امر عمليات طالع؟

ما دامت قوى المعارضة تبرز جدية لا يجوز الاستهانة بها في حملتها الطالعة على "حزب الله" لتمسكه بالحكومة الحالية حتى الانتخابات المقبلة ( ان جرت )، فلا بد من التدقيق بمفارقات لم تأخذ نصيبها الوافر من الاضاءة تحت وطأة الصخب السياسي في الفترة الاخيرة. مهما قيل في مبادرة النائب سامي الجميل الى طرح الثقة بالحكومة و"اهدائها" هذا المكسب، كانت الحكومة باقية بثقة ومن دونها، بفعل موجبات خارجية آسرة قبل اي اعتبار داخلي.

ثم ان الكلام عن "ثقة متجددة"، هو اشبه بطواحين الهواء، لان احدا لا تساوره الاوهام بان الستاتيكو اللبناني الراهن هو صنيعة توازن قوى خارجية قبل ان يكون نتاج معادلات داخلية. تبعا لذلك لا مكان اليوم للبنان كأولوية في جداول الغربيين. ولكنه ستاتيكو محكوم باي اهتزاز لن يمليه سوى تطور الازمة السورية، وهو امر مرجح جدا بعد بضعة اشهر، مما يجعل من المخاطرة، بل من الغباء القاتل، النوم على حرير بقاء الحكومة الى موعد الانتخابات.
وما دام الشيء بالشيء يذكر، ثمة امر داخلي واحد يكاد يستأهل التوقف عنده، يتصل بحشرية التقصي عما اذا كان طرح الرئيس فؤاد السنيورة تشكيل حكومة حيادية افضى فعلا الى اجهاض المبادرة في مهدها، لدوافع النكد السياسي، ام ان اجهاضه كان مؤشرا لمعركة خارجية بدأت تدور رحاها على الساحة السياسية اللبنانية ؟

اغلب الظن ان معركة الاسبوع الماضي جرت في وقت اختباري خالص. لا الرئيس السنيورة وفريقه كانا في موقع الوهم حيال التخلص سريعا من "حكومة حزب الله". ولا الغالبية وفريقها كانا فعلا في موقع "الشريك الصادق" مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. معنى ذلك ان الغيرة المتجددة على الحكومة هي اقرب ما تكون الى امر عمليات جديد املته ظروف طارئة ليست داخلية بطبيعة الحال. ومعنى ذلك ايضا ان الطرح الاختباري للمعارضة جعلها تتيقن من ان خصومها لن يتورعوا عن استحضار التجارب الانتخابية بادارة حكومات اللون الواحد ان سمح ميزان قوى خارجي متساهل او متهاون او لامبالٍ بذلك.

وفي ضوء كل ذلك يستحسن باللامبالين ان يأخذوا على محمل الجدية بعض مما ستره الصراخ السياسي او بعض مما ستكشفه استعدادات الفريقين العريضين للمرحلة المقبلة. حتى الآن ظل لبنان محيدا نسبيا عن الازمة السورية، لان "كبارا" خارجيين لا يريدون له الانزلاق. لكن عودة "المنظومات" و "اوامر العمليات" المحمولة في نبرة اللون الواحد، قد تكون نذير اقتراب الستاتيكو من نهايته، ولا امان عندها خصوصا لدى الواهمين.

السابق
السفير: بوارج الكهرباء في مهب الضغوط المالية.. والمطالب التركية
التالي
ساركوزي يستدعي وحش الإسلام