المستشفيات العامرة!

ينشطُ في لبنان هذه الأيام قطاع المستشفيات والمراكز الطبية بسبب الاوضاع الامنية المتردّية في المنطقة عموماً والجوار خصوصاً، بشكل لم يشهد له مثيل منذ عقود، فقد تحوّلت بيروت خلال الأحداث الأخيرة في العالم العربي الى خلية نحل طبية، تلبّي حاجة الوافدين العرب الى المدينة من اجل الطبابة والاستشفاء نظراً الى المستوى العريق الذي تتمتّع به مستشفياتنا، ولا عجب في بلد كان قبل الحرب الاهلية مستشفى العرب، وجامعة العرب، والفسحة الوحيدة للحرية في هذه المنطقة.

ينقل الناس شهادات كثيرة عن الطوابير الطويلة امام صناديق المحاسبة للمستشفيات، وعن المبالغ المالية الضخمة التي يدفعها القادمون بـ«الرزم» والعملات الصعبة، من اجل تلقي العلاج او اجراء العمليات، وإذ يتأفف البعض منهم من الفواتير (الباهظة التي تفرضها المستشفيات)، فإن البعض الآخر من الميسورين العرب عموماً لا يأبه للمسائل المالية خصوصاً حين تستأهل نوعية الخدمات برأيه تلك المبالغ الكبيرة، ألا تنظر الى مباني مستشفياتكم كأنّها فنادق خمس نجوم، يقول أحد هولاء الميسورين؟

المهم في الحكاية هو السؤال عن وضع اللبنانيين إزاء هذه الطفرة المالية الكبيرة التي يشهدها القطاع الاستشفائي، خصوصاً اولئك الذين لا يملكون اي ضمانات صحية تخوّلهم تجاوز «قطوع» صندوق المحاسبة الذي لا يرحم، بدل انتظار الموت الرحيم على أبواب المستشفيات.

وقد أخبرني صديق كان يرتاد «طابور الدفع» في أحدى المستشفيات بأنّ رجلاً كان يتقدّمه امام صندوق المحاسبة، دخل في جدال عقيم مع الموظفين لأنّه أراد إخراج والدته المتوفاة في المستشفى، منذ يومين قبل أن يدفع المصاريف المتوجّبة عليه رغم توقيعه على تعهّد خطي بتأمين المال، لكن الادارة لم تسمح له بدفن والدته قبل دفع ثمن الموت الباهظ.

السابق
الحياة: الرئيسان اللبناني والنمسوي يتوافقان على ضرورة الحل السلمي في سورية
التالي
الشعب الصامت الثرثار