السفير: بوارج الكهرباء في مهب الضغوط المالية.. والمطالب التركية

مع استمرار التباين السياسي حول ملف الإنفاق الحكومي بقيمة 8900 مليار ليرة، يبرز السؤال الآتي: ماذا يعني تأخير البت بهذا الموضوع، وما هو حجم ارتداداته على وضع المالية العامة، ولاسيما ما يتصل بالشؤون المعيشية والاجتماعية والحركة الاقتصادية وملف الخدمات وفي مقدمه «بواخر الكهرباء»؟
ينذر عدم فتح الاعتمادات بوقف كل النفقات العامة، ما عدا الرواتب والأجور للموظفين. فالتأخير يعني وقف كل النفقات الاستثمارية بما فيها مستحقات الضمان الاجتماعي والمتعهدون والمستشفيات وتقديمات تعاونية الموظفين والمؤسسات الضامنة في الدولة، الأمر الذي سيؤدي حتماً الى ارتفاع الأصوات المطالبة بالمستحقات القديمة والجديدة، كما ينذر بوقف المشاريع في مختلف المجالات، ناهيك عن التهديد بوقف الخدمات والتقديمات في العديد من القطاعات ولاسيما القطاع الصحي.
كما أن النفقات الإدارية الضرورية لتسيير أعمال الإدارات والمؤسسات العامة والمستقلة والمشاريع العامة الاستثمارية، ومنها قطاعات المياه والكهرباء والخدمات، باتت مهددة بالتوقف بسبب عدم فتح الاعتمادات، بما في ذلك وقف كل أعمال التجهيز والصيانة من المدارس إلى المؤسسات الصحية والتربوية التابعة للدولة أو المستفيدة منها.

وزير المال: وقف النفقات
ويقول وزير المال محمد الصفدي لـ«السفير» إنه «في انتظار إقرار الاعتمادات الإضافية، ستتوقف كل النفقات ماعدا الرواتب والأجور للموظفين والمتعاقدين والمتقاعدين في القطاع العام. واما الباقي، فيستمر على أساس القاعدة الاثني عشرية حسب موازنة العام 2005 التي تشكل حوالى 10 آلاف مليار ليرة، أي ما يقارب نصف نفقات العام 2011، وتاليا نفقات العام 2012. ومن شأن ذلك ان يعطل الكثير من الأمور الأساسية، وينعكس على النشاط الاقتصادي، نتيجة تأثير النفقات العامة على تحريك بعض المشاريع من خلال حصة الدولة التي تضخ في النشاط الاقتصادي».
ويلفت الصفدي الانتباه، في ما خصّ موازنة العام 2012 الى انه «يجري تعديلات عليها وفق النفقات المستجدة جراء كلفة تصحيح الأجور للقطاع العام، والبالغة حوالى 1700 مليار ليرة، إضافة إلى تعديلات طفيفة على بعض الرسوم والضرائب كالضريبة على القيمة المضافة والرسوم العقارية، والضريبة على الفوائد المصرفية. علماً أن الثلث الأول من موازنة العام 2012 انقضى، مما استوجب اعتماد النفقات على أساس معدلات العام 2005، وهو أمر سينعكس على النفقات الاجتماعية كما الاستثمارية».
والجدير ذكره أن النفقات الإضافية المطلوبة للعام 2012 لن تكون أقل من 8900 مليار ليرة، كما هي الحال بالنسبة لمشروع اعتمادات العام 2011، ما يعني بروز مشكلة جديدة خلال الفترة المقبلة لعدم كفاية الإيرادات لتغطية النفقات. أما بالنسبة إلى تمويل المحروقات والفاتورة النفطية للكهرباء، فهي تخضع لاتفاقات من دولة إلى دولة مع الكويت والجزائر، ويقوم «مصرف لبنان» بتأمين الاعتمادات اللازمة، كما تخضع لتسهيلات معينة في فترات التسديد والتعاقد على الشحنات وفق برامج محددة مسبقاً.
غير ان الانعكاس الأكبر سيكون على عملية تجهيز قطاع الكهرباء والمياه، وتحسين مخصصات الدعم للقمح والمحروقات ، ولا سيما صفقة استئجار البواخر، في حال تمت، على اعتبار أن المرحلة الأولى تحتاج إلى مخصصات من داخل الموازنة وخارجها، وهي تتعرّض لنقاط تأخير وخلافات حول بعض الشروط والتعديلات المالية.

خلافات تهدد صفقة البواخر
وفي هذا السياق، توضح مصادر مواكبة لملف استئجار بواخر الكهرباء لـ«السفير» أن «المفاوضات الجارية حالياً مستمرة، ولكنها تنذر بإمكان وقف الاتفاق الذي وافقت عليه اللجنة الوزارية برئاسة رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، ما يعني تطيير عملية استئجار البواخر بشكل كامل».
وتقول المصادر إن اللجنة الفنية الفرعية المنبثقة عن اللجنة الوزارية، «تتابع التفاوض حول بعض النقاط، لاسيما أن الشركة التركية («كاراديليس») طلبت من اللجنة الوزارية بعض التسهيلات مقابل تخفيضها أسعار الإيجار والتشغيل، بعضها ما زال محل اعتراض من قبل بعض الأعضاء، نظراً للكلفة المالية.
وعلمت «السفير» من مصادر اللجنة أن مطالب الشركة التركية تتمحور حول الآتي:
– طلب دفعة أولى من بدل الإيجار توازي 25 في المئة من قيمة العقد، وهو طلب كانت وافقت عليه اللجنة الوزارية، مع شرط لوزير المال أن تضع الشركة التركية لقاء ذلك، كفالة مصرفية تلافياً لأي خلل. وهو أمر لم يبت بعد.
– طلب إعفاءات ضريبية كاملة عن عملها في لبنان، وهو أمر حوله خلافات.
– طلب فتح اعتمادات لها لمدة سنة أو 9 أشهر على الأقل بصورة مسبقة ودورية، وهذا الأمر موضع اعتراض، على اعتبار أنه إذا كان على الدولة أن تدفع مسبقاً 25 في المئة من الصفقة وفتح اعتماد سنوي، أي أكثر من 200 مليون دولار مسبقاً، فما هو سعر الباخرة لو أرادت الدولة شراءها؟
– إدخال بند إفادة الشركة من نسبة بدلات التضخم في الغلاء والأسعار، وهو أمر ترفضه وزارة المال نظراً لكلفته غير المعروفة.
وقالت مصادر مواكبة لهذا الملف لـ«السفير» إنها «غير واثقة من إنهاء التفاوض قريباً»، وأعربت عن تخوفها «من أن تؤدي العقبات التي تطرح بين وقت وآخر، إلى فشل إتمام العقد بفعل التأخير الحاصل، مما قد يطيّر بواخر الكهرباء كلياً».
الا ان المصادر نفسها تؤكد رداً على سؤال أن «لا خوف من تأخر وصول البواخر في حال تمت العقود خلال فترة وجيزة، على اعتبار أن الشركة التركية كانت نقلت بشرى إلى اللجنة الوزارية اللبنانية تقول فيها إن باخرة جاهزة تصل خلال شهر حزيران إلى لبنان، وليس خلال أربعة أشهر كما يقول التعهد في دفتر الشروط».

اضراب السائقين العموميين
مطلبياً، تمكن السائقون العموميون أمس، برغم التجاذبات التي سبقت إضرابهم بين مؤيد ومعارض، من شلّ حركة السير لساعات في العاصمة، إذ انطلقت تظاهرتان من منطقة الكولا إلى السرايا الحكومية، الأولى سيراً على الاقدام، والأخرى سيّارة شارك فيها مئات من سائقي الأجرة والحافلات.
أما في المناطق فتباين المشهد، حيث التزمت مناطق الاضراب بنسبة عالية، وأخرى كان الاضراب فيها خجولاً. وتخللت الاضراب تظاهرات واعتصامات في الساحات العامة، وقطع طرق كما حدث في طرابلس وصــيدا والنبطــية وصور.
في هذه الأثناء، هدأت التحركات على جبهة المدرسين المتعاقدين في التعليم الأساسي، بعد تبني رئيس مجلس النواب قضيتهم، وتحقيق مطلبهم الأساس المتمثل في سحب مشروع قانون المباراة المفتوحة خلال أسبوع، بعد إضراب استمر من 17 الجاري حتى 25 منه.
وفي مقابل تريث رابطتي اساتذة التعليم الثانوي والتعليم المهني والتقني في إعلان الإضراب لمدة أسبوع إفساحا في المجال أمام الاتصالات الجارية، بدأت الّلجنة العليا للأساتذة المتعاقدين في التعليم المهني والتقني في تنفيذ إضراب يستمر ثلاثة أيام، (الخميس والجمعة والسبت)، على أن ينفذ عند الحادية عشرة والنصف من قبل ظهر اليوم اعتصام أمام وزارة التربية في الأونيسكو للمطالبة بتثبيتهم في ملاك وزارة التربية .

السابق
النهار: الحريري وجنبلاط يشكلان قبل اللقاء جبهة رافضة للنسبية
التالي
امر عمليات طالع؟