على حساب نظام سوريا وليس لحسابه! وأن لبنان هذا آن له أن يردّ الديَن ويدفع المتأخّرات. وأن لغة "المصالح" أقوى من لغة الشعر وبلاغة الشعارات الوحدوية المسبوكة بفخامة لا شك فيها، كما أنها أقوى من روابط اللغة والدم!
جديدة على السمع مصطلحات الأسد اللبنانية. وتعكس في أول المقام ورأسه، أنه بدأ أخيراً، يخرج من حالة الافتراض والنكران الى الواقع المستجد بفعل ضمور نظامه وانتهاء مفاعيله وعلاقاته وأدواره، وانخراطه في معركة، حياة أو موت مع الداخل السوري وبشكل لم يسبق له مثيل منذ العام 1963!
في شق أول هناك واقعية واضحة.. لكن في شق ثانٍ هناك استمرار في لعبة المكابرة والإنكار والإيحاءات والافتراضات القديمة: كابَرَ على مدى عام كامل قبل أن يقرّ بأنه عاجز عن إنهاء الثورة ضده. ويكابر الآن ليقدّم وجبة إيحاءات مفادها أنه مستمر في السلطة، وأنه في صدد إجراء "انتخابات"! بعد سلسلة الإصلاحات التي قدّمها! وأن الحراك الدولي الذي صار مريحاً أكثر مما مضى بالنسبة إليه، يبحث عن حل معه وليس على حسابه!
الاستطراد اللبناني تتمة لا بدّ منها: إذا كان يفترض ويوحي بأنه مستمر في دمشق، فمن الطبيعي أن يفترض ويوحي أنه مستمر في لبنان.. طريقة التعامل فقط هي التي ستتغير. ستكون "وفق شرطنا" ومعيارها "المصالح" وليس المشاعر!
تسمح له المعطيات الخارجية بأن يقول الذي يقوله، لكن البلف المركزي الأرفع مستوى من الإيحاء والافتراض يكمن في عودته الى القول إن مشكلته هي مع الخارج، وليست مع الداخل، وإن في لبنان جزءاً من ذلك الخارج!
كلام يستدعي الحذر، وإن كان في زبدته ما يدلّ على أن صاحبه كلما خرج من الافتراض الى الواقع، اكتشف مدى اليأس الذي بلغه ووصل إليه.. المهم أن يبقى يأسه عنده ولا يصدّره الى بلدنا أو الى غيره!

السابق
وهاب: أبلغت أنني مهدد من القاعدة
التالي
جعجع لم يقطف الوردة