جائزة نوبل للاحتيال!

لا ندري من هو مترنيخ عصره، ذلك الذي في عقله "خميرة الشعير" وقد عجن وخبز وباع تلك النظرية غير المسبوقة في تاريخ ضحك المسؤولين على ذقون الناس، أي نظرية الأرغفة الناقصة والسعر الثابت.
لكن من المؤكد انه واحد من عباقرة هذه الحكومة، حكومة "المطابخ الحديثة للحلول الخادعة"، وآخر مبتكراتها ان لا زيادة على سعر ربطة الخبز ولكن ايها الفقير كلّ ولا تشبع، وقد نجح في "تزحيط" اللبنانيين على قشرة موز اصحاب الافران الذين هددوا بالاضراب مطالبين برفع سعر ربطة الخبز، وهو على ما يبدو اختصاصي عتيق في فنون تقريص عجين الناس الذين لا حول لهم ولا قوة في هذا البلد السائب!
تقول النظرية العجائبية ان سعر ربطة الخبز سيبقى 1500 ليرة لكن سيسمح للأفران بانقاص وزنها 100 غرام، أي ما يعادل رغيفاً من الخبز يمكن ان يؤمن العشاء الحاف لواحد من افراد العائلة السعيدة.
هذه النظرية تستحق جائزة نوبل للاحتيال، لأنها عبارة عن معادلة تشكل سرقة موصوفة ومكشوفة تجعل الزيادة تماماً مثل النقصان، بمعنى ان الخسارة ستقع على كاهل المواطن الذي سيستمر في دفع الـ1500 ليرة ولكن ثمناً لربطة نقصت رغيفاً، والأهم لأنها تؤسس لسلسلة من الحلول المشابهة التي يمكن ان تعتمدها هذه الحكومة البائسة لحل طوفان المشاكل والاضرابات التي تواجهها!
كيف؟

في بساطة يمكن غداً ان تأخذ قراراً بعدم اضافة اي زيادة على سعر صفيحة البنزين في مقابل السماح لأصحاب المحطات بأن يجعلوها 17 او 15 ليترا بدلا من عشرين، هذا اذا كانوا يلتزمون اصلاً العشرين ليتراً ونحن في بلد العدادات الملعوب بها وبه. ويمكن مثلاً منع زيادة اجرة السرفيس من بيروت الى طرابلس في مقابل السماح للسائق بانزال الراكب الى طرابلس في عمشيت او في البترون. وما الفرق بين الـ100 غرام المنتقصة من الخبز والكيلومتر المنتقص من الطريق، وخصوصاً ان في الامرين صحة وعافية؟!
ويمكن الصيدلي ان يحافظ على سعر الدواء وان ينقّص منه بضع حبوب يبيعها على طريقة "الفلت" فنحن في بلد الفلتان اصلاً، كما يمكن كيلوغرام الموز ان ينقص قرناً او قرنين تماماً مثل تلك القرون التي تركّبها الدولة على رؤوس المواطنين!
ولماذا الاستغراب ونحن في بلد يستعمل المثل القائل: "ان الزايد خيّ الناقص" ويطبق هذه النظرية الفذة منذ زمن بعيد في فواتير الكهرباء، التي تصل غير منتقصة بمقدار النقص في التيار بسبب التقنين!
ولماذا الامتعاض والشكوى، وخصوصاً ان نظرية انقاص وزن ربطة الخبز تتلاءم مع برامج الريجيم، وقد ابتكرها شيطان رجيم يحرص بالتأكيد على رشاقة المواطنين ولا شك في انه درس عميقاً قصة القرود واقتسام الجبنة.
فيا صديقي المواطن اللبناني السعيد… تعيش وتاكل غيرها!

السابق
حزب الله يمتلك طائرات أبابيل في الحرب المقبلة ؟!
التالي
إشراقة سورية