القصّة الطويلة…

قال بشّار الأسد بالأمس، إنّ الأزمة السورية لا تزال في بداياتها.. على أهمّية ذلك الاكتشاف، فإنّ الأهم منه هو أن يقتنع به ميشال عون ويوافق عليه!

مفاجئ ذلك الاعتراف لمَنْ دأبت ماكينته في سوريا وعبر الحدود، على الضخ لأكثر من عام كامل، خبريّات انتهاء الأزمة بوتيرة تقطع الأنفاس. قبل حمص وبابا عمرو، بل منذ الأسبوع الأوّل لبدء الثورة في درعا، أُبلغنا مباشرة وبالواسطة، أنّ الأزمة فُكِّكت وانتهت. لا تظاهرات ولا مَنْ يتظاهرون بل "عصابات مسلّحة" يجري التعامل معها وفق المقام ومنطق الدولة.. لكن بعد حمص بقليل، وصلت تلك الخبريّة إلى ذراها. اشتغل الضخّ على كل المستويات وفي كل اتجاه، من أن "الموضوع انتهى" ولم يتبقّ إلاّ حالات أمنية متناثرة يتم التعامل معها بالدور: الأساس أنّ الثورة السورية تبخَّرت وزمط النظام بجلده، وبقي بشّار الأسد في مكانه!

الآن نسمع قصة جديدة. وبداياتها تشي بحبكة مختلفة. إذ يفترض مبدئياً، أنّ عون يعرف عن الوضع السوري أكثر من بشّار الأسد! ويُفترض مبدئياً أيضاً، أن يخبر رأس السلطة في دمشق، أصحابه عبر الحدود بما لديه من معطيات كي يبقى النشيد منطلقاً من دون نشاز.. أمّا أن يفاجئ الجميع بالطريقة التي فعلها فإنّ ذلك يدلّ على ارتباك لا يليق بأنصاف الآلهة، ولا بالحالات التاريخية التي نعيش واحدة منها في هذه الفترة.

الحال، أنّ السلوك بدائي عند رأس السلطة وحواشيها اللبنانيين، على حد سواء. يرتبكون بالجملة، وتضيع المقاييس والرتب والأوزان. وبدلاً من وجود مرشد واحد يعطي الإشارة فينطلق الأتباع كلٌ على هواه وطريقته، ضاعت الآن "الصفّيرة" وانتشت الدربكة.. والمعضلة الفعلية راهناً، تكمن في إقناع مسيو عون، أنّ "المؤامرة" الكونية على حليفه الدمشقي، وعلى خط الممانعة الموصول بلا تقطيع من طهران إلى الضاحية إلى الرابية، لم تنتهِ فصولاً بعد. وأنّ أصحابها جدَّدوا شبابهم ودعّموا صفوفهم وبعثوا إشارات إلى استمرارهم.. وهي إشارات كافية لأن يقول الأسد شخصياً إنّ القصّة طويلة!

للمرة الأولى منذ اندلاع الثورة السورية الكبرى هذه، يقول الأسد جملة منطقية.. طبعاً لم يقل تتمتها الطبيعية: القصّة الطويلة تعني أنّ نهاية النظام قريبة وتتأكّد يوماً بعد يوم. أم أن الأمر ليس كذلك مسيو عون؟!

السابق
صندوق يحتوي صاروخاً وتي ان تي في الأشرفية
التالي
خط أحمر